محمد بن علي بن ضعين البادي
في كل زمان ومكان، يقاس تقدم الأمم بمدى اهتمامها بمواطنيها، ليس فقط بالمظاهر الفاخرة والبنى التحتية الظاهرية؛ بل بقدرتها على الوصول إلى كل بيت وقرية، وتأمين حياة كريمة لكل مُواطن في كل زاوية من وطنه.
فالطريق ليس مجرد أسفلت يربط المدن والقرى؛ بل هو شريان حياة، يربط الناس بالمدارس والمستشفيات والأسواق، ويمنحهم شعورًا بالأمان والانتماء.
ومن هذا المنطلق، يصبح الحديث عن الطرق الداخلية، لا تحتمل التأجيل، فهي معيار حقيقي لمدى التزام المسؤولين بخدمة المواطنين.
ولا شك أن بعض الولايات تشهد مشاريع تطوير واضحة في واجهاتها، وهذا يعكس الجهود المتفانية للمحافظين والمسؤولين الذين يسهرون الليل ويعملون النهار، لا يتعبهم طول اليوم ولا كثرة المهام، لتصل محافظاتهم إلى مصافي المحافظات المتقدمة، وتكون قراها ومدنها مثالًا للسلامة والرقي والرفاهية لسكانها. هؤلاء المحافظون أثبتوا أن القيادة ليست بالرتبة؛ بل بالعمل الدؤوب، وبمتابعة تفاصيل الحياة اليومية لكل مواطن، مهما كانت صغيرة.
غير أنه، ورغم تلك الجهود المشهودة، تبقى الحقيقة أن كثيرًا من الطرق الداخلية والمجاري المائية ما زالت تعاني الإهمال، وتواجه آثار الأمطار والسيول منذ سنوات، دون تدخل فعلي لإعادة تأهيلها، ما يخلق عبئًا يوميًا على المواطنين، ويزيد من صعوبة تنقلاتهم، ويكلف سياراتهم مصاريف صيانة متكررة.
ومن هنا، تظهر أهمية الدور الحقيقي للمديرين والمشرفين المكلفين من المحافظين. فالمسؤولية لا تقع كلها على المحافظ وحده، فهو مثقل بالمهام الكبرى على نطاق المحافظة بأكملها. لكن هؤلاء المديرين يجب أن يكونوا على قدر الثقة الممنوحة لهم، ويترجموا الخطط الرسمية إلى واقع ملموس، فالعمل المكتبي وحده لا يغني عن رؤية الواقع بعين المسؤول، ولا يمكن أن يحل محل الجهد الميداني الدؤوب الذي يعكس صدق الإدارة واهتمامها بالناس.
إنَّ التنمية الحقيقية هي تلك التي تصل إلى قلب المواطن في قريته وبيته ومدرسته وطريقه، ولا تكتفي بتحسين مظهر الواجهة فقط. المواطن لا يسعى إلى الرقي المجرد؛ بل إلى عيش كريم يسهل تنقله ويخفف مُعاناته اليومية، وهذا هو المقياس الحقيقي لكل خطة أو مشروع.
ويبقى الأمل في أن تتحول كل الإعلانات والكشوفات السنوية إلى واقع ملموس على الأرض، وأن تستمر جهود المحافظين الذين لا يكلون ولا يملون، والذين يثبتون يوميًا أن القيادة الحقيقية هي أن تصل التنمية إلى كل زاوية في المحافظة، لتعيش فيها كل قرية وكل حي، مواطنين آمنين، مطمئنين، ومقدرين لجهود من يعملون خلف الكواليس ليل نهار من أجلهم.
وتظل الطرق الداخلية أكثر من مجرد أسفلت يربط بين القرى والمدن؛ فهي جسر الأمل والكرامة للمواطن. ومن خلالها يُقاس مدى جدية المسؤولين وصدق التزامهم تجاه الناس. لذا، يجب أن تتحول الكلمات إلى أفعال، والوعود إلى واقع ملموس على الأرض.
ولن يكتمل النجاح إلا باستمرار الجهود المتفانية للمحافظين والمسؤولين الذين لا يكلون ولا يملون، ليشهد كل مواطن تقدمًا ملموسًا في حياته اليومية، ويشعر بأنَّ صوته مسموعا، وأن وطنه يهتم به في كل زاوية من مُحافظته.
