◄ الاحتفاء بنزوى عاصمة للثقافة الإسلامية يبرز الإرث الحضاري لعُمان
◄ محاضرات وحفلات توقيع الكتب تجذب شرائح مختلفة للاطلاع على "خير جليس"
مسقط - العمانية
يعد معرض مسقط الدولي للكتاب إحدى أكبر التظاهرات الثقافية في السلطنة التي تستحق الثناء والتقدير حيث يمثل فرصة كبيرة للالتقاء والمعرفة والحوارات الثقافية، وتلاقي الأفكار والمبدعين والمثقفين عبر فعاليات ثقافية متنوعة تقام فيه، كما يعد المشهد الثقافي العماني الأجمل لا سيما أنّ هناك مؤسسات وطنية ترعى هذا الحراك الثقافي المهم.
ويأتي معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته العشرين هذا العام والذي تختتم فعالياته غدًا السبت، متزامنًا مع الاحتفاء بنزوى عاصمة للثقافة الإسلاميّة، التي تقف كضيف شرف للمعرض بكل شموخ تحكي تاريخها الفكري المتعمق الجذور وتروي حضارة شامخة بكل مفردات العلم والمعرفة وشتى أصناف الفكر الإنساني في جناحها الذي يحوي العديد من الإصدارات عن هذه المدينة التاريخية وبعض اللوحات التي تنقل بالصورة معالمها البارزة.
وأقيم المعرض هذا العام على مساحة إجمالية تبلغ 7848 متراً مربعاً وتغطي 872 جناحاً من السلطنة ومختلف دول العالم تتنوع مضامينها بين الإصدارات الأدبية والثقافية والعلميّة والدينية والإسلامية واللغوية والفنيّة والسياسية والاقتصادية وغيرها من المواضيع والمجالات إضافة إلى كتب الأطفال.
وشهد معرض مسقط للكتاب في دورته الحالية العديد من الفعاليات والأنشطة المتنوعة الثقافية والأدبية، إضافة إلى تخصيص فعاليات وأنشطة متنوعة خاصة بالأطفال وذلك بتخصيص ركن خاص بهم. وقد شارك في المعرض أكثر من 633 دار نشر عبر المشاركة المباشرة أو التوكيلات وقد بلغ عدد الدور المشاركة بشكل مباشر 481 مشاركاً من 24 دولة كما بلغ إجمالي العناوين المدرجة بالموقع أكثر من 180,000 مائة وثمانين ألف عنوان متاحة عبر محرك البحث بالموقع الإلكتروني للمعرض الانترنت.
كما شهد معرض الكتاب هذا العام مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في تفعيل دوره تجاه الفعاليات الثقافية حيث نظم البرنامج الثقافي بالتنسيق بين لجنة معرض مسقط الدولي للكتاب وعدد من المؤسسات الثقافية بالسلطنة وهي النادي الثقافي والجمعية العمانية للكتاب والأدباء والجمعيّة العمانية للمسرح والجمعيّة العمانيّة للمكتبات والمعلومات ووزارة التربية والتعليم وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنيّة وجمعيّة التصوير الضوئي والجمعية العمانيّة للسينما والمنتدى الأدبي والجمعيّة العمانيّة للفنون التشكيلية ولجنة نزوى عاصمة للثقافة الإسلامية ومشروع القانون والحياة والكليّة العلميّة للتصميم واللجنة الوطنية لشؤون الأسرة وصالون مساءات أدبية وصالون فاطمة العليان الأدبي.
وأقيم ضمن فعاليات معرض الكتاب هذا العام عدد من الندوات والمحاضرات والفعاليّات الثقافية في قاعتي ابن دريد والعوتبي، فقد أقيمت محاضرة بعنوان الأثر الأكاديمي للأمم المتحدة قدمها الأستاذ رامو دامودارن نائب مدير الشراكة في الأمم المتحدة أمين عام وسكرتير لجنة الأمم المتحدة للمعلومات تحت رعاية معالي الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام وبحضور عدد من أصحاب السعادة والمهتمين.
وقد أشاد المحاضر في محاضرته بالاهتمام الذي يوليه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- للعلم والمعرفة وتقدير دورهما في رفع الوعي العام للمواطن، مؤكدا أنّ معرض مسقط الدولي للكتاب في دوراته السنويّة خير دليل على ذلك الاهتمام، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنّ التطوّر الكبير الذي يعيشه المواطن العماني مرتبط بالسياسة الحكيمة والفكر الثقافي الذي يسود السلطنة.
وأنهى دامودارن محاضرته بالتأكيد أنّ للكتاب المطبوع رونقاً وتأثيراً خاصاً على القارئ على الرغم من وجود الكتاب الإلكتروني وانتشاره بشكل كبير في المجتمعات المعاصرة إلا أنه يظل للكتاب المطبوع متعته التي لا تزول.
تجديد الفكر الإسلامي
كما قدّم معالي الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم إسيسكو في معرض مسقط للكتاب هذا العام محاضرة بعنوان التحديث وتجديد الفكر الإسلامي.
وقال التويجري إنّه سوف تظل قيمة تجديد الفكر الإسلامي وأثره على تحديث مناحي الحياه تشغل اهتمام العلماء والباحثين في مجالات العلوم الإسلاميّة والفكر الإسلامي على أكثر من مستوى، وهو مظهر من مظاهر الحيوية الفكرية والثقافية التي تعبر عن الحرص على التجديد لدى أهل العلم والفقه والفكر ممن يشتغلون بقضايا الإصلاح على صعيد العالم الإسلامي استنادا إلى الفهم العميق لمقاصد الشرع الحنيف والوعي بالمتغيّرات والتحدّيات التي يعرفها عصرنا والإدراك لمتطلبات التطور الذي من شأنه أن ينقل المجتمعات الإسلامية من مرحلة الضعف إلى مرحلة القوة.
من جانبه، أقام المنتدى الأدبي محاضرة ثقافية بعنوان منهجية الشيخ محمد بن عبدالله الناعبي في الكتابة من خلال سيرة العلماء، تمّ فيها مناقشة سيرة الشيخ محمد بن عبدالله الناعبي من خلال الحديث عن نسبه ونشأته وتعليمه وآثاره العلمية ووفاته.
كما أقيمت ضمن فعاليات المعرض ندوة عن علماء نزوى ودورهم في الإنتاج الفكري، قدمها الشيخ الخطاب بن أحمد الكندي مستشار وزيرة التعليم العالي لشؤون الكليّات وأقيمت ندوة فلسفيّة بعنوان قراءة في كتاب أوراق الوعي للكاتب العماني محمد بن عبدالله العجمي؛ حيث قدّم الكاتب عرضًا ملخصًا للكتاب وقصّة الكتاب، وكيف بدأ الكاتب الاهتمام بموضوع الكتاب وهو الفلسفة ومفاهيمها وجوانبها المختلفة.
وقدّمت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ورقة عمل عن أهميّة الوثائق في حفظ التاريخ العماني تحدثت فيها عن مشروع التاريخ الشفوي وعمليات صيانة وترميم الوثائق والمحفوظات وكيفيّة المحافظة عليها إضافة إلى التعريف بالوثائق الخاصة وذكر أهميتها.
كما أقيمت أمسية ثقافية نظّمها صالون مساءات الثقافي بمشاركة السيّد عبدالله بن حمد البوسعيدي مؤسس صالون الفراهيدي وسعادة الشيخ حمد بن هلال المعمري مؤسس مجلس العوتبي بإدارة الشيخ أحمد بن عبدالله الفلاحي وكانت الأمسية بحضور معالي الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام وعدد من أصحاب السعادة وبعض من الأدباء والمفكرين.
وقد تحدّث فيها السيد عبدالله بن حمد البوسعيدي مؤسس صالون الفراهيدي عن فكرة إنشاء صالونه الثقافي عندما كان سفيرًا للسلطنة في جمهورية مصر العربية، وذلك امتداداً للدور الثقافي البارز الذي تعتز به الأوساط الفكرية في القاهرة؛ حيث كان المحاضرون على امتداد حلقاته من صفوة أساتذة الجامعات في فروع المعرفة الإنسانية المختلفة وأوضح البوسعيدي أنّ اختياره اسم الخليل بن أحمد الفراهيدي لصالونه الثقافي جاء رمزًا لهذا التكامل والتواصل الثقافي.
كما تحدّث سعادة الشيخ حمد بن هلال المعمري في الأمسية الثقافيّة عن فكرة إنشاء مجلس العوتبي في المملكة الأردنية الهاشمية، وأنّ تسميته جاءت للتنويه بجهود نخبة من الأردنيين في تحقيق كتاب الإبانة في اللغة العربية الشريفة لعالم اللغة العماني أبي منذر سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري من علماء القرن الخامس الهجري، وهو معجم لغوي متميّز في فوائده ومستواه ومنهجه ومحتواه.
وأقيمت في معرض مسقط الدولي للكتاب هذا العام ندوة علمية بعنوان كتاب قاموس الشريعة بقاعة ابن دريد ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لفعاليات المعرض في دورته العشرين.
وقد تحدث في الندوة سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي الأمين العام بمكتب الافتاء وتطرّق في حديثه إلى عدة محاور أبرزها النشاط العلمي والتوسّع في التأليف في السلطنة خلال الفترة الممتدة من القرن الأول الهجري إلى القرن الرابع الهجري وأبرز من ظهر من العلماء فيها، كما تطرق سعادته إلى توسع وانتشار المؤلفات العمانية في عهد العوتبي حيث ألف ما يقارب 24 مجلدًا.
وفي إطار الفعاليات الثقافية التي أقيمت بمناسبة معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته العشرين عقدت ندوة حول القانون والحياة الأنظمة الأساسية نظمتها مؤسسة القانون والحياة، ناقشت ثمانية محاور أساسية وهي نظرة عامة على التطوّر الدستوري لدولة الكويت كنموذج خليجي والجدليات الثلاث للأنظمة الأساسية وهي تفرد إحدى السلطات بالسلطة واستقلال الانتخابات وشروط المترشّح في الانتخابات، إضافة إلى الحديث عن مشاركة الشباب وعلى من يقع الدور في الاهتمام بهم.
وتنوّعت فعاليات الطفل بمعرض مسقط الدولي للكتاب هذا العام بين فعاليات ثقافية وعلميّة متنوعة؛ حيث أقامت وزارة التربية والتعليم حلقة عمل حول أدب الطفل نظمها قسم تطوير مناهج اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم.
وقد أقيمت هذه الحلقة لتنمية المواهب وقدرات الطلاب على التخيّل والرسم، وكان الهدف منها محاولة إيجاد علاقة بين القصّة الشفوية المسموعة ومواهب الطلاب في الرسم ومحاولة الوقوف على خصوصيات الرسم عند الأطفال لمعرفة كيف يرسم الطفل الشخصيّة التي يسمعها وكيف يتخيل المشاهد.
كما قدّمت مكتبة الطفل في معرض مسقط الدولي للكتاب قراءات متنوعة للأطفال تضمنت قصصاً وكتباً خاصة لهم تساعدهم على القراءة بالشكل السليم كما تم توفير ركن مرسم الطفل؛ حيث يقوم الأطفال فيه بالتعبير عن إبداعاتهم من رسم وتلوين.
يشار إلى أنّ صاحب السمو السيّد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة افتتح معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته العشرين وسط ترقب الجماهير في السلطنة لمئات الإصدارات العمانية الحديثة التي تمّ تدشينها في المعرض وغيرها من الإصدارات الدولية. وشهد معرض مسقط الدولي للكتاب هذا العام توقيع عدد كبير من الإصدارات والكتب التي يوقعها مؤلفوها سواء الكتّاب العمانيون أوغير العمانيين بقاعة الفراهيدي بالمعرض. كما تمّ في المعرض هذا العام ولأول مرة تدشين المركز الإعلامي المتخصص برئاسة سعادة علي بن خلفان الجابري وكيل وزارة الإعلام حيث شهد المركز حركة دؤوبة من قبل عدد من الإعلاميين الذين يقومون بنشر وبث أخبار المعرض والفعاليات المصاحبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.