قيس اليوسف: الشراكة العُمانية الهندية تعزز الصادرات وتنويع الإيرادات غير النفطية ولا تمس سياسات التعمين

مسقط - ريم الحامدية

أكدت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند لا تمس سياسات التعمين المعمول بها في السلطنة، وتُطبق عليها جميع القوانين والأنظمة ذات الصلة بسوق العمل والاستثمار، بما يضمن أولوية تشغيل الكوادر الوطنية دون استثناء، مشددةً على أن الاتفاقية تتضمن آليات صارمة لمكافحة الإغراق والتدابير الوقائية وحماية الصناعات الوطنية من أي ممارسات تجارية غير عادلة.

جاء ذلك خلال اللقاء الإعلامي الذي عقدته الوزارة اليوم (الثلاثاء) لشرح أبعاد وبنود الاتفاقية، بحضور معالي قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، الذي أوضح أن الاتفاقية تتيح للمنتجات العُمانية نفاذًا تفضيليًا إلى السوق الهندي الذي يتجاوز عدد سكانه 1.4 مليار نسمة، ما يعزز الصادرات الوطنية ويقوي حضورها في الأسواق العالمية، ويسهم في ترسيخ مكانة سلطنة عُمان كمركز لوجستي وصناعي إقليمي وبوابة استراتيجية للأسواق الآسيوية.

وبيّن معاليه أن الاتفاقية تمثل رافدًا مهمًا لتنويع الإيرادات غير النفطية وتعزيز جاذبية الاستثمار، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية عُمان 2040، مشيرًا إلى أن سلطنة عُمان تُعد الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك اتفاقية تجارة حرة مع أكبر اقتصاد عالمي (الولايات المتحدة) ومع رابع أكبر اقتصاد عالمي (الهند). وعلى المستوى العالمي، أوضح أن ست دول فقط، من بينها سلطنة عُمان وسنغافورة وكوريا الجنوبية وأستراليا واليابان وكندا، وقّعت اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة والهند معًا.

وأضاف معالي الوزير أن الاتفاقية تهدف إلى تمكين القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات النوعية، ونقل المعرفة، وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية وحماية مصالح المواطنين، مؤكدًا أن المفاوضات استندت إلى دراسات اقتصادية متخصصة، من بينها دراسة أعدتها شركة “ديلويت آند توش”، أثبتت الجدوى الاقتصادية للاتفاقية وقدرتها على دعم تنافسية الصادرات العُمانية.

وأوضح أن المفاوضات جرت عبر خمس جولات رئيسية خلال الفترة من 2023 إلى 2025، وشملت مختلف الفصول القانونية والتنظيمية والفنية، وأسفرت عن صياغة نهائية متوازنة تراعي مصالح الطرفين وتحافظ على التزامات السلطنة الإقليمية والدولية. وبيّن أنه بموجب الاتفاقية حصلت سلطنة عُمان على معدل متقدم من تحرير التجارة بلغ 97.4% من إجمالي السلع العُمانية وفق حجم الصادرات القائمة، فيما بلغ النفاذ إلى الأسواق الهندية نحو 77.8%، مع تحرير خاص لعدد من السلع ذات الأهمية الاستراتيجية، مقابل تحرير جمركي تدريجي ممنوح للجانب الهندي وفق جداول زمنية واضحة وصولًا إلى 99.22%.

وأشار معاليه إلى أن الاتفاقية تكتسب أهمية استراتيجية نظرًا لحجم السوق الهندي ومعدلات نموه المرتفعة، وما يوفره ذلك من فرص واسعة للصناعات الوطنية، لاسيما في قطاعات التعدين والبتروكيماويات والمنتجات السمكية والصناعات الخفيفة، إضافة إلى تخفيف أثر الرسوم الجمركية الهندية المرتفعة التي تتراوح في المتوسط بين 17% وقد تصل إلى 30 و40% لبعض السلع.

وأكد معالي الوزير أن سلطنة عُمان تحتفظ بكامل حقها السيادي في تطبيق قوانين مكافحة الإغراق والتدابير الوقائية والتعويضية دون أي تغيير، وأن الاتفاقية تتيح اتخاذ الإجراءات الحمائية عند ثبوت الضرر أو الاشتباه بوجود ممارسات تؤثر على الصناعات المحلية.

وتم خلال اللقاء الرد على تساؤلات الإعلاميين، إلى جانب تقديم عرض مرئي استعرض مراحل التفاوض وبنود الاتفاقية، التي تضم 16 فصلًا رئيسيًا وملاحق فنية تشمل التجارة في السلع والخدمات، وقواعد المنشأ، والمعالجات التجارية، وتيسير التجارة، والملكية الفكرية، وحركة الأشخاص الطبيعيين، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسوية المنازعات.

وتأتي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند كمحطة مهمة في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وتجسيدًا للعلاقات التاريخية والروابط الاستراتيجية المتنامية بين البلدين الصديقين، بما يعزز موقع سلطنة عُمان في سلاسل الإنتاج والتوريد العالمية ويدعم مسيرة التنويع الاقتصادي وجذب الاستثمارات النوعية.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z