حمود بن سنجور الزدجالي **
تُمثِّل البنوك أحد الأعمدة الرئيسة في الاقتصاد الحديث؛ حيث تقوم بوظائف مالية واستثمارية تجعلها أداة استراتيجية في دعم خطط التنمية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. وفي سلطنة عُمان، أخذت البنوك دورًا متزايد الأهمية في مواكبة مستهدفات رؤية "عُمان 2040"، وذلك ضمن بيئة مالية تنظمها توجهات البنك المركزي العُماني، وفق القانون المصرفي الجديد.
أولًا: الوظائف الأساسية للبنوك
تُعد البنوك وسطاء ماليين بين المدخرين والمستثمرين، وتقوم بعدة وظائف رئيسية، من أبرزها:
- تعبئة المدخرات: عبر استقطاب الأموال من الأفراد والشركات على شكل ودائع وسندات.
- توجيه الاستثمار: من خلال منح القروض للمشروعات السكنية والاستهلاكية، وتمويل القطاعات الإنتاجية.
- تسهيل المعاملات المالية: مثل إصدار وسائل الدفع، والتحويلات البنكية، وتمويل التجارة الداخلية والخارجية.
- إدارة وتوزيع المخاطر: عبر تنويع المحفظة الائتمانية وتقييم الجدارة الائتمانية للعملاء.
- دعم الاستقرار المالي: من خلال الالتزام بالتشريعات، وبناء الاحتياطيات، وتنفيذ السياسة النقدية بالتعاون مع البنك المركزي.
ويأتي هذا الدور ضمن الإطار الذي حدده القانون المصرفي؛ حيث يضطلع البنك المركزي العُماني بوظيفة الرقابة والتنظيم، بما يضمن سلامة القطاع المالي ودعمه لأهداف التنمية الوطنية.
ثانيًا: دور البنوك في سياق التنمية الاقتصادية
تؤدي البنوك أدوارًا متعددة تساهم بشكل مباشر في دعم التنمية الاقتصادية الشاملة، وتشمل هذه الأدوار:
1- تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة: تُعد هذه المشاريع محركًا أساسيًا للنمو وخلق فرص العمل، وتعمل البنوك على توفير تسهيلات تمويلية مخصصة لها، بدعم من السياسات الحكومية وبرامج الضمان.
2- تمويل القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية: تقوم البنوك بتوجيه التمويل إلى القطاعات الاستراتيجية التي تُسهم في التنويع الاقتصادي، مثل السياحة، الزراعة، اللوجستيات، الصناعات التحويلية، الاقتصاد الرقمي والطاقة المتجددة. ويتماشى هذا الدور مع رؤى واستراتيجيات وطنية شاملة، مثل رؤية عُمان 2040، كما ينسجم مع التوجيهات الصادرة عن البنك المركزي العُماني، التي تشجع على تمويل هذه القطاعات ذات الأثر التنموي.
3- تعزيز الشمول المالي: من خلال توسيع الوصول إلى الخدمات البنكية لمختلف شرائح المجتمع، وتوظيف التكنولوجيا المالية لتسهيل العمليات البنكية وتعزيز الادخار والاستثمار.
4- دعم التنمية البشرية والمجتمعية: تساهم البنوك في تمكين رأس المال البشري من خلال دعم برامج التعليم، التدريب المهني، وتوظيف الكفاءات الوطنية، إلى جانب توفير التسهيلات الائتمانية للمشاريع ذات الأثر الاجتماعي.
5- تنفيذ السياسات المالية الوطنية: تعمل البنوك على تنفيذ السياسات والإجراءات التي تحددها السلطات النقدية، وعلى رأسها البنك المركزي، مثل إدارة نسب السيولة، رأس المال، وضوابط الائتمان، بما يدعم الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي.
6- دعم القطاع الخاص والنمو الائتماني: تقوم البنوك بتعزيز الإقراض للقطاع الخاص، ما يسهم في توسيع قاعدة الإنتاج وتحفيز الابتكار والتوظيف. وتشير البيانات إلى نمو ملحوظ في حجم الإقراض الموجه للقطاعات الإنتاجية خلال السنوات الأخيرة.
ثالثًا: مقترحات لتعزيز الدور البنكي في التنمية
ولتعزيز مساهمة القطاع المصرفي في التنمية الاقتصادية، يمكن النظر فيما يلي:
- الشراكات بين البنوك والجهات الحكومية لتمويل مشاريع البنية الأساسية.
- توسيع التحول الرقمي والاعتماد على القنوات المصرفية الإلكترونية.
- تحسين أدوات تقييم المخاطر وتوفير قواعد بيانات ائتمانية للمشاريع الصغيرة.
- التركيز على تمويل القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية ضمن رؤية عُمان 2040، بما يتوافق مع توجيهات البنك المركزي العُماني.
- تمويل المشروعات المُستدامة والبيئية لدعم توجهات السلطنة في الحياد الكربوني والتنمية الخضراء.
وتعكس هذه المقترحات انسجام القطاع المصرفي مع أهداف السياسة النقدية والمالية التي يرسمها البنك المركزي العُماني، ضمن اختصاصاته التنظيمية في القانون المصرفي.
وختامًا.. تؤدي البنوك في سلطنة عُمان دورًا محوريًا في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة. وبفضل التعاون المستمر مع البنك المركزي والالتزام بالتنظيمات التشريعية، أصبح القطاع المصرفي أكثر قدرة على دعم المشاريع الإنتاجية، وتنمية القطاعات المستهدفة، وتعزيز الشمول المالي، والمساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040".
** الرئيس التنفيذي السابق للبنك المركزي العُماني