◄ برامج تدريبية قانونية لـ300 موظف للقيد في سجل المفوضين
◄ الحبسي: البرامج التدريبية تعكس الاهتمام بتطوير مهارات الكوادر القانونية
◄ البلوشي: البرنامج التدريبي خطوة مهمة لتجويد العمل القانوني في وحدات الجهاز الإداري
◄ اللواتية: مساقات البرنامج متنوعة لكنه يحتاج إلى مزيد من التطوير
◄ الشافعي: البرنامج ساهم في تعزيز جاهزيتي لممارسة المهام القانونية بكفاءة
◄ العامري: اختبارات البرنامج وسيلة لضمان كفاءة ممثل الجهة الحكومية أمام القضاء
◄ الزيدي: البرنامج يتضمن 3 محاور تنتهي باختبار لقياس الجاهزية
مسقط- الرؤية
أتاح قانون المحاماة والاستشارات القانونية الجديد والصادر بالمرسوم السلطاني رقم (41/2024)، الفرصة لإعداد ممثلين قانونيين مؤهلين من داخل الجهاز الإداري للدولة، إذ لم يعد حضور الموظف المفوض في المحكمة مجرد تفويض إداري، بل أصبح مسؤولية مهنية ترتبط بالمعرفة والالتزام والأداء.
ومنذ صدور القانون، خضع أكثر من 300 موظف مفوض لبرامج تدريبية متخصصة تناولت القانون المدني، وقانون التحكيم، والإجراءات المدنية والتجارية، والقانون الإداري، والجرائم المرتبطة بالوظيفة العامة، إلى جانب القوانين المتعلقة بالخدمة المدنية وأخلاقيات العمل القانوني، وذلك إلى جانب التطبيق العملي وصياغة المذكرات القانونية، وأخيرا الامتحان النهائي للقيد في سجل الموظفين المفوضين.
ويقول الدكتور أحمد بن حمود الحبسي الأمين العام المساعد للشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الدولة، إنه التحق بالبرنامج التدريبي لما تفرضه اختصاصات الوظيفة مثل تمثيل المجلس في الأعمال القانونية، إلى جانب تلبية متطلبات تطبيق قانون المحاماة الجديد الذي نصَّ على شرط اجتياز البرنامج التدريبي للقيد في سجل الموظفين المفوضين بالحضور والمرافعة عن وحدات الجهاز الإداري للدولة.
ويضيف: "لقد كان التوقع قبل دخول البرنامج مبنيًا على تحقيق استفادة معرفية نوعية تضاف إلى الخبرة العملية، خاصة فيما يتعلق بالترافع أمام المحاكم والتعامل مع مختلف الدعاوى القضائية، وقد تحقق ذلك بشكل نسبي، ومع أن البرنامج في مجمله يعتبر بالنسبة لي مراجعة لمستوى المعرفة والمهارات بحكم الخبرة الطويلة في الوظيفة القانونية، إلا أن فكرة البرنامج في حد ذاتها تعكس مستوى الاهتمام الكبير بتطوير الكوادر القانونية العاملة في هذا المجال".
ويشير الحبسي إلى أن مساقات البرنامج التدريبي كانت مناسبة وشاملة لجميع الجوانب القانونية المهمة خاصة فيما يتعلق بإعداد مذكرات الدعاوى والفتاوى القانونية، ومع ذلك فقد يكون من المناسب مراعاة الاختلاف في طبيعة العمل بين المشتغلين في الوظيفة الإدارية عن طبيعة العمل لدى المحامين المقيدين في الجداول، وعلى ذلك الأساس يمكن تخصيص مساقات أكثر تخصصًا وتعمقًا في المجال الذي يخدم الجهات والمؤسسات الحكومية، مقترحا أن يتم وضع البرنامج على مستويات تدريبية مختلفة تتناسب مع مستوى الخبرة العملية للموظفين القانونيين، وتكثيف الأنشطة العملية للخاضعين للبرنامج التدريبي ويتم التقييم على أساسه، بدلاً من التركيز على الاختبار الكتابي.
من جهته، يرى جاسم بن محمد البلوشي مدير الدائرة القانونية بوزارة التربية والتعليم، أنه يمكن تطوير البرنامج التدريبي من خلال الاستعاضة بحضور المحاضرات عن بعد عبر الحضور المباشر، إذ أن الحضور المباشر يؤدي إلى زيادة التركيز عند المتدربين كما تؤدي إلى تمكين المدرب من إعطائهم تطبيقات عملية تسهم في تطوير مهاراتهم القانونية.
ويوجه البلوشي رسالة لزملائه: "يعد البرنامج التدريبي خطوة مُهمة لتجويد العمل القانوني في وحدات الجهات الإدارية للدولة، كما أن البرنامج المشار إليه جاء لصقل مهاراتهم القانونية وأن عليهم عدم التردد في الالتحاق به، كما أنه من المهم عدم التفاتهم لما يثار حوله من نقد غير إيجابي، ونرى أنه من المناسب دراسة جدوى ضم جميع القانونيين تحت مظلة واحدة تتولى مهمة الترافع والحضور عن وحدات الجهات الإدارية للدولة".
وفي السياق، تؤكد سجود بنت عبد الأمير اللواتية باحثة قانونية في المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة مسقط ن تجربتها في البرنامج التدريبي كانت محطة مهمة أضافت الكثير إلى رصيدها المعرفي والمهني، مشيرة إلى أنَّ المواد التي تناولها البرنامج مثلت قيمة حقيقية لتطوير أدائها القانوني.
وتوضح: "بالنسبة للمواد التدريبية التي تم تدريسها كانت متنوعة وارتكزت على بعض القوانين أو أجزاء منها فيما يتعلق بالأعمال القانونية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحضور والمرافعة وتمثيل وحدات الجهاز الإداري بالدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، إضافةً إلى التحكيم أيضًا، وكانت أبرز تلك المواد التدريبية: قانون الإجراءات الإدارية، والجرائم المرتبطة بالوظيفة العامة، والأحكام المرتبطة بالموظف العام، وأيضًا قانون الإجراءات المدنية والتجارية، وقانون المعاملات المدنية، إضافة إلى طريقة كتابة صحائف الدعاوى وصياغة الآراء القانونية، وغيرهم، وبالتالي فقد كانت تلك المواد بالغة الأهمية؛ لتنشيط الذاكرة وتحديث ما بها من معلومات، بل وتصحيحها أيضًا، لاسيما مع التطور التشريعي الذي شهدته سلطنة عمان في السنوات الأخيرة."
وتضيف: "أما من حيث التقييم، فإنني كمتدربة أرى بأن البرنامج نظرًا لحداثة عهده لا يزال بحاجة للتطوير والتحديث، وبخاصة في الجوانب المتعلقة بالمحتوى العلمي وآلية طرحه، إلى جانب اختيار الوقت المناسب لبدء البرنامج، وبلا شك فإن الجهود التي بُذلت ولازالت هي محل شكر وتقدير لوزارة العدل والشؤون القانونية."
وحول الاختبار، تشير اللواتية إلى أن الأسئلة لم تخرج عن محتوى المحاضرات، وكانت تهدف إلى قياس مدى كفاءة الباحث في فهم الأسئلة المقالية وربطها بالأحداث المتسلسلة لذات التمرين، مبينة: "إن أعظم استثمار حكومي للدول هو حرصها على صقل مهارات القانونيين لديها وإمدادهم بالمهارات اللازمة لتمثيلها، وبالطبع فإن ذلك لن يتأتى سوى بالتدريب والتأهيل المستمرين".
بدوره، يقول عبدالعزيز بن راشد الشافعي رئيس قسم الشؤون القانونية في كلية عمان للعلوم الصحية، إن البرنامج التدريبي شكّل بالنسبة له تجربة مثرية ومتكاملة، أسهمت في تطوير مهاراته وتعزيز ثقته في أداء دوره القانوني، سواء داخل المؤسسة أو أمام القضاء، مبينا: ""قدّم لي البرنامج التدريبي فرصةً متميزة لتطوير مهاراتي القانونية بصورة تطبيقية وعملية، مما أتاح لي التعامل بمهارة عالية مع تعقيدات التداخل بين الأنظمة القانونية المختلفة، وفهم النصوص القانونية المتعددة بشكل مترابط وواضح، كما ساهم في ترسيخ العديد من القوانين واللوائح الأساسية التي تشكل الدعامة الرئيسية للعمل القانوني، فكان دعامة قوية لتعزيز جاهزيتي لممارسة المهام القانونية بكفاءة على أرض الواقع."
ويضيف: "علاوة على ذلك، أسهم البرنامج في تعزيز قدراتي على مهارات إعداد وصياغة المذكرات والوثائق القانونية بدقة وانتظام، مع قدرة محسّنة على ترتيب الأولويات ومعالجة القضايا القانونية وفق منهجية واضحة، كما زودني بالثقة اللازمة للترافع وتمثيل الجهة القانونيّة أمام المحاكم، بما يتماشى مع التشريعات القانونية الحديثة ويجسد مستوىً مهنيًا متميزًا وموثوقًا".
ويرى الشافعي أن البرنامج كان تجربة غنية من خلال تنوع الخبرات ووجهات النظر التي قدمها المحاضرون، إذ أتاح تعدد الصفات الوظيفية لمقدمي محاور البرنامج فرصة لاستفادة من تجارب عملية متنوعة، مما رسخ الربط بين النظرية والتطبيق بصورة واقعية وفعّالة، كما أنه ركز على محاكاة بيئة العمل القانوني في المؤسسات الحكومية، مما ساهم في توفير إطار تدريبي واقعي يعزز فهم التحديات والقضايا اليومية التي يواجهها القانونيون في الممارسة العملية".
ويؤكد الشافعي أنَّ البرنامج تميز بالوضوح والسلاسة في تقديم المفاهيم القانونية المعقدة مدعوماً بتطبيقات عملية تُترجم المعرفة النظرية إلى مهارات عملية ملموسة، كما أنه ساهم في تنمية القدرة على اتخاذ القرارات القانونية المستنيرة من خلال فهم التداخلات والتوافقات بين القوانين، ما أتاح رؤية شاملة ومنهجية في معالجة الملفات القانونية.
ويبين: "مع استمرار هذا النوع من البرامج التدريبية، سيكون الموظف أكثر قدرة على التعامل مع مستجدات العمل القانوني ويعزز من مهاراته بما يتناسب مع متطلبات العمل اليومي. فالبرنامج الحالي جمع بين الجانب النظري والتطبيقات الواقعية، وتأتي أهميته في ظل المرحلة التي تشهدها سلطنة عمان من تحديث شامل للقوانين بما يتناسب مع متطلبات التطور السريع."
من جهته، يقول سعيد بن سلام العامري المدير العام المساعد للشؤون العدلية ورئيس لجنة تدريب وتأهيل المحامين، إن الاختبارات التي مرّ بها الموظفون المفوضون ليست مجرد متطلبات شكلية، وإنما هي وسيلة لضمان أن من يمثل الجهة الحكومية أمام القضاء هو شخص مدرب، قادر على التعامل مع مختلف القضايا باحترافية، إذ تأتي هذه البرامج من أجل تعزيز مهارات الموظفين المفوضين وتنمية قدراتهم أمام القضاء وتعزيز المنظومة القانونية بشكل عام عبر رفد الجهات بكوادر وكفاءات قادرة علميا وعمليا على ممارسة دورها وفق أفضل المعايير.
كما يشير المحامي ناصر بن سليمان الزيدي عضو لجنة تدريب وتأهيل المحامين، إلى أن اللجنة أطلقت برنامجا مكثفا لتأهيل الكوادر الوظيفية للمفوضين بالترافع أمام المحاكم عن وحدات الجهاز الإداري للدولة، وقد جاء البرنامج في فترة زمنية قصيرة تزامنت مع ذروة الأعمال القضائية، تطبيقا لمتطلبات قانون المحاماة والاستشارات القانونية بعد أن أفرد تنظيما خاصا للموظفين القانونيين.
ويوضح الزيدي أن البرنامج صُمم بمرونة عالية تتلاءم مع تحديات ضيق الفترة الزمنية، حيث تم عبر ثلاثة محاور: الأول دروس علمية وعملية تناولت مساقات مختلفة من القوانين الموضوعية والإجرائية وصياغة المذكرات والعقود، إلى جانب نشاط بحثي استراتيجي يربط بين الجانب النظري والتطبيق العملي يطلب من الموظف إعداده بالتزامن مع سير البرنامج، ويختتم البرنامج باختبار اجتياز يحدد ويقيس مدى جاهزية الموظفين لتمثيل جهاتهم والدفاع عن المصالح العامة وفق أحدث التشريعات الوطنية.