عيدُك يا وطن

حاتم الطائي

◄ مسيرة النهضة المتجددة تتواصل برؤية سلطانية حكيمة ودعم شعبي لا محدود

◄ الترقيات وتثبيت أسعار الوقود نشرت الفرحة بين جموع المواطنين

◄ علينا الحفاظ على المكتسبات عبر العمل الجاد دون توقف

 

الأفراح النوفمبرية لم تتوقف منذ اليوم الأوَّل لهذا الشهر السعيد الذي يحتضن في الثامن عشر منه عيدنا الوطني المجيد للنَّهضة، فإلى جانب أنَّ حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- سيشهد الاحتفال بهذا اليوم الأغر، مع تفضل جلالته برعاية العرض العسكري يوم الخميس المُقبل، فقد انطلقت مسيرة الفرح وتفجرت ينابيع البهجة مع الإعلان عن التوجيهات السُّلطانية الكريمة بترقية أكثر من 28 ألف موظف بوحدات الجهاز الإداري للدولة، وتثبيت أسعار وقود المركبات عند مستوى أكتوبر 2021، إلى جانب مجموعة من الإجراءات الأخرى، كلها أسهمت في إطلاق البسمة على مُحيا كل عُماني وعُمانية يعيش على هذا التراب الطاهر.

عيدك يا وطن.. هكذا يأتي نوفمبر دائمًا مُحمّلًا بنسمات وطنية عليلة تزكي النفس، وتنشر في الروح الحبورَ.. يهل علينا نوفمبر ببشريات التقدم والازدهار، فنتمنى لو أنَّ العام كله نوفمبري، لكي ينعم كل مُواطن بالمكرمات الوطنية، وتعم الفرحة أنحاء عُمان بحرًا وجوًا وبرًا. ففي هذا الشهر يحتفل الجميع بهذه المناسبة الوطنية الغالية على كل عُماني وعُمانية، وما أجملها من مُناسبة في هذا العام الذي يوافق مرور 51 عامًا على مسيرة النهضة الحديثة. نحتفل هذا العام بعيدنا الوطني وبلادنا تنعم- بفضل الله- بالتَّعافي الكبير من جائحة فيروس كورونا، على الرغم من المخاطر التي ما زالت تُهدد جهود المُكافحة على مستوى العالم، الذي نحن جزءٌ منه، فقد نجحت الجهود الوطنية والمجتمعية في تجاوز ما سبق من تحديات، وكُلنا يقين أننا قادرون على تخطي أية صعاب مستقبلية، خاصة وأنَّ نسب التطعيم باللقاحات المضادة للوباء، بلغت مستويات مُرتفعة ناهزت الـ93% من الفئات المستهدفة، وهو ما يفرض علينا أن نُحافظ على هذا التقدم الكبير، في وقت تئن فيه دول عدة حول العالم من ذروة موجة تفشٍ أجبرت بعض الحكومات على العودة إلى الإغلاقات الجزئية مرة ثانية.

وعندما نتحدث عن الأفراح النوفمبرية، فلقد كان للتوجيهات السامية خلال ترؤس جلالة السُّلطان المفدى- أبقاه الله- لاجتماع مجلس الوزراء المُوقر، عظيم الأثر في نشر السعادة بأنحاء الوطن، فالآلاف من المُوظفين في الحكومة كانوا يتطلعون بشغف لصدور هذه التوجيهات، وهم الذين لم يحصلوا على ترقياتهم منذ 2011، لأسباب يعلمها الجميع وكانت خارجة عن إرادة الحكومة، التي سعت بكل جهدها لكي تُحافظ على معدلات إنفاق رشيدة، في ظل التَّراجع الكبير في الإيرادات نتيجة لتذبذب أسعار النفط، وما صاحبه من تداعيات جائحة كورونا. ولكن ولأننا دولة تستفيد من المحن في خلق الفرص، فقد نجحت السياسيات المالية الرشيدة في تقليص عجز الميزانية تدريجيًا، وضبط الإنفاق العام، وتعزيز الموارد المالية للدولة، خاصة غير النفطية منها. فعلى الرغم من أنَّ برنامج التوازن المالي لم ينته بعد، إلا أننا بدأنا في جني ثماره اليانعة، الأمر الذي يُؤكد مدى نجاعة هذا البرنامج والإيجابيات التي حققتها سياسة الترشيد.

التوجيهات السامية استهدفت- بلا شك- الإنسان العُماني، سواء بصورة مُباشرة من خلال اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمُساعدته على العيش الكريم، من خلال الترقيات وكذلك تثبيت أسعار وقود المركبات، أو بصورة غير مُباشرة من خلال الإجراءات الخاصة بتخفيض وإلغاء رسوم عن بعض القطاعات الاقتصادية، والذي سينعكس بالإيجاب على قطاع الأعمال، وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. إذن نحن أمام إجراءات تدعم الأفراد والقطاع الخاص، في ثنائية تستهدف دفع جهود التقدم نحو مزيد من الانتعاش الاقتصادي.

وإذا نظرنا إلى ما تضمنته هذه التوجيهات السامية أيضًا، نجدُ أنها تواصل جهود الإصلاح الإداري التي يقودها جلالة عاهل البلاد المُفدى، وانطلقت منذ تولي جلالته مقاليد الحكم، فإنشاء وحدة مُستقلة تتبع جلالة السلطان لقياس أداء المؤسسات الحكومية، خطوة كبيرة للغاية على سبيل الإصلاح الإداري، إذ لم يعد الأمر فقط تحت إشراف حكومي؛ بل الإشراف بات سلطانيًا، ومن ثمَّ ستدرك كل وزارة ومؤسسة وهيئة حكومية أنَّ جلالة السلطان المُعظَّم- أعزَّه الله- يُتابع بنفسه جودة الأداء، وهذا مما لا شك فيه يضمن أعلى مستويات الإنجاز والكفاءة في العمل.

أمر آخر وجه جلالته بإنشائه، وهي وحدة دعم واتخاذ القرار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، لتكون بمثابة "بيت الخبرة" الحكومية، ومركز الأبحاث والدراسات الرسمي في الدولة، أو كما يحدده المصطلح الإنجليزي "Think Tank"، وهنا يكون دور هذه الوحدة رفد الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالآراء والدراسات حول مختلف القضايا والقرارات الوزارية قبل صدورها، إلى جانب العديد من المهام البحثية التي تُعزز من كفاءة القرارات الحكومية.

وختامًا.. إنَّ العيد الوطني الحادي والخمسين المجيد للنهضة يأتينا ونحن في حالٍ أفضل من ذي قبل، بفضل ما تحقق من منجزات، وما ننعم به من مكتسبات وطنية، استهدفت المُواطن أولًا وأخيرًا، كي يحيا في عيشة آمنة ومستقرة.. فحريٌ بكل عُماني وعُمانية أن يبذل الغالي والنفيس من أجل تقدم ورقي هذا الوطن، والحفاظ على المُنجزات؛ إذ إنَّ الأمم لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها الأبرار.. وإننا في هذه الأيام السعيدة، لنرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات للمقام السامي لجلالة السُّلطان المُعظَّم- أيده الله- مُعاهدين جلالته على مُواصلة العمل من أجل الإسهام في مسيرة النَّهضة المُتجددة، مُوقنين بأنَّ النجاح حليفنا والتوفيق رفيق دربنا نحو مزيدٍ من الرخاء والازدهار والنماء في ربوع الوطن.