حيدر بن عبدالرضا اللواتي
يضطلع المركز الإحصائي الخليجي بعددٍ من المسؤوليات والمهام لتطوير العمل الإحصائي الذي يهم مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بدول المجلس، ومنذ مدة يعمل المركز على تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030، من خلال متابعته للبنود الواردة في التقرير العالمي التي تهم التنمية البشرية، خاصةً قطاعات الصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية والقطاعات الاقتصادية المتنوعة، وكذلك أعمال البيئة وجميع أعمال التنمية المُستدامة.
ويتابع المركز العديد من المواضيع التي تهم تطوير قاعدة بيانات التجارة الخارجية لدول المجلس لرصد اتجاهات التبادل التجاري مع الشركاء، وتقييم مستويات الاعتماد على الأسواق الخارجية، الأمر الذي يتطلب ضرورة الالتزام بتزويد المركز الإحصائي الخليجي ببيانات التجارة الخارجية في الوقت المناسب، مع تعزيز التعاون مع الإدارات الجمركية الخليجية لتدفق البيانات الجمركية من أجل التحليل والمتابعة والمراجعة والنشر. كما يتابع المركز أيضا مشروع إنشاء قاعدة بيانات البنية الأساسية والمؤشرات التي تتعلق بإحصاءات السياحة والثقافة والآثار والقطاعات الثقافية الأخرى.
وخلال الاجتماع الثاني عشر الأخير للجنة الدائمة لشؤون العمل الإحصائي بدول المجلس الذي عُقد بالجبل الأخضر في الأسبوع الماضي، تم مناقشة المسوّدة الأولية للخطة الاستراتيجية للعمل الإحصائي الخليجي المشترك (2026- 2030)، إضافةً إلى مناقشة مقترح إعداد التقرير الوطني الأول لمجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة 2030، وما تم إحرازه في هذا الصدد، بالإضافة إلى متابعة تنفيذ التوصيات التي تم إقرارها في الاجتماع السابق. ومثل هذه الاجتماعات دائمًا تهدف إلى إعطاء المزيد من الأهمية للخطة الاستراتيجية للعمل الإحصائي الخليجي المشترك، وتضع خارطة الطريق للعمل المشترك المتعلق بتطور عمل البيانات والإحصاء بهدف تعزيز مكانة دول مجلس التعاون ككتلة موحدة قادرة على المنافسة والريادة في عصر ثورة البيانات.
إنَّ الاهتمام بالعمل الإحصائي في الدول وتنمية الأعمال الحكومية من خلاله يتطلب من الجميع تنفيذ استراتيجيات فعَّالة تعتمد على جمع وتحليل البيانات بشكل دقيق وموثوق لكي تكون للنتائج الناجمة عنها أثر إيجابي على مختلف القطاعات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز البنية التحتية الإحصائية، وتحسين أنظمة جمع البيانات وتخزينها وتحليلها، إضافة إلى تحديث الأدوات والتقنيات المستخدمة في العمل الإحصائي، مع ضرورة تدريب الكوادر الإحصائية من خلال برامج متخصصة للعاملين في هذه المجالات الإحصائية، إضافة إلى تشجيع البحث العلمي والتطوير في مجال الإحصاء، وكذلك اعتماد السياسات والتشريعات الداعمة من خلال وضع قوانين تحفز على جمع البيانات بشكل دوري وشفاف، مع ضرورة إعطاء حماية خصوصية للبيانات وحقوق الأفراد.
إنَّ الخطة الخليجية للعمل الإحصائي تهدف إلى تحليل معمّق للوضع الراهن من أجل الوقوف على الإنجازات المتحققة خلال الخطط السابقة، مع استشراف آفاق المستقبل، ومواكبة متطلبات التنمية المستدامة لدول المجلس، وتعزيز تكاملها مع كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية لمواجهة التحديات واستغلال الفرص، وذلك من خلال الاستفادة من التحول الرقمي والتقني المتسارع والاعتماد على البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في مختلف مناحي الحياة. ويعمل القائمون على المركز الإحصائي الخليجي على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، اضافة إلى تعزيز التعاون الإقليمي، والمُضي قُدمًا في مواجهة التحديات المشتركة مثل التغير المناخي والأمن الغذائي وإدارة الموارد المائية، وغيرها من القضايا التي تهم التنمية بالمنطقة. وفي الوقت نفسه يعمل المركز على تقديم توصيات مستقبلية مثل إنشاء مركز إقليمي لأهداف التنمية المستدامة وتطