هل تكشف حادثة جوهانسبرج عن أكبر عملية تهجير سرية للفلسطينيين من غزة؟

غزة - الوكالات

كشف تحقيق استقصائي رقمي بثّته قناة الجزيرة القطرية عن آلية ممنهجة لتحويل معاناة النزوح القسري في قطاع غزة إلى ما يشبه “خدمة مدفوعة الأجر”، تُدار عبر شبكات رقمية وشركات واجهة، وتتم بإشراف مباشر من وزارة الدفاع الإسرائيلية، في سياق ما وصفه التحقيق بـ“التهجير الناعم”.

وبحسب التحقيق، يجري تسويق هذا النمط من التهجير على أنه “هجرة طوعية”، بينما تُظهر الوقائع أنه مسار قسري يستغل الجوع والحصار واليأس، ويفرض على الفلسطيني دفع آلاف الدولارات مقابل مغادرة أرضه، في نموذج أعاد إلى الواجهة مفهوم “النكبة” ولكن بأدوات بيروقراطية ورقمية حديثة.

بدأت خيوط العملية عبر كيان رقمي يحمل اسم “المجد أوروبا”، يزعم أنه منظمة إنسانية تأسست في ألمانيا عام 2010. غير أن التحليل التقني، وفق التحقيق، كشف أن الموقع أُنشئ حديثًا في فبراير 2025 مع إخفاء بيانات مالكيه، وأن صور القائمين عليه —ومنهم شخصية تُدعى “عدنان”— مولدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما تبيّن استخدام قصص وصور مسروقة لنازحين سوريين لإضفاء شرعية زائفة، إلى جانب الإشارة إلى مقرٍّ مزعوم في حي الشيخ جراح بالقدس تبيّن أنه غير موجود فعليًا.

وراء هذه الواجهات، تُدار العملية من داخل مجمّع “الكرياه” التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، عبر ما يُسمّى “مديرية الهجرة الطوعية” التي يقودها العقيد المتقاعد كوبي بليتشتاين، وفق التحقيق. وتشارك في التنفيذ شبكة من الوسطاء، من بينهم شركات مسجّلة في دول أوروبية كواجهات مالية، ومنسقون محليون يديرون مجموعات تواصل لتجميع أسماء الراغبين بالمغادرة.

وأشار التحقيق إلى أن عمليات النقل تُنفذ بأساليب تهدف إلى قطع الصلة القانونية للفلسطيني بأرضه، من بينها إجبار المغادرين عبر معبر كرم أبو سالم على ترك متعلقاتهم الشخصية، وعدم ختم جوازات السفر بختم خروج رسمي، إضافة إلى نقلهم عبر محطات وسيطة في إفريقيا قبل الوصول إلى الوجهات النهائية، بما يُصعّب إثبات مسار الخروج ويُضعف أي مطالبات مستقبلية بحق العودة.

وبقيت هذه الآلية طيّ الكتمان حتى حادثة نوفمبر 2025، حين هبطت طائرة تقل 153 فلسطينيًا في مطار جوهانسبرغ دون تنسيق مسبق. واحتُجز الركاب داخل الطائرة لساعات طويلة في ظروف صعبة، ما دفع الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا إلى التعبير عن صدمته، مؤكدًا أن الركاب “بدوا وكأنهم دُفعوا دفعًا للمغادرة”، مع الإعلان عن فتح تحقيق رسمي في ملابسات القضية.

ويخلص التحقيق إلى أن ما تصفه إسرائيل بـ“الهجرة الطوعية” لا يعدو كونه نكبة ثانية تُدار بعقلية إدارية، حيث يُجبر الفلسطيني، تحت وطأة الحرب والحصار، على دفع مبالغ تتراوح بين ألفين وستة آلاف دولار للشخص الواحد، مقابل الرحيل إلى مصير مجهول، دون أي ضمانات قانونية، وفي محاولة ممنهجة لتفريغ الأرض من سكانها وتقويض حق العودة.

المصدر / الجزيرة نت

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z