فايزة سويلم الكلبانية
تساءل البعض حول أهمية تصميم جناح خاص للسلطنة في المعرض الدولي الأوَّل والأكثر شهرة في العالم "إكسبو 2020" والذي يُقام في نسخته الحالية بإمارة دبي في دولة الإمارات، وأن يُكلف الدولة أموالًا كبيرة، في ظل ارتفاع الدين العام والعجز المالي وتذبذب الأوضاع المالية، فضلا عن الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها الجميع.
البعض يقول: أليست 20 مليون دولار مبالغة في مصاريف التكلفة التقريبية لجناح السلطنة بحيث يشمل المبلغ الفترة التشغيلية لمدة 6 أشهر، والإدارة والتجهيزات التقنية والإشراف، إلى جانب البناء والتجهيز؟
لقد شاهدنا جميعًا أن جناح السلطنة في إكسبو دبي، يتميز بتصميم معماري فريد للغاية مستوحى من شجرة اللبان، ويدور الجناح العماني حول ارتباطها التاريخي بالإنسان والإرث العماني، من تصميم المعماريتين رحاب الزكوانية وعلياء البطاشية، وحسبما صرح مفوض عام السلطنة في إكسبو 2020 دبي، سعادة محسن بن خميس البلوشي بأن العمل الفعلي لبناء الجناح العُماني استغرق نحو ما يزيد عن العامين، بتكلفة تقريبية بلغت نحو 20 مليون دولار.
ومع التصديق والاعتراف الكامل بأهمية شجرة اللبان اقتصاديا وتاريخيا، لكن- يتساءل البعض- هل كنَّا بحاجة إلى الترويج لشجرة اللبان بهذه المساحة الشاسعة، وبهذا القدر الكبير اليوم في ظل التركيز على التقنية والتحول الرقمي وانتعاش الاقتصاد وجذب الاستثمارات، وعلى مدار 6 أشهر من العمل؟ أم إننا كان من الأجدر بنا اختيار نموذج آخر يكون أكثر جذبًا واستشرافًا للمستقبل للاستثمار والمستثمرين ويسهم في انتعاش الاقتصاد والتعريف بالسلطنة؟!
الحق ومن باب الإنصاف أنني وخلال تقييمي المتواضع للفترة الزمنية الماضية من الفعاليات المصاحبة لجناح السلطنة، ومستوى الزوار والإقبال على الجناح، أستطيع القول إنَّ جناح السلطنة في إكسبو دبي قادر على اقتناص الفرص الاستثمارية الأجنبية للسلطنة في مواقع فريدة ونوعية مثل: الدقم والمناطق الحرة في صلالة وصحار والمزيونة ومسندم وميناءي صلالة وصحار، كما هو متوقع. وإننا بحاجة لتفعيل خطط بديلة مصاحبة للمعرض لتحقيق الأهداف المرجوة واستغلال هذا التجمع العالمي الذي لا يتكرر سوى كل 4 سنوات!
والسؤال: هل سنشهد إعلانا لنتائج هذه الجهود في أواخر مارس 2022 مع انتهاء فعاليات المعرض الدولي، وأن يتم توقيع اتفاقيات عمل ومشاريع بين السلطنة ودول العالم المختلفة في قطاعات مختلفة اقتصادية وثقافية واجتماعية واستثمارية أو غيرها؟
وأودُ أن أضيف إلى أسئلة المجتمع، ما يلي: كيف يمكننا الاستفادة من حضور السلطنة في إكسبو 2020 دبي بصورة أكبر؟ وهل سيكون العائد المخطط له بقدر هذه التكلفة لاحقًا؟!
ولا سيما وأن عدد زوار جناح السلطنة في إكسبو 2020 دبي خلال الأيام الـ9 الأولى من افتتاحه 111 ألفًا و706 زوار، بمتوسط يومي وصل إلى 12 ألفًا و400 زائر، ما يُعد مؤشرًا ممتازًا خلال الأسبوع الأول من الافتتاح. ومن المتوقع زيادة الأعداد خلال الشهر القادم مع تحسُّن المناخ العام، مما يُعطي للزائر أريحية أكثر لزيارة عدد كبير من الأجنحة، ومن المتوقع أن يبلغ عدد زوار معرض إكسبو دبي أكثر من 25 مليون نسمة من كافة دول العالم.
وهنا لابُد من مضاعفة الجهود لجذب عدد من الشركات والاستثمارات الأجنبية للحصول على حصة من مشاريعها في قطاعات مختلفة أهمها قطاعات السياحة والتجارة ولا سيما تجارة التجزئة، والفنادق والمطاعم العالمية، والعقارات، والتي غالباً ما تسجل حضورا عالميا أكبر ولاسيما الشركات الأوروبية منها.
لا بُد من التحسين في الميزات والضوابط والقوانين لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتفعيل مزايا المحطة الواحدة للدقم وغيرها من المناطق الحرة، كذلك لابد وأن يكون لجهاز الاستثمار والشركات التقنية حضور فاعل للتعريف بالفرص الاستثمارية التقنية بالسلطنة والابتكارات بمختلف المؤسسات العاملة في هذا الجانب، كما نقترح أن يتم أيضًا الاستفادة من موقع السلطنة كونها قريبة من الحدود الإماراتية في تسيير رحلات استكشافية وتنظيم زيارات لزوار الجناح وتسهيل دخولهم للسلطنة للتعريف بالمواقع السياحية والأثرية، وعدد من الزيارات بهدف الاستثمار والتعريف بالفرص الاقتصادية التي تتميز بها السلطنة، ولو بمقدار رحلتين في الأسبوع ترفيهية والأخرى للتعريف بالفرص الاستثمارية وتستهدف فئات معينة يتم تنسيقها عبر التواصل مع الأجنحة الأخرى المستهدفة لسوق السلطنة بالتنسيق مع الجهات المعنية، والاستفادة من التطورات التقنية بالدول، واللقاءات الثنائية بين أصحاب الأعمال، وتسيير رواد الأعمال من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أو تسيير رحلات من السلطنة إلى إكسبو والعكس أسبوعيًا وتسهيل الدخول لمن يهمهم الأمر للاستفادة من الفرص المتاحة.. لابُد أن لا تمر كل هذه الفرص علينا إلا بحصاد وفير.