حمد الناصري
قال العرب قديمًا الطبع غلب التطبّع ويُحكى أنّ فيضانًا حصل في مكان ما وأوشك العقرب على الغرق فتوسّل للضفدع أنْ يحمله إلى بر الأمان فتردّد الضفدع كثيرًا، وقال له إنِّك عقرب وقد تلدغني في أيِّ وقت فأكّد العقرب له أنَّه لن يمّسه وحمله الضفدع على ظهره وفي مُنتصف الطريق لدغ العقرب الضفدع، فقال الضفدع وهو يغرق مع العقرب غلب طبْع العقرب؛ والصهاينة عبارة عن عقارب في هذه الأرض تطبّعوا وطُبِعوا على الغدر والخسّة وهجومهم الأخير على الدوحة مثال جديد وليس الأخير.
وقد عُرف الصهاينة في تأريخهم القصير بالغدر والإجرام فمنذ تأسيس تلك الحركة الإرهابية وهُم على شاكلة الكذب والغدر والمكر؛ فافتعلوا الحروب والفتن واستباحوا الحُرمات وقتلوا حتى أبناء ملّتهم من اليهود لكي يصلوا إلى أهدافهم الدنيئة من خلال عصاباتهم من الآرغون والهاغاناه والشّتيرن وكُلما عاهدوا عهدًا نقضوه وسفكوا الدماء، قال تعالى {أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}؛ أي أنهم قوم لا يُؤمن شرّهم ولا يُوثق بعهودهم ولا يَسلم أحدٌ منهم ، ولا عجب فقد غدروا حتى بـ"الكونت برنادوت" الذي اقترح إنشاء دولة إسرائيل وفق حدود مُعينة وفجّروا مقرّ القوات البريطانية التي دعَتْهم وساندتهم في فندق الملك داوود في القدس قبل إنشاء دولة اسرائيل عام 1948.
وتأتي العملية الغادرة بالأمس في الدوحة في خِضم مُفاوضات بين حماس وإسرائيل والتي احتضنت جولاتها الدوحة نفسها لسنتين وهذا يظهر جليًا أنّ ما فعلته إسرائيل لم يَسبقها إليه أحد في الغدر والإجرام فكيف بطرف يتفاوض ويُهاجم ويقصف مقرّ المفاوضات الذي يُفترض أنه مكان مُحايد؟
وتُذكّرنا عمليّات غدرهم بالماضي القريب بعد أن جرت مُفاوضات أوسلو في بداية تسعينيات القرن الماضي وأيضًا برعاية أمريكية والوصول إلى اتفاق بين الطرفين فغدروا بالفلسطينيين وياسر عرفات الذي كان رئيس السلطة الفلسطينية وقتها ومن ثم قاموا بتسميمه وقتله لاحقًا.
إنّ أفعال الصهاينة تُجبر كل ذي لُب ألّا يثق بهم ولا بعهودهم ولا بأمريكا كضامن لهم فالمُؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، وقد لدغنا نحن العرب من الجُحر الصهيوني عشرات المرّات؛ فمتى نَعِي الدرس؟
الخلاصة أنّ الإنسان الذي لا يَعتبر ولا يتعلّم من أخطائه ومن التاريخ سينتهي إلى ما انتهى إليه الضفدع فطبْع العقرب المُتأصّل لدى الصهاينة يمنعهم من التعامل بنزاهة وصِدق ويُجبرهم في كل مرّة على لدغ الطرف الآخر حتى لو تسبّب ذلك بهلاك الطرفين ودمارهم؛ وغدْر الصهاينة مُتأصّل في أخلاقهم، كالكذب والجشع والقسوة وكتمان الحق بل هيَ صِفة من صفاتهم وقد عُرفوا بها ونراها في واقعهم مُتجذّرة، غدر وخيانة "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأنْبِياء".
إذن الصهاينة قد غدروا بأنبياء الله ورُسله، وها هُم يُعيدون نفس الأفعال القبيحة، يغدرون بقادة حماس وهم يُفاوضونهم في دولة قطر.
حفظ الله وطننا عُمان وكل البلاد العربية والإسلامية مِن غدر الصهاينة وردّ الله كيدهم في نحورهم حتى يُهلكهم.