أكد أن ضعف الطلب العالمي وحرب الرسوم الجمركية من أسباب تذبذب أسعار النفط

الريامي لـ"الرؤية": أسعار النفط في 2026 لن تتجاوز 65 دولارا.. ومعدلات الإنتاج في عُمان مستقرة

 

 

التوترات الجيوسياسية والحروب تؤثر على أسعار النفط

توقعات بوجود 4 ملايين برميل فائضًا في المعروض بالأسواق النفطية

قرار "أوبك" تخفيض الإنتاج بـ10 ملايين برميل يوميًا "تاريخي"

التعاون بين "أوبك" و"أوبك بلس" ضروري لضمان استقرار الأسعار

 

الرؤية- سارة العبرية

 

قال علي بن عبدالله الريامي خبير في مجال الطاقة، إن أسعار النفط خلال عام 2025 شهدت تذبذبات مقارنة بالأعوام السابقة، إذ كان متوسط سعر خام برنت حوالي 67 دولارا للبرميل، مقارنة بـ69 دولارا في عام 2024، بينما انخفضت الأسعار في بعض الأشهر إلى نحو 58 دولارًا، في حين كان سعر البرميل في عام 2023 حوالي 82 دولارا، موضحاً أن أسباب ذلك التذبذب قرار أوبك بلس بإعادة الكميات التي كانت مستقطعة بشكل تطوعي من قبل 8 دول من بينها سلطنة عُمان، إلى الأسواق بشكل متسارع، وأن التخارج من هذه الكمية بدأ في أبريل واستمر حتى نهاية أغسطس.

نفط-3-1.png
 

وأضاف أنَّ الأسباب الأخرى تتضمن التوقع بحدوث تخمة في المعروض، حيث زاد العرض بحوالي 3 ملايين برميل، خصوصًا في الربع الثالث، مما شكل ضغوطًا كبيرة على الأسعار، كما ساهم ضعف الطلب العالمي في انخفاض الأسعار، إلى جانب استمرار حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، والأحداث الجيوسياسية وفرض العقوبات على روسيا، مبيناً أنه على الرغم أنَّ بعض هذه العوامل مثل العقوبات يُمكن أن يكون لها أثر إيجابي، إلا أنها كانت ضمن العوامل التي أدت إلى تذبذب الأسعار هذا العام، حيث بلغ متوسط سعر البرميل نحو 67 دولارًا بانخفاض يقارب 15%، وشهدت الأسعار تذبذبًا كبيرًا من يناير حتى ديسمبر، وهذا التذبذب الشهري يعكس هشاشة السوق وقدرته على التأثر بسُرعة بالعوامل الجيوسياسية والاقتصادية."

ويرى الريامي أنَّ مسارات الأسعار في عام 2026 سوف تبقى مضغوطة في حدود 60-65 دولارا تقريبا، إذ يستمر التذبذب خصوصا في الربع الأول والثاني من 2026، ويمكن أن تتحسن في الربع الثالث ولكن التحسن سيكون مرتبطا بالتحسن الاقتصاد الصيني، وبالتالي فإنَّ الطلب على النفط في الصين يمكن أن يكون أكبر في حالة تحسن الاقتصاد وحينها يمكن أن تكون المؤشرات إيجابية، موضحا: "ولكن النظرة العامة فيها نوع من التشاؤم، خاصة وأن هناك لاعبين آخرين موجودين في السوق حاليا وينتجون كميات لا بأس بها من النفط، مثل البرازيل والأرجنتين وغوانا في أمريكا الجنوبية قرب فنزويلا، فكل هذه الأمور يمكن أن تؤثر في أسعار النفط بعام 2026؛ حيث من المتوقع أن نشاهد فائضا في المعروض بالأسواق النفطية في حدود 3 ملايين إلى 4 ملايين برميل وهي كميات كبيرة، وبالتالي فإن الأمر سيكون مرتبطا بقرارات الأوبك والأوبك بلس حول النظرة إلى السوق والتدخل في حالة انخفاض الأسعار أو في حالة وجود فائض كبير في النفط".

وقال الريامي: "يُعد القرار الذي اتخذته أوبك بالتعاون مع أوبك بلس، من أهم القرارات التي نفذتها خلال السنوات الماضية، فقد تمكنت أوبك بلس، من خلال قراءتها الدقيقة للسوق في ذلك الوقت، من إيجاد حل لموضوع المخزونات الذي كان واضحًا بشكل كبير خلال الفترة 2017 – 2019، كما تعاونت أوبك وأوبك بلس لتخفيض الإمدادات إلى الأسواق، ومن القرارات التاريخية التي اتخذت سابقًا، تخفيض الإنتاج بحوالي 10 ملايين برميل يوميًا، ويُعتبر هذا القرار من أنجح القرارات التي نفذتها المنظمة".

كما يؤكد أن استمرار هذا التنسيق والتعاون ضروري لمحاولة إيجاد حلول مستقبلية للحفاظ على التوازن في أسواق النفط وضمان استقرار الأسعار، ومن أبرز مميزات هذا التعاون، مرونة أوبك بلس في اتخاذ القرارات واجتماعها بشكل شهري لمتابعة السوق والتصرف سريعًا حسب الحاجة."

وأشار الريامي إلى أن أمريكا حاليا تنتج في حدود 13 مليون و800 ألف برميل بشكل يومي وهو إنتاج قياسي لديها بالرغم من انخفاض الأسعار، ولو استمرت هذه الأسعار في حدود 60 دولارا أو أقل سوف ينخفض بشكل كبير مضيفا: "لا ننسى احتياج أمريكا من النفط لإنتاج الطاقة في بلادها بحدود 20 -21 مليون برميل يوميا، وهي تنتج 13 مليون  و800 ألف برميل، وبالتالي هناك عجز أمريكي من النفط، وهي تعوض هذا العجز من خلال شراء النفط من الخارج من المملكة العربية السعودية والعراق والكويت والإمارات، وأيضًا من فنزويلا بالرغم من وجود مشاكل سياسية، إضافة إلى كميات عن طريق أنابيب من كندا، وهذا الإنتاج الأمريكي لم يؤثر كثيرا على أسواق أسعار النفط؛ لأن معظمه يستخدم داخليا وهذا يخفف من عملية استيراد النفط، فكلما زادت أمريكا من الإنتاج كلما قلت حاجتها إلى الاستيراد، وبالتالي انخفاض استيرادها للنفط من الممكن أن يؤثر على أسعار النفط".

ويقول الريامي: "في ظل التوترات الجيوسياسية والحروب والصراعات حول العالم تأثرت تجارة النفط، وكان التأثير كبيرا خلال فرض العقوبات على إنتاج النفط في روسيا، ولا تزال هذه العقوبات موجودة حتى الآن وهي تؤثر على الأسعار لكن بأقل من السابق، وعلى سبيل المثال وقت حرب إسرائيل وإيران ارتفعت الأسعار تقريبا إلى 85 أو 90 دولارا خلال الذروة وانخفضت بعد ذلك، وبالنسبة للحرب بين روسيا وأوكرانيا فأثرت على السوق بشكل كبير في بدايتها لكن التأثير انخفض في الوقت الحالي لوجود أمل في التوصل إلى حلول سلمية بين الدولتين، كما انخفضت المخاطر في الشرق الأوسط وبالتالي انخفضت أسعار النفط، لكن إذا زادت حدة الصراعات ستزيد الأسعار".

وتعليقا على تأثير مسارات التنويع الاقتصادي وتوسع الحكومة في مشروعات الطاقة المتجددة على أسعار النفط، يؤكد الريامي: "لا أعتقد أن معدلات إنتاج النفط والغاز ستتأثر بنمو إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة في الوقت الحالي ولمدة قد تصل إلى 15 عاما، بل إن الحكومة تتجه إلى الاستثمار أكثر في الشق العلوي لإنتاج النفط والغاز بأكثر من ما هو حاصل في الوقت الحاضر، فنحن الآن ننتج في حدود المليون و100 ألف برميل من النفط والمكثفات وكميات لا بأس بها من الغاز، وبالتالي فإن استمرار الاستثمار في هذا القطاع هذا دليل على استمرار الحكومة على الاعتماد على النفط والغاز، ولكن الطاقة المتجددة تحتاج إلى فترة زمنية أطول بالنسبة لسلطنة عُمان والعالم حتى نستطيع أن نقول هناك لاعبا أكبر من الطاقة الأحفورية، وإلى الآن لم ننصل إلى هذه المرحلة، فنحن في بداية الطريق وهناك جهود تُبذل ومشاريع تُنفذ لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والطاقة الهوائية ولكن هذا الإنتاج من المصادر لن تؤثر على إنتاجنا للنفط والغاز؛ وحتى لو جرى تقليل الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء فإنِّه من الممكن تسييل الغاز وبيعه وتصديره".

محطة الطاقة الشمسية بصور.jpg
 

 ويبيّن الريامي أن ارتفاع تكلفة الاعتماد على الطاقة المتجددة قد يؤخر مشاريع الطاقة النظيفة قليلا، إذ كان من المؤمل بدء استغلال الهيدروجين والطاقة الهيدروجينية في 2030، إلا أن الأمر قد يتأخر قليلا لأسباب كثير ومن بينها أسباب عالمية تتعلق بالتمويل وتوفر التكنولوجيا والتخزين والشحن، وهي أمور منطقية في ظل الظروف الاقتصادية في العالم، إذ إن الكثير من الشركات خفضت ميزانيتها في الاستثمار بالطاقة المتجددة، وأصبح الاعتماد على إنتاج الوقود الأحفوري من "النفط والغاز والفحم" باق وأكثر من المتوقع في بعض الأحيان.

وقال إنَّ سلطنة عُمان ومن خلال مشاريعها في الدقم لتنويع استخدام النفط والغاز ركزت على الصناعات المتعلقة بالبتروكيماويات، وستزيد هذه الصناعات في السنوات المقبلة من خلال الشراكات مع بعض الدول مثل الشراكة بين عُمان والكويت في المصافي، لافتاً إلى أنَّ الحياد الصفري الكربوني ليس مرتبطا بالتوقع عن إنتاج الطاقة الأحفورية على مستوى العالم، لأن العالم بحاجة إلى استخدام الطاقة الأحفورية إلى ما بعد 2050 وهذا مؤكد من قبل العديد من وكالات الطاقة ومن العديد من الدراسات، لكن سيتم تقليل استخدام هذا النوع إلى 50% وسيستمر إنتاج الدول لهذ الوقود وسيستمر الطلب عليه إلى ما بعد 2050، وستكون المعادلة في الحياد الصفري بها نوع من التوازن.

وتابع قائلا: "هناك دول في إفريقيا وفي آسيا ما زالت تستخدم الوقود البدائي من الفحم والخشب ولم تستطع الوصول إلى الطاقة الأحفورية، فلا يمكن أن ترك هؤلاء والاتجاه إلى الطاقة النظيفة دون أن نضعهم في الاعتبار، فهذا الموضوع يحتاج إلى الكثير من التحليل والتوضيح، مضيفا: "أما الغاز فيختلف وضعه عن وضع النفط؛ فأسعار الغاز الطبيعي في 2025 اتجهت للصعود لأسباب كثيرة ومن بينها: ارتفاع الطلب العالمي وتقلبات الإمدادات خصوصا في أوروبا بسبب انقطاع تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي عن طريق الأنابيب من روسيا، وبالتالي اضطرت أن تشتري الغاز المسال وتبني موانئ لاستقبال الغاز المسال وتشتري هذا الغاز من أمريكا أو قطر ودول شمال إفريقيا، وبالتالي حدث نوع من التغيير في أيدولوجية بيع الغاز إلى أوروبا، وبالرغم من الإنتاج في عامي 2024 و2025 زاد إنتاج العالمي للغاز والعوامل الجيوسياسية، كل ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، والطلب أيضا على الغاز  ارتفع بنسبة تقريبا 2.5% في حدود 4.3 تريليون متر مكعب وهو مستوى قياسي لم تصل إليه من قبل، بينما الإنتاج العالمي زاد تقريبا  في حدود 2.3%".

وعن تأثير حرب أوكرانيا على صادرات الغاز الروسي، أوضح الريامي "حرب أوكرانيا أثرت كثيرا على أسعار واتجاهات الغاز وأدت هذه الحرب إلى تراجع جذري في صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا؛ حيث توقفت الإمدادات عبر أوكرانيا في مطلع 2025، ودفعت روسيا إلى توجيه صادراتها نحو آسيا وزيادة الاعتماد على الغاز المسال، وانقطاع الإمدادات عبر أوكرانيا مع بداية 2025 وتوقف صادرات الغاز الروسي عن طريق الأنابيب من أوكرانيا، وكل ذلك أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة والغاز، وبالتالي أوروبا فقدت أحد أهم مسارات الغاز الروسي وارتفعت الأسعار تقريبا بنحو 20%، وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي خفض اعتماده على الغاز الروسي من حوالي 22%، إلا أن التوقف الكامل في بداية 2025 وعدم التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا لعبور الغاز حول أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا، تسبب في معاناة لأوروبا من هذا العجز، إلى أن استطاعت أمريكا وقطر ودول أخرى في تعويض النقص".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z