القوانين واضحة.. لكن النفوس أحيانًا تُعيقها

 

 

 

حمود بن سعيد البطاشي

 

تشهد مجتمعاتنا بين الحين والآخر بعض المُمارسات غير السليمة التي لا تتوافق مع القيم الاجتماعية ولا مع القوانين الواضحة التي تنظم شؤون الأفراد. ومن أبرز هذه الممارسات ما نراه أحيانًا من خلافات بين الجيران، حين يسعى أحدهم إلى تعطيل حق جاره المشروع في الحصول على أرضٍ سكنية استحقها وفق النظام، متذرعًا بمبررات غير موضوعية، غايتها العرقلة لا أكثر.

إن مؤسسات الدولة- مشكورة- وضعت أنظمة ولوائح تنظم استحقاق الأراضي السكنية، وجعلتها متاحة للمواطنين وفق معايير واضحة وشفافة، بعيدًا عن التمييز أو التفرقة. وتسعى الجهات المختصة باستمرار إلى إيجاد حلول عملية لمعالجة الطلبات، وتوفير قطع أراضٍ سكنية للمواطنين بما يضمن لهم الاستقرار وبناء مساكن تؤويهم وأسرهم. هذه الجهود تعكس حرص الحكومة على خدمة المواطن وتحقيق العدالة، وهي تستحق أن يُقابلها المجتمع بروح إيجابية، لا بمحاولات التعطيل والمشاحنات.

إنَّ الاعتراضات غير المبررة التي يقدمها بعض الأفراد على استحقاق جيرانهم لقطع الأراضي لا تسيء فقط إلى الجار المُتضرِّر، وإنما تسيء أيضًا إلى مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يفترض أن يكون هو الرابط بين أفراد المجتمع. فالعلاقة بين الجيران قائمة في الأصل على التعاون والمساندة، لا على التنافس السلبي أو السعي للإضرار بالآخر.

إنَّ من المؤسف أن تتحول بعض القضايا السكنية إلى وسيلة لإظهار الحسد والبغضاء، بدلًا من أن تكون فرصة لتعزيز قيم المودة وحسن الجوار. فالجيرة ليست مجرد تجاور مكاني، وإنما هي قيمة إنسانية واجتماعية أكد عليها ديننا الحنيف، وأعطتها العادات والتقاليد مكانة رفيعة. ومن هنا، فإنَّ محاولات حرمان الجار من حقه المشروع تتعارض مع روح هذه القيم ومع متطلبات العيش المشترك.

إننا اليوم بحاجة إلى أن نعيد التأكيد على أهمية الالتزام بالقوانين واللوائح، فهي الفيصل في مثل هذه القضايا، بعيدًا عن الأهواء الشخصية والمصالح الضيقة. كما أنَّ على المجتمع أن يُعزز ثقافة تقبّل حقوق الآخرين، والإيمان بأن ما كُتب للإنسان من رزق فلن يمنعه عنه أحد، وما لم يُكتب له فلن يناله مهما حاول.

إنَّ إعاقة حصول المواطن على قطعة أرضٍ سكنية مستحقة لا تعود بالنفع على أحد، بل إنها تزيد من تعقيد المشهد، وتؤدي إلى تراكم القضايا لدى الجهات المختصة. أما إذا تحلينا جميعًا بالوعي وروح المسؤولية، فإننا سنسهم في تسهيل عمل مؤسسات الدولة، وتسريع حصول كل مواطن على حقه المشروع.

وفي الختام.. تبقى الرسالة الأهم هي أن القوانين واضحة والحقوق مكفولة، لكن التحدي الحقيقي يكمن في النفوس، فإما أن تختار التسامح والتعاون، أو أن تقع في فخ الحسد والعرقلة. ومتى ما انتصرنا لقيم العدالة والتكافل، سنبني مجتمعًا أكثر قوة، ينهض بأبنائه جميعًا دون استثناء.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة