◄ 7.8 مليار ريال عُماني حجم الاستثمار التراكمي في "مدائن"
◄ إنجاز حزمة واسعة من المشاريع بالمدن الصناعية الحيوية خلال "الخمسية العاشرة"
◄ التجمعات الاقتصادية لـ"البلاستيك" و"الألمنيوم" و"التعدين" تدعم الناتج المحلي
◄ مبادرات القيمة المضافة لأكاديمية الابتكار الصناعي تمثل دعمًا لبيئة الأعمال
◄ توفير أكثر من 3000 وظيفة في مختلف المدن الصناعية عبر برنامج "تعمين"
◄ 2095 مشروعًا في جميع المدن الصناعية
مسقط- الرؤية
أكد المهندس داود بن سالم الهدّابي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن"، أن ما تشهده المدن الصناعية في الوقت الحاضر من نمو وازدهار وتوسّع في كافة أرجاء سلطنة عُمان، ما هو إلّا امتداد حضاري من إرث الماضي العريق لمسيرة الصناعة العُمانية التي انطلقت قبل آلاف السنين، وتجلت بصورة واضحة في عهد الدّولة البوسعيدية؛ حيث تُؤّكد المصادر التاريخية أن تحوّل مفهوم الصناعة من التقليدي إلى الحديث قد بدأ تدريجيًا منذ عام 1744م على يد الإمام المؤسس لدولة البوسعيد السيد أحمد بن سعيد البوسعيدي، ويعزى ذلك إلى التوسّع والانفتاح الذي شهدته البلاد على المستويين المحلي والخارجي في عهده وباقي السلاطين الذين جاؤوا بعده في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأدى إلى ظهور صناعات جديدة في قطاعات متعددة مثل السفن والمعادن والغذاء والعطور، إلى أن بلغت الصناعة ذروتها مع بزوغ فجر النهضة الحديثة عام 1970م مع التغييرات الجذرية التي صاحبتها مثل سن القوانين وإنشاء المؤسسات التشريعية والمدن الحاضنة لها واستخدام الآلات المتقدمة والتقنيات الرائدة.
وأسهمت هذه التحولات في ازدهار الصناعة ووصول مختلف المنتجات العُمانية إلى شتى أنحاء العالم، ليواصل قطاع الصناعة في سلطنة عُمان التطور والتوسع في عهد النهضة المتجددة التي يقود زمامها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه. وقد أولى جلالة السلطان المعظم- أعزه الله- اهتمامًا بالغًا بهذا القطاع تجلى في إعادة هيكلة القطاع وتحديث القوانين والتشريعات المتعلقة باستقطاب الاستثمارات، والاستمرار في تأسيس بنية أساسية مشجعة للاستثمار كالموانئ والمطارات والمدن الصناعية والاقتصادية والحرة الجديدة وشبكة الطرق السريعة التي تربط مختلف محافظات السلطنة، وتشجيع الاستثمار في المجالات الحديثة بما يرسم آفاقًا رحبة للصناعة العُمانية.
مؤشرات رقمية
وأوضح المهندس داود الهدّابي أن مدائن شهدت نموًا ملحوظًا في مختلف مؤشراتها الرقمية مع نهاية النصف الأول من العام 2025؛ حيث بلغ إجمالي حجم الاستثمار التراكمي ما يقارب 7.8 مليار ريال عُماني، بنسبة نمو تبلغ 2% مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2024، فيما بلغ إجمالي عدد المشاريع التراكمية 2095 مشروعًا بنسبة نمو تصل إلى 3%، أما إجمالي عدد العقود التراكمية فيبلغ 2385 عقدًا بنسبة نمو تجاوزت الـ 3%، في حين بلغت المساحة الإجمالية للأراضي المؤجرة في جميع المدن الصناعية وواحة المعرفة مسقط والمنطقة الحرة بالمزيونة (34.6) مليون متر مربع بنسبة نمو تبلغ 2% من 61.6 مليون متر مربع إجمالي المساحات المطورة بنسبة إشغال 68%. ويأتي ذلك بعد استقبلت مدائن خلال النصف الأول من العام الجاري 215 طلبًا جديدًا للاستثمار، قامت بتوقيع 124 عقدًا منها لإقامة مشروعات بإجمالي حجم استثمار مضاف يتجاوز الـ80 مليون ريال عُماني؛ حيث ستقام هذه المشاريع على مساحات تتجاوز الـ895 ألف متر مربع.
الخمسية العاشرة
وأشار المهندس داود الهدّابي إلى أن مدائن شهدت خلال خطـة التنمية الخمسية العاشرة (2021- 2025) تنفيذ حزمة واسعة من المشاريع الحيوية التي تهدف إلى تهيئة بيئة الأعمال الجاذبة للاستثمار وتعمل على استدامة الاستثمارات في مختلف محافظات سلطنة عُمان، موضحًا أن من أبرز هذه المشاريع المنجزة خلال هذه الفترة مشروع تنمية وتطوير المرحلة الأولى لمدينة عبري الصناعية على مساحة تقدر بـ3 ملايين متر مربع، ومشروع تنفيذ البنية الأساسية والخدمات لمدينة محاس الصناعية على مساحة 1.4 مليون متر مربع، وأيضًا مشروع الخدمات الاستشارية والتصاميم والإشرافية على مجمعات مدائن الريادية في كل من مدينة الرسيل الصناعية، ومدينة نزوى الصناعية، ومدينة محاس الصناعية، ومدينة السويق الصناعية، ومدينة مدحاء الصناعية، وكذلك مشروع تنفيذ البنية الأساسية للمرحلة السابعة في مدينة صحار الصناعية على مساحة تتجاوز (8.5) مليون متر مربع، إضافة إلى مشروع المسح الشامل للخدمات وتصوير الواقع الجغرافي للمدن الصناعية بالطائرات المسيرة.
ومن جانب آخر، شهدت “مدائن” خلال هذه الخطة الخمسية تحولًا جذريًا في بنيتها المؤسسية والتقنية، نقلها من مرحلة التنظيم التقليدي إلى منظومة متكاملة للتميّز المؤسسي والتحوّل الرقمي الشامل عبر ترسيخ ثقافة التميز والحوكمة والقيادة القائمة على الأداء وإطلاق سلسلة من المشاريع الرقمية التي شكلت قيمة مضافة لأساليب الإدارة والخدمات في المدن الصناعية؛ الأمر الذي أثمر عن تحقيق مدائن للمستوى الثاني في نموذج المنظمة الأوروبية للجودة (EFQM)، ومن أبرز ومن أبرز المبادرات التي أنجزتها مدائن في هذا الجانب نظام إدارة الموارد المؤسسية (IFS Cloud ERP)، ونظام الخرائط الجغرافية (ESRI ArcGIS)، وأيضًا منصة الخدمات الإلكترونية "مسار"، وكذلك منصة الخدمات الداخلية ومنصة التعليم الإلكتروني “دُرِبة"، بالإضافة إلى منصات تنظيميه داخلية مثل: منصة رأيك مهم، ومنصة القناة الموحدة، وتحديث الموقع الإلكتروني، وتفعيل سياسات التحول الرقمي مما رفع جاهزية الأنظمة إلى أعلى مستويات الأمان والاعتمادية.
الخمسية الحادية عشرة
وأكد المهندس داود بن سالم الهدّابي أن مدائن تضع اللمسات الأخيرة لخارطتها الاستراتيجية ضمن خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة (2026- 2030) مستندة على أولويات رؤية "عُمان 2040"؛ حيث تحدد “مدائن” خلال هذه الخطة موقعها الاستراتيجي كمؤسسة وطنية تمكينية في محور اقتصاد بنيته تنافسية، وكشريك داعم في محور بيئة عناصرها مستدامة، وبذلك تترجم الخطة دور المؤسسة بوصفها حلقة وصل بين التنمية الاقتصادية المستدامة والبيئة الإنتاجية المسؤولة إلى جانب أدوارها المحورية البارزة في تحقيق عدد من الأولويات الوطنية ضمن محور الاقتصاد، مثل تنمية المحافظات والمدن المستدامة، والقطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي، والتنويع الاقتصادي والاستدامة المالية، وسوق العمل والتشغيل، القيادة والإدارة الاقتصادية.
وأضاف أن الخطة الأولية تضم 98 مشروعًا رئيسيًا موزعة على 3 توجهات، منها: (51) مشروعا في التطوير والتشغيل، و(36) مشروعا في التميز المؤسسي، و(11) مشروعا في الاستدامة البيئية. وذكر أن من أبرز ملامح الخمس سنوات المقبلة لـ"مدائن" تنفيذها لمشاريع حيوية في مختلف محافظات سلطنة عُمان؛ ومن بينها: تنفيذ مشروع البنى الأساسية والخدمات للمرحلة الأولى بمدينة المضيبي الصناعية على مساحة تقارب الـ2.5 مليون متر مربع، ومشروع البنى الأساسية والخدمات للمرحلة الأولى بمدينة السويق الصناعية على مساحة (5) ملايين متر مربع، ومشروع مشروع البنى الأساسية والخدمات لمدينة مدحاء الصناعية على مساحة تتجاوز الـ348 ألف متر مربع، وكذلك مشروع تطوير وإعادة تأهيل البنى الأساسية والمخطط العام التفصيلي لمدينة الوادي الكبير الصناعية، ومشروع تحسين الخدمات القائمة وتأهيل البنية الأساسية في المراحل 1-6 في مدينة صحار الصناعية، إضافة إلى مشروعي إنشاء رصيف بحري وتطوير المخطط العام لمدينة صور الصناعية، ومشروع توسعة شبكات المياه في مدينة ريسوت الصناعية، وعلى الجانب الآخر، تشكل الخطة التنفيذية للتحول الرقمي (2026- 2030) نقلة استراتيجية لتوحيد مشاريع مدائن ضمن إطار واحد للتحول المؤسسي الشامل، وقد شمل التحضير للخطة تنفيذ عددٍ من التحليلات لبيئة الأعمال والوضع الراهن للحلول الرقمية؛ شمل هذا تنفيذ التحليل الرباعي SWOT، وتحليل بيستل PESTEL، وتحليل وترتيب التحدّيات، بالإضافة إلى تنفيذ مقارنات مرجعية مع مؤسسات عالمية مماثلة.
وتسعى الخطة في نسختها المحدّثة إلى تنفيذ 105 مشروعات رقمية موزّعة على نحو 12 محورًا رئيسيًا تغطي مختلف مسارات التحوّل الرقمي الحكومي تشمل الجاهزية الرقمية والتجربة الرقمية والتمكين الرقمي والابتكار الرقمي، وتحقيق الاعتراف الدولي لمدينتين صناعيتين كمدن ذكية، وأتمتة 100% من الخدمات ذات الأولوية مع التكامل التام مع الجهات الحكومية والخاصة الجاهزة للربط، ورفع رضا المستثمرين إلى أكثر من 85% من الخدمات الإلكترونية المقدمة، ودمج مفاهيم الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، والطاقة المتجددة ضمن بنية المدن الصناعية. كما تضع الخطة أهدافًا نوعية تشمل: إنشاء مراكز تشغيل ذكية للرصد اللحظي للأداء، وإطلاق بوابة استثمار رقمية موحدة تربط الخدمات اللوجستية والتراخيص، وتعزيز المهارات الرقمية للكوادر البشرية، وإنشاء منظومة تدريبية متكاملة في مجالات التحليل الذكي والذكاء الاصطناعي، تفعيل اللوائح الوطنية لحوكمة التحوّل الرقمي والبيانات الوطنية، وتبنّي سياسات الأمن السيبراني المتقدمة، وتحقيق الربط مع المنصات الحكومية الوطنية.
التجمعات الاقتصادية
وأشار الرئيس التنفيذي لـ"مدائن" إلى أنه للاستفادة من الموارد الطبيعية والمقومات والمزايا التنافسية في المحافظات وجذب وتوجيه الاستثمارات المحلية والأجنبية نحو المشروعات والقطاعات المستهدفة لتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي والقطاعات الواعدة، عكفت "مدائن" على أن إنشاء تجمعات اقتصادية متكاملة تحقق نقلة نوعية لدعم القطاعات الاقتصادية المستهدفة ضمن خطط التنويع الاقتصادي، حيث تم الانتهاء من مشروع الخدمات الاستشارية للتجمع الاقتصادي المتكامل للتعدين بمنطقة شليم الذي يشمل في مراحله الأولى مخطط رئيسي مفصل بمساحة تقدر بـ30 مليون متر مربع، بالإضافة إلى تصميم تفصيلي لمساحة 10 ملايين متر مربع لخدمة قطاع النفط والغاز، وقطاع التعدين، والذي سيحتوي على التصميم التفصيلي لتوفير البنية الأساسية والمرافق والخدمات المساندة كالطرق، وشبكات المياه والصرف الصحي، وقنوات تصريف