الوطن.. حصن الاستقرار وسياج الأمان

 

عباس المسكري

حينما ننظر إلى تاريخ أوطاننا، ندرك أن كل حجر مشيّد، وكل منجز قائم، وكل نعمة ننعم بها اليوم، ما هي إلا حصيلة جهود أجيال سابقة ضحّت وبذلت لكي نصبح على ما نحن عليه ، وإن أقل ما نقدمه لوطننا وفاءً لهذه التضحيات هو أن نحافظ على مقدراته، ونصونه من أي عبث يهدد أمنه أو استقراره.

ومن هذا المنطلق، فإن ترسيخ الإستقرار يبدأ من الفرد، ويزدهر بالتكاتف، ويُصان بالتمسك بالقيم التي تجمع ولا تفرّق، وتبني ولا تهدم ، فالمجتمع المتماسك هو الذي يجعل من وحدته مصدر قوة، ومن محبته للوطن دافعاً للعطاء والإنتماء.

وفي هذا السياق، تبقى المسؤولية مشتركة في تعزيز روح التآخي، وترسيخ ثقافة الإحترام، والابتعاد عن كل ما يضعف اللحمة الوطنية أو يشوش صفاءها ، فالوطن لا يُبنى إلا بالتآزر، ولا يزدهر إلا حين يتحد أبناؤه على كلمة واحدة ومصير مشترك.

ولأن الوطنية ليست شعاراً يُرفع، بل سلوك يُمارَس، فإن حب الوطن يتجلى في احترام الأنظمة، وصون الممتلكات العامة، والحفاظ على الموارد، والتعاون مع الجهات المعنية ، وإنها أمانة تُحفظ، وعهدٌ يتجدد في كل موقف ومناسبة.

وما تحقق على أرض الوطن من نهضةٍ ومكتسبات ليس مجرد نتائج ملموسة، بل هو انعكاس لوعيٍ وطني ، راكمته الأجيال، وتجسيدٌ لروحٍ جماعيةٍ آمنت بأن البناء مسؤوليةٌ مستمرة ، وحين نُدرك أن كل منجز هو شاهدٌ على إرادةٍ وطنيةٍ صادقة، نزداد حرصاً على رعايته، وتطويره، وتوريثه لمن يأتي بعدنا أكثر إشراقاً وإستعداداً.

ولأن الوطن لا يقف عند حدود ما تحقق، فإن المستقبل يحمل في طياته فرصاً واعدة، ومجالاتٍ جديدة للنماء والتميز، حين يكون كل فردٍ شريكاً في البناء، ومؤمناً بأن العطاء لا ينقطع، وأن الأوطان تزدهر حين تتوحد الإرادة، وتُصان القيم، ويُستثمر الوعي في صناعة غدٍ أجمل.

وفي الختام.. يبقى الوطن أمانة في أعناقنا جميعاً، وإستقراره مسؤولية تتجدد في كل يوم ، فلنكن أهلاً لهذه الأمانة، نبني بالوعي، ونحمي بالمحبة، ونرتقي بالوحدة، حتى يظل وطننا شامخاً، عزيزاً، مستقراً، ومضيئاً في ذاكرة الأجيال.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة