عواصم - الوكالات
نقلت وسائل إعلام رسمية في طهران، ومن بينها تصريحات لعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان أبو الفضل ظهروند، أن طائرات روسية من طراز «ميغ-29» وصلت إلى قاعدة شيراز الجوية — إحدى أهم القواعد الاستراتيجية المكلفة بالدفاع عن الوسط والجنوب الإيراني — في خطوة وصفتها طهران بأنها استجابة عاجلة لحاجات سلاحها الجوي بعد أضرار مُلحقة بأسطوله وأنظمة دفاعه الجوي خلال عمليات جوية إسرائيلية في يونيو الماضي.
وتعدّ «ميغ-29» مقاتلة ثنائية المحرك من الجيل الرابع، وتأتي لتعزيز أسطول إيراني يعتمد إلى حد كبير على طائرات قديمة تعود إلى ما قبل 1979 مثل «إف-14 تومكات» و«إف-4 فانتوم II» و«إف-5 تايغر II» التي استطاعت طهران إبقاؤها في الخدمة عبر هندسة عكسية ومشتريات سرية وصيانة محلية. ومع ذلك وصف ظهروند وصول «ميغ-29» بأنه «حل مؤقت» إلى حين وصول منصات أكثر تطورًا.
وتعزز تغطية هذا الاتجاه تقارير سابقة نقلت عن مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني باتفاق مع موسكو لتوريد مقاتلات «سو-35»، بينما أظهرت وثائق مسرّبة تُنسب إلى وزارة الدفاع الروسية وجود خطة لتسليم 48 طائرة «سو-35» خلال السنوات المقبلة، في حين تتردد أنباء عن اهتمام طهران كذلك بالحصول على المقاتلة الصينية «J-10C».
على صعيد الدفاع الجوي الأرضي، أفادت تقارير أن إيران بدأت تسلّم ونشر منظومات بعيدة المدى من طراز «HQ-9» الصينية «بأعداد كبيرة»، ما يعكس توجهاً أوسع لتقوية القدرة الجوية والدفاعية بعد الخسائر التي كشفت عنها المواجهات الأخيرة.
والنسق الإيراني في اقتناء منصات روسية وصينية يعكس سعيًا لردم الفجوة الجوية مع إسرائيل، التي حققت تفوقًا جويًا في جولات الصراع الأخيرة، وأظهرت قدرة على ضرب أهداف داخل إيران وتعطيل منظوماتها الدفاعية. وقد أوضحت الحرب الأخيرة أن اعتماد طهران على الردع الصاروخي وحده لم يعد كافياً عندما تواجه هجمات جوية مباشرة: فغياب تفوق جوي ودفاع جوي متكامل يجعل الدفاع البري عرضة ويقوّض قدرة الدولة على حماية أجوائها وأهدافها الحيوية.
و«ميغ-29»: طائرة جيل رابع ذات قدرة مناورات عالية ونطاق قتالي محدود نسبياً؛ تُعتبر تعزيزًا سريعًا وعمليًا لأسطول متهالك لكنها تظل حلًا مؤقتًا إذا لم تُرفق بنظم إلكترونية واتصالات ودعم لوجستي متقدم.
«J-10C»: مقاتلة متعددة المهام من الجيل المتقدم (4.5) مزودة برادارات من مسح إلكتروني نشط وصواريخ جو-جو طويلة المدى، ما يمنحها قدرة جيدة في الاشتباكات خارج مدى الرؤية.
«سو-35»: مقاتلة روسية متطورة من الجيل 4.5 تجمع بين سرعة عالية، قدرات مناورات متقدمة، وأنظمة تضليل إلكتروني متطورة، وتشكّل تحديًا جديًا في سيناريوهات الاشتباكات الجو-جو.
ويشير المحلّلون إلى أن اقتناء الطائرات وحده لا يكفي؛ فالفعلية القتالية تتطلب منظومة متكاملة من رادارات إنذار مبكر، دفاعات أرض-جو قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، بنية لوجستية وصناعية لصيانة القطع وتوفير الإمداد، وشبكات قيادة وسيطرة متصلة، فضلاً عن برامج تدريب مكثف للطيارين والفنيين — عناصر لم تُبنَ بسهولة أو بسرعة، خاصة في ظل ضغوط دبلوماسية وعقوبات تحاصر مصادر التوريد والصيانة.
ويبقى تجدد التصعيد احتمالًا واردًا. وإن استمرت إيران في استقدام منصات متقدمة من روسيا والصين، فقد يؤدي ذلك إلى تعديل موازين القوة الإقليمية، لكنه لن يضمن تفوقًا فوريًا ما لم يرافقه بناء منظومة جوية متكاملة. وفي المقابل، ستبقى الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان لثني الموردين عن تزويد طهران بمنصات حساسة، ما قد يبطئ تنفيذ أي صفقة أو يقيد خدمات ما بعد البيع وقطع الغيار.
وتسعى إيران لاستجلاب «ميغ-29» ثم «J-10C» و«سو-35» يعكس احتجاجًا عمليًا على واقع هش لسلاحها الجوي بعد ضربات يونيو، لكنه يبرز أيضاً أن الطريق إلى استعادة التوازن في السماء يتطلب أكثر من طائرات — يتطلب منظومة متكاملة ومقاتلين مدربين وسلاسل دعم لا تقل أهمية عن منصات القتال نفسها.