مياه الأمطار وغيرها، بالإضافة إلى إعداد دراسة اقتصادية شاملة للتجمع ودراسة تسويقية، كما بدأت مدائن في إعداد خطة العمل التنفيذية لمشروع التجمع الاقتصادي المتكامل لصناعة الألمنيوم في مدينة صحار الصناعية وتحديد الإطار الزمني لتنفيذه، حيث تم الانتهاء من إعداد الخطة التفصيلية ووضع مؤشرات الأداء، والموائمة مع أصحاب المصلحة من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة لتحقيق المستهدف الرئيسي للتجمع، وإسناد العمل لاستشاري مختص للقيام بدراسة تهدف إلى إعداد دراسة متكاملة تتناول فرص الاستثمار في الشق السفلي لصناعة الألمنيوم ولتعزيز الصناعات التحويلية للألمنيوم من خلال تنظيم القيمة المحلية المضافة واستكشاف فرص استثمارية واعدة وتوجيهها استراتيجيًا. أما مجمع الصناعات البلاستيكية "لدائن" في مدينة صحار الصناعية فيشهد نموًا متسارعًا خلال الفترة الماضية، مدفوعًا بالطلب المحلي والإقليمي على المنتجات البلاستيكية المتنوعة بفضل البيئة الاستثمارية الجاذبة التي توفرها "مدائن" للمستثمرين، حيث بلغ إجمالي حجم الاستثمارات في المجمع حوالي 33.7 مليون ريال عُماني، وتجاوز إجمالي المساحة المؤجرة 181 ألف متر مربع، ويضم المجمع اليوم 19 مشروعًا استثماريًا موزعة بين مشاريع منتجة وأخرى تحت الإنشاء أو ضمن عقود إيجار حديثة.
مبادرات القيمة المضافة
وبيّنَ المهندس داود بن سالم الهدّابي، أن "مدائن" تعمل من خلال ذراعها التمكيني "أكاديمية الابتكار الصناعي" على تبني وإدارة مجموعة من مبادرات القيمة المضافة لتعزيز منظومة الابتكار في القطاع الصناعي وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفع كفاءتها التنافسية، وتحفيز الشركات الكبرى على تبني التقنيات الحديثة والحلول الإبداعية بما يدعم القيمة المحلية المضافة تماشيًا مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040". وذكر أن من أبرز هذه المبادرات برنامج "تعمين" بالتعاون مع وزارة العمل لتوفير 1000 وظيفة سنويًا في المدن الصناعية؛ حيث نجح البرنامج منذ إطلاقه إلى توفير أكثر من 3000 وظيفة في مختلف المدن الصناعية، وكذلك منصة "ربط" لربط المنتجات المحلية بالمناقصات الحكومية؛ حيث استطاعت المنصة أن تُحدث نقلة نوعية في تسهيل ربط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بفرص الأعمال والاستثمارات، وذلك عبر نماذج تكامل رقمية تتيح لهذه المؤسسات الدخول المباشر في سلسلة التوريد الوطنية.
الثقافة المؤسسية
وأوضح المهندس داود بن سالم الهدّابي أنه في إطار جهودها المستمرة لترسيخ بيئة عمل إيجابية ترتكز على القيم والتميز والابتكار، أطلقت "مدائن" مؤخرًا منظومة الثقافة المؤسسية، التي تمثل أحد الركائز الاستراتيجية لتحقيق أهدافها المؤسسية وتعزيز هويتها التنظيمية؛ حيث تهدف المنظومة إلى بناء بيئة عمل متكاملة ترتكز على القيم والسلوكيات المؤسسية التي تعزز الانتماء الوظيفي، والتمكين، والشفافية في التواصل، إلى جانب دعم ثقافة الابتكار والاستدامة في بيئة العمل، حيث تسعى المنظومة إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية خلال الخمس سنوات المقبلة، من أبرزها الحد من الإجراءات الروتينية وتحفيز التفكير الإبداعي والابتكاري لرفع كفاءة الأداء، وكذلك تعزيز جاهزية بيئة العمل للتغيير والتطوير عبر ترسيخ ثقافة مرنة تدعم التكيف والتحول المؤسسي، وبناء ثقافة عمل قائمة على الثقة والمسؤولية المشتركة والتواصل الفعّال، وتحقيق توازن مهني وشخصي يسهم في رفع مستوى الرضا الوظيفي والصحة النفسية للموظفين إلى جانب توظيف التقنيات الحديثة لدعم تسريع الإجراءات وتحسين مخرجات العمل.
