عروس مُهداة للنيل (12)

 

مُزنة المسافر

أَوَنْطَة يا بطة، أنا بحاجة إليكِ أن تحملي هذا الجواب الذي في يدي إليها، لنوسة التي في قلبي محروسة، دعيها ترى نفسي المكسورة من دونها، يا صغيرة ضعي الرسالة في جيبك، فيها أشواقي وأيامي التي لم أنم فيها جيدًا، لقد غابت عني كبدر راح خلف هضبة كبيرة.

خذي الجواب عني.

فاطمة: أخذ الجواب لنوسة؟

رمزي: آه يا بطة، طمني قلبي.

 كانت فاطمة تريد أن تسأل رمزي إن كان يحبها كثيرًا، لكنها عيلة صُغيرة لا يمكنها أن تسأل أسئلة كبرى، إنها تخص البالغين، العارفين بالمواعيد والصدف.

وأين هي نوسة؟ هل راحت الحلوة خلف الهضبة مثل القمر، البدر الذي لبس ثوب الحياء والخجل، ونسى أن يطلع، وأراد أن يخلق الفراق وأن يبلع الاشتياق الذي شعر به.

قوامها الجميل لم يظهر قرب حبل الغسيل في منزل العريش، ولم يُرَ فوق سطوح الجيران، أين تمايلت وتبخترت؟ أين هي تلك الحلوة؟ وهل تعيش الغربة؟

رمزي: أوام يا بطة.

بطة: حاضر يا رمزي بيه!

امضي، اركضي بخطوات الهرولة، اذهبي خلف الأتربة ولا تسمعي إلا للأحبة الذين يرغبون في حصول هذا اللقاء لرمزي ونوسة، وهل تعرف فاطمة إن كان هنالك مستقبل يستقبل مشاعر رمزي ويحتضن شعور نوسة؟، إنها ربما تحضن الوسادة، وتنام على الأرض دون سجادة، إنها في منزل العريش، وحيدة وبعيدة عن رمزي.

تفكر، وتتفكر إن كان هنالك عودة لهذا الحب، وقد يصل الجواب في موعده يا نوسة، انتظري المرسال، والرسالة ليست في أي قُلة أو في أي سلة، إنها في كف فاطمة.

خمسة وخميسة، لم يضيع الجواب.

ولم يغيب فوق السحاب أو وسط التراب.

إنه بالفعل أفضل جواب.

غرام رمزي واشتياقه.

ونسيم هيامه تظهر بين كلماته.

تفتح نوسة باب العريش للصغيرة فاطمة.

نوسة: مين إلِّي إيداكي الجواب ده يا بطة؟

فاطمة: رمزي بيه. (بهمس كبير).

نوسة: صحيح؟

خفق قلبها، شفق على حالها، وكررت سؤالها.

نوسة: صحيح، من رمزي بيه؟! 

ومن غيره يا حلوة، يريدك أن تعودي للأحضان يا نفيسة، يا أنيسة لحياته يا من مقامك عالٍ في قلبه الغالي، وتعالي للسراي ولا تغالي، سيصنع لك الأعاجيب، وفؤاده على أصعب لهيب.

إنه يغلي غليانًا كبيرًا، كبريائه وعناده قد يستمران، لكنه هكذا يا نوسة، إنه رجل صعب لكنه صلب، وأنتِ بالنسبة له الدنيا كلها، المدورة والمنورة، صباحه ومساؤه، سعادة وغرابة يا عزيزة.

أنتِ المنارة في حياته فلماذا أنتِ محتارة؟

وهل الناس كلهم حيارى؟

بل هم غلابة في هذه القصة.

صدقيني لن يعيش قلبك أي غصة.

في جوابه:

لاقيني يا نوسة، ستجديني أريد الخطبة.

والمأذون سيأتي معي في أقرب فرصة.

ولك الفستان والطرحة.

ومعي أجمل دبلة.

لاقيه يا نوسة، لاقيه في أحلامك، لاقيه في آمالك، لاقيه في أيامك القادمة، ولا تكوني عن حب فؤاده صائمة، لن تدوم الثرثرة، وتلك البهرجة، الأراجوز وحمدي المجنون وعبدالرؤوف، ونعيمة ولوزة وكلهم لعبوا بأوراق المُر في اللعبة، وأنتِ يا حلوة عبرتي بالحكمة.

إنه سيصون العهد، ولن يخلفه.

وحظه اعتدل، وبخته العظيم وصل.

وأين هو وصالك يا رمانة؟

يا أحلى إنسانة يعرفها رمزي.

انهي الجواب، وبسرعة البسي الخلخال ونظمي شعرك وجدائله، وروحي بجلابية مطبوع عليها فرحك بعودته، وامضي في حقله ماضية نحو شبابه وجماله، وهل سينطق كلماته تلك التي جاءت في الجواب، أم سيقول غيرها؟ سيقول يا حلوة بالاقتران والقرب الكبير والحب المنير الذي سيكون بدرًا جديدًا في سماء القرية بالتأكيد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z