قلب في المجر

 

 

 

عزيزة راشد

 

أثناء الحصار العثماني لحصن سيكتوار في المجر، كانت رغبة السلطان سليمان ضم المجر إلى رقعة الإمبراطورية العثمانية، توفي السلطان فجأة أثناء حصار الحصن عام 1566م، قرر العلماء دفنه في إسطنبول ومخافة أن يتحلل الجسد قرروا أن يدفنوا قلب السلطان سليمان في المجر؛ حيث كانت رغبته أن تضم المجر لدولته، فدفن القلب في صندوق من الذهب في أرض مجهولة في المجر.

وهكذا جرت عادة كل زائر للمجر، أن يترك قلبه فيها ثم يرحل من غير قلب، تدهشك المجر بالهدوء والحنان، تشعر فيها وكأن المكان يلتف حولك والجدران تتنهد الحكايات، بينما فنجان من القهوة يعيد إليك الذكريات.

عيناك تضئ نهر تونا، هكذا كان الوزير إبراهيم باشا الصدر الأعظم للدولة العثمانية يرسل لزوجته السلطانة خديجة؛ حيث كان نهر الدانوب يسمى قديمًا بنهر تونا، وكان إلهامًا للشعر والشعراء.

أنظر إلى النهر الجاري وأتذكر أمر السلطان سليمان للمعماري سنان باشا بأن يمد جسرا فوق النهر لعبور الجيش العثماني، يصنع الجسر ويعبر الجيش رغم قوة جريان النهر قبل 700 سنة، أنها عبقرية المعماري العثماني سنان باشا.

أمشي بين الأزقة في بودابست، كل مبنى تحفه معمارية، كل جدار له حكاية، كل شرفة تحكي قصه، كل زقاق يحوي أغنية، خلف كل باب ضحكة طفل، إنها الألفة التي تستشعر بها في حواري بودابست، أترك بعضا من قلبي في المجر كما ترك السلطان سليمان قلبه فيها، المجر مدفن القلوب ومنبع السعادة.

الأكثر قراءة

z