د. أحمد بن محمد الهنائي
يُمثِّل التدريب إحدى ركائز التنمية الإدارية القائمة على رفع كفاءة المُوظفين شاغلي مختلف التقسيمات الإدارية في القطاعين العام والخاص، والذي ينعكس إيجابًا على زيادة الإنتاجية في العمل والتنويع من الابتكار ومن ثمَّ تجويد العملية الإدارية في مؤسسات هذين القطاعين مما يُؤدي إلى تحقيق تنمية شاملة ومُستدامة.
ولقد أبانت التقنية الرقمية الحديثة على وجوب مواكبة هذه المتغيرات من خلال قيام القطاعين العام والخاص بالاستثمار في التدريب وتنمية الموارد البشرية. وغني عن البيان أنَّ التدريب يقوم بدور محوري في تزويد الموظفين بالمهارات والمعارف اللازمة لمواكبة التطورات في شتى مناحي بيئات العمل.
وتتباين المُؤسسات في كلا القطاعين العام والخاص في مدى الاهتمام بدور التدريب في محور التنمية الشاملة للدولة، وبذلك كلما كان هنالك وعي مؤسسي قائم على وجوب تحديث وتنويع المجالات التدريبية بما يتناسب مع مراحل التنمية كان هنالك تقدم نوعي في مسار تلك الجهة. فلا مناص من أن مجال التدريب شأنه كسائر المجالات التي يجب أن تُواكب التحديث والتطوير في نوعية البرامج التدريبية التي تقدمها مختلف الجهات المختصة بالتدريب.
والتدريب له أهمية قصوى في كلا القطاعين؛ حيث يبرز هذا الدور في القطاع العام من خلال رفع كفاءة الموظف، وتمكينه من القدرة على اتخاذ القرارات السليمة في بيئة العمل، بالإضافة إلى تطوير المؤسسة التي يعمل بها، وتعزيز جانب الرضا من المستفيدين من خدماتها، مع أهمية مواكبة التحول الرقمي بالاستفادة من التقنيات الحديثة في كل مرحلة من مراحل البناء المؤسسي.
في حين يبرز دور التدريب في القطاع الخاص من خلال رفع مستوى الإنتاجية والتنافسية بين مختلف مؤسسات هذا القطاع، ومن ثم رفع نسبة القدرة على الإبداع والابتكار لهؤلاء الموظفين، مما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات التي تقدمها تلك المؤسسات، وصولاً إلى خلق سلم وظيفي من القيادات القادرة على إدارة القطاع الخاص بكل كفاءة واقتدار.
وحاصل القول إنَّ التدريب قائم بدور حيوي في تطوير مهارات الموظف، وتعزيز انتمائه الوظيفي بالمؤسسة التي ينتمي إليها، وتحسين الخدمات التي تُقدمها تلك المؤسسة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق رؤية ورسالة تلك المؤسسة وتحقيق أهدافها وفق أسس علمية، وفي إطار نسق نظامي قائم على التطوير المعرفي.
ولئن كان ذلك، وبالرغم من أهمية دور التدريب في تطوير الموظف والمؤسسة التي ينتمي إليها على حد سواء، إلا أن تحقيق هذا الدور يواجهه العديد من المعيقات والتحديات التي تقف عائقًا أمام تحقيق التنمية المستدامة، ولعل من أبرز تلك المعيقات:
- ضعف الميزانيات الخاصة بالتدريب في القطاعين العام والخاص.
- عدم الاكتراث بأهمية دور التدريب لدى بعض القيادات الإدارية.
- تخوف بعض الموظفين من التغيير والتطوير والتحديث للمهام الوظيفية الموكلة إليهم.
- غياب منهجية قياس أثر التدريب على أسس علمية ودقيقة، عوضًا على غياب تقييم البرامج التدريبية والمهارات التي اكتسبها الموظف.
وبغية معالجة هذه التحديات، وتحقيق الغاية من دور التدريب في تنمية الموارد البشرية في القطاعين العام والخاص، فإن على الجهات المختصة إيلاء مجال التدريب مزيد من الدراسة والتمحيص، مع الأخذ بالاعتبار بعض العناصر اللازمة للوقوف على هذا الدور، وهي:
أولًا: زيادة المخصصات المالية الخاصة بمجالي التدريب والتأهيل.
ثانيًا: ايفاد الموظفين في برامج تدريبية متخصصة تتواكب مع كل مرحلة من مراحل التنمية الإدارية.
ثالثًا: قيام التقسيم الإداري المختص باختيار البرامج التدريبية التي تتواكب مع وسائل التقنية والتحول الرقمي والاختصاصات الخاصة بالجهة الإدارية.
رابعًا: وجود منهجية لقياس أثر التدريب، تعمل على تجميع البرامج التدريبية وتحليل تلك البرامج بما يتلاءم مع الاختصاصات الوظيفية لكل تقسيم إداري، ومن ثم قياس أثر التدريب على كل من المهارات الوظيفية للموظف، وتطوير بيئة العمل المؤسسية.
خامسًا: عقد برامج تعاونية في مجال التدريب بين المؤسسات التدريبية ومؤسسات القطاعين العام والخاص.
** دكتوراة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، ورئيس وحدة البرامج والتدريب بمعهد لينجوا