تثبيت أسعار الوقود

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

الجميع تقريبًا يُتابع بشغف الارتفاعات المُتواصلة في أسعار النَّفط، سواء في خام نفط عُمان، أو الخامات المعيارية مثل "برنت"، والذي قفز إلى ما فوق 80 دولارًا للبرميل، وذلك لأوَّل مرة منذ 2018، وكذلك الحال مع الخام العُماني.

توقعات المحللين  من الخبراء الاقتصاديين والمستثمرين تذهب إلى أنَّ هذا الارتفاع في الأسعار يعود إلى ارتفاع الطلب على الخام، نتيجة عودة الحياة الطبيعية في معظم الأسواق حول العالم، والبعض يتحدث عن أزمة في سلاسل التوريد.. أيًا كان السبب والدافع وراء الارتفاع، فالجميع يستبشر خيرًا بأيِّ زيادة في سعر الذهب الأسود، خاصة وأنَّ عائدات التنويع الاقتصادي تحتاج لمزيد من الوقت، حتى تصل لمستويات مؤثرة في بند الإيرادات بالموازنة العامة للدولة. ولعل أكثر ما يُبشر في هذا السياق، توقعات بنك جولدمان ساكس بأن يصل سعر خام برنت إلى 90 دولارًا بنهاية العام الجاري؛ أي في غضون 3 أشهر تقريبًا.

لكن السؤال الذي بات يفرض نفسه، خاصة للمواطن البسيط، كيف سينعكس ذلك علينا نحن كمواطنين نواجه الكثير من التحديات المالية في حياتنا المعيشية؟

ولذلك أطلق عدد من المُغردين مطالبات عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبر هاشتاج (#تثبيت_سعر_الوقود_مطلبنا)؛ فالمواطن اليوم أصبح لا يعرف هل يفرح بارتفاع أسعار النفط أو يحزن نتيجة لعلمهم بأنَّ ارتفاع سعر النفط سيشكل عليهم عبئاً مادياً إضافياً ومُعاناة مستمرة، لكونه سيصحبه ارتفاع في فاتورة الوقود ومن ثم بعض من متطلبات الحياة. لذا جاءت مطالبات المواطنين بضرورة أن تنظر الحكومة في تثبيت تسعيرة الوقود حتى وإن كان التغيير بشكل دوري كل 3 أشهر على سبيل التجربة، وألا يترك باب تغيير السعر مفتوحًا بدون تحديد سقف مُعين لارتفاع تسعيرة الوقود، بالشكل الذي يتناسب مع دخل المواطن في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومختلف الفواتير، علاوة على الضرائب. ولذلك ونتيجة لتعافي الاقتصاد وبداية مرحلة الانتعاش وعودة الطلب وارتفاع الإيرادات، نأمل الاستفادة من هذا المناخ الإيجابي في تحقيق بعض من مطالب المواطن، إلى جانب اتخاذ الخطوات المأمولة على مستوى السياسات العامة، مثل تقليص عجز الميزانية وسداد الدين العام من هذه العوائد المرتفعة.

إننا الآن في مرحلة تعافٍ اقتصادي، مدعومة بمؤشرات إيجابية للغاية فيما يتعلق بالوضع الوبائي، حيث لا وفيات جديدة في الكثير من الأيام، باستثناء يوم أو يومين نسجل فيهما حالة أو حالتين، فضلاً عن الارتفاع الكبير وغير المسبوق في معدلات الشفاء، نتيجة للتراجع الشديد في أعداد المصابين، كل ذلك يمنحنا مزيدًا من الأمل بأن قادم الأيام يحمل لنا الخير والبشرى بانفراجة حقيقية بعد مُعاناة استمرت لأكثر من 18 شهرًا، تعرضنا خلالها لأقسى الضغوط الحياتية والاقتصادية.

إننا بعد ساعات قليلة نبدأ شهرًا جديدًا، بأمل جديد، أمل التعافي والنهوض من كبوة كورونا، ولذا على كل فرد ومؤسسة عامة أو خاصة، أن يبذل قصارى الجهد من العمل والبناء وتعويض ما مضى، والفرصة سانحة اليوم قبل أي وقت آخر، للقيام بذلك، وما علينا سوى التشمير عن ساعد الجد والعمل والاجتهاد بكل طاقتنا من أجل عمان مزدهرة ومتقدمة.

وفي الوقت نفسه إنني أربت على أكتاف شبابنا، بضرورة الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات ومنجزات وطنية، ساهم في بنائها وتشييدها كل أبناء عُمان على مدى الخمسين عامًا الماضية، وأن نكون عونًا للقيادة الحكيمة، لمواصلة مسيرة النهضة المتجددة، والعمل بكل تفانٍ وإتقان من أجل بناء الغد المشرق لوطننا العزيز الغالي، الذي يستحقُّ منا كل البذل والعطاء، ونكران الذات، فعُماننا لن تتقدم إلا بسواعد المخلصين من أبناء هذا الوطن، وكلنا بإذن الله مخلصون رافعون راية الولاء والعرفان لمجدد مسيرة النهضة الحديثة، حضرة صاحب الجلالة السلطان المُفدى- نصره الله وأعزه.