د. سالم بن عبدالله العامري
في مشهد يعكس نجاح الجهود المبذولة في تطوير القطاع السياحي، تجاوز عدد زوار موسم خريف ظفار هذا العام في الفترة من 21 يوليو وحتى 31 أغسطس حاجز المليون سائح بحسب التقديرات الأولية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بارتفاع بلغ 2% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024م، في دلالة واضحة على المكانة المتنامية التي باتت تحتلها محافظة ظفار كوجهة مفضلة خلال أشهر الخريف، بفضل ما تزخر به من مقومات طبيعية آسرة وخدمات سياحية متطورة.
لم يكن هذا الارتفاع اللافت في عدد الزوار محض صدفة، بل جاء ثمرة لسلسلة من التحسينات الجوهرية التي طالت مختلف مكونات القطاع السياحي، حيث شهدت المحافظة توسعة في شبكة الطرق لتسهيل التنقل، إلى جانب زيادة ملحوظة في عدد المنشآت الفندقية ومرافق الإيواء مما ساهم في رفع الطاقة الاستيعابية لموسم الخريف واستيعاب التدفق الكبير للسياح، علاوة على وفرة وتنوع مختلف الخدمات الضرورية للزائر في أغلب المواقع السياحية في المحافظة.
وقد انعكست هذه الجهود بوضوح في تجربة الزائر والمقيم على حد سواء، حيث سجل الموسم الحالي رضى عاليًا بحسب مشاهداتي لدى شرائح واسعة من الزوار، الذين أشادوا بجودة الخدمات، وتنوع الفعاليات، وتطور البنية التحتية، مقارنة بالمواسم الماضية التي كانت تواجه تحديات موسمية متكررة.
من المؤكد أن الزائر اليوم لا يأتي فقط للاستمتاع بالمناخ المعتدل والمناظر الطبيعية الخلابة، بل ليجد بيئة سياحية منظمة ومهيأة، تلبي مختلف الأذواق. وقد تجلى ذلك من خلال الإقبال الكبير على البرامج الترفيهية والثقافية والفنية، إلى جانب جودة الخدمات في الفنادق وبيوت الضيافة، وتفاعل المجتمع المحلي مع الموسم كعنصر داعم ومشارك في إنجاحه، إلى جانب جودة مستوى التنظيم والانسيابية في حركة النقل بمجاليه الجوي والبري، وحركة المرور، والنظافة العامة، الشي الذي برهن على أن خريف ظفار هذا العام جاء مختلفًا، وأفضل تنظيمًا، وأكثر استجابة لتطلعات الزائر المعاصر.
ورغم أن بلوغ حاجز المليون سائح يُعد إنجازًا بحد ذاته، إلا أن المختصين يرون أن هذا الرقم قابل للارتفاع بشكل أكبر، إذا ما تم استثمار ما تبقى من أيام موسم الخريف، الذي يمتد حتى 21 سبتمبر الجاري، عبر حزمة من الإجراءات الممكنة والمؤثرة. وفي هذا السياق، يبرز مطلب تأجيل عودة المدارس والجامعات لبضعة أيام فقط، بهدف تمكين الأسر من مواصلة الاستمتاع بالموسم دون تعارض مع الالتزامات الدراسية. كما أن استمرار إقامة الفعاليات والأنشطة الترفيهية حتى نهاية الموسم سيكون له أثر كبير في استقطاب المزيد من الزوار، سواء من داخل السلطنة أو خارجها.
ختامًا: موسم خريف ظفار 2025 أثبت أنَّ السلطنة قادرة على بناء موسم سياحي نوعي ومُستدام، مدعومًا بالبنية التحتية الحديثة، والمقومات البيئية الفريدة، والتخطيط المؤسسي المتكامل. ومع الحفاظ على هذا النسق من التطوير، فإنَّ محافظة ظفار تمضي بثبات لتصبح من أهم الوجهات الموسمية في المنطقة والعالم، مُقدمة نموذجًا عُمانيًا ناجحًا في صناعة السياحة.