الرؤية- ريم الحامدية
تصوير/ خالد البوسعيدي
كشفت دار الأوبرا السلطانية مسقط عن تفاصيل العرض العالمي الأول لأوبرا "سندباد: البحّار العُماني"؛ وهي إنتاج ضخم جديد، وبارز يجسد التراث البحري العريق والإرث الثقافي العُماني ويعزز مكانتها الثقافية على الساحة العالمية، ويمثّل نقلة نوعيّة في الأداء المسرحي المعاصر باللغة العربية، وأُنتجت هذه الأوبرا العربية بالتعاون مع قصر الفنون في بودابست (موپا)، وهي أوبرا كبيرة واسعة النطاق تعيد إحياء أحد أشهر أساطير العالم العربي.
ويُقدّم هذا الإنتاج التاريخي (سندباد) ليس فقط كبحّار أسطوري، بل كبطل عُماني حقيقي، وشخصية شكّلتها طبيعة السلطنة، وقيمها وروحها الخالدة. ومن خلال هذا العمل الناطق باللغة العربية، تفتتح "السندباد: البحّار العُماني" فصلًا جديدًا في عالم الأوبرا المعاصرة، وهو مُصمّم خصّيصًا للأصوات العربية، ويروي قصة متجذّرة في الوجدان العُماني.
الأوبرا من تأليف وقيادة المايسترو المصري هشام جبر، وكتابة نادر صلاح الدين، وإخراج تشابا كايل، مدير أوبرا بودابست (موپا)، ومؤسس مهرجان "بارتوك الدولي للربيع"؛ وهو أحد أبرز الأسماء في المشهد الفني الأوروبي. وسيفتتح هذا الإنتاج الموسم الجديد لدار الأوبرا السلطانية مسقط، ومن المقرّر أن يُعرض في أوروبا عام 2026.
تمازج الثقافات: الشرق يلتقي الغرب على خشبة المسرح
وتقدّم العرض أوركسترا الإذاعة السيمفونية المجرية، بمشاركة فرقة باليه جيوري، ويضم أيضًا فريقا موسيقيًا كاملًا ناطقًا بالعربية، وفرق رقص عُمانية تقليدية، وعازفين منفردين عرب. ومن أبرز ما يميّز هذا العرض انضمام فرقة شرقية إلى الأوركسترا؛ حيث تدمج آلات تقليدية كالعود والقانون لخلق مزيجًا موسيقيًا فريدًا يجمع بين الشرق والغرب.
كما أنّ تصاميم الديكور والأزياء مستوحاة من العمارة والأزياء التقليديّة والمناظر الطبيعية العُمانية الخلّابة. وتتميز الأوبرا بمشاهد بصريّة تثري المشهد المسرحي صمّمت بواسطة التقنيّات الرقمية الحديثة الغامرة، هذه المشاهد ترسم صورة حية لجمال الساحل العُماني وجبالها المهيبة وصحاريها ذات الرمال الذهبية.
الفن والعطر: تجربة متعددة الحواس
وفي لفتةٍ فريدةٍ غير مسبوقة، تتعاون دار الأوبرا السلطانية مسقط مع دار العطور العُمانية العالمية أمواج لإطلاق عطر خاص بعنوان "سندباد"، إذ استلهم العطر من أسطورة "العطر السحري" في الأوبرا، وقد صُنع بنفحاتٍ من العسل والشاي الأسود والمانجو والفانيليا، مع قاعدة من خشب الصندل المعتّق الذي تم تخزينه لمدة 6 أشهر في براميل خشبية خاصة لمنحها عبقًا دافئًا وزمنًا خالدًا، ليقدّم العطر رحلة عطرية موازية لمغامرة العرض الأوبرالي.
وسيشهد الجمهور تجربة فريدة، إذا سينتشر العطر برقّة في القاعة خلال لحظات رئيسية من العرض، مما يتيح للجمهور تجربة حسية متكاملة، ليس فقط من خلال الموسيقى، والإخراج، بل من خلال الرائحة العطرية. هذا العنصر المتعدّد الحواس يُحوّل الأوبرا إلى تجربة ثقافية غامرة بكلّ معنى الكلمة.
سيتوفر العطر بكميات محدودة في متاجر "أمواج" المختارة داخل السلطنة، بما في ذلك: مول عُمان، مصنع أمواج ومركز التصنيع والزوار، وفندق ماندارين أورينتال، ومركز سابكو، إضافة إلى متجر دار الأوبرا السلطانية مسقط.
أصواتٌ وراء الرؤية
وقال صاحب السمو السيد الدكتور كامل بن فهد آل سعيد، عضو مجلس إدارة دار الأوبرا السلطانية مسقط: "إن (سندباد: البحّار العُماني) أكثر من مجرد أوبرا، إنها رحلةٌ حيةٌّ في التراث والخيال والتواصل الإنساني، ويستلهم العمل روح عُمان البحرية، ويعكس قيم مجتمعنا المتمثل في الشجاعة والانفتاح والحوار الثقافي، ومن خلال تعاوننا مع أمواج، تتعمّق هذه الرؤية لتتحول إلى تجربة غامرة تُضفي على الروائح رونقًا خاصًا في سرد القصص، فالفنون ذات لغةٌ مشتركة، وجسر عالمي يحمل هوية عُمان إلى العالم".
وذكر خالد بن حمد البوسعيدي رئيس مجلس إدارة أمواج: "تجسّد الشراكة بين أمواج ودار الأوبرا السلطانية مسقط التقاء رؤيتَين عُمانيتَين تتعاملان مع الثقافة بوصفها حضورًا حيًّا للهوية، لا مجرّد إرثٍ نحتفي به، ولطالما كان فن صناعة العطور في أمواج وسيلتنا لرواية الحكاية، وصياغة الإحساس بلغة الحرفة، وفي ’سندباد: البحّار العُماني‘، قدّمنا رؤيتنا لهذا العمل من خلال شراكة إبداعية مع دار الأوبرا السلطانية مسقط، فكان اللقاء بين الصوت والعبير، تتويجًا لحكاية تنطلق من عُمان إلى العالم".
وقال أومبرتو فاني المدير العام والمدير الفني لدار الأوبرا السلطانية مسقط: "تجسد هذه الأوبرا عمق الثقافة العُمانية وقدرتها على الإلهام، وتأثيرها في الساحة العالمية، ويمثّل هذا الإنتاج علامة فارقة في رحلتنا نحو إنتاج أعمال أصيلة عالميّة، إنها لحظة فخر وطني، تتحقق من خلال تعاون دولي كبير ومتميز".
وفي حديثه عن الرحلة الإبداعية (سندباد.. البحّار العُماني)، علق المخرج تشابا كايل، مدير قصر الفنون في بودابست ومؤسس أسبوع بارتوك الربيعي الدولي للفنون: "إنه لشرف عظيم أن نتعاون في هذا الإنتاج مع مؤسسة مرموقة كدار الأوبرا السلطانية مسقط، وأن نساهم في لحظة فارقة في تاريخ الأوبرا العربية الحديثة. بعد العرض الأول في مسقط، نحن متحمسون للغاية لتقديم عالم سندباد الساحر وإحساسه للجمهور المجري في الليلة الختامية لأسبوع بارتوك الربيعي 2026".
وبهذا العمل الاستثنائي، تواصل دار الأوبرا السلطانية مسقط تعزيز الحضور الثقافي لعُمان في الخريطة العالمية؛ فالعمل باللغة العربية، يرسّخ الهوية العُمانية، ليصل صداه إلى مختلف ثقافات العالم من خلال جمال الموسيقى وروعة الأداء وما يضفيه من متعة بصرية وسمعية، تُحيي الأوبرا أسطورة وطنية ذات تأثير عالمي.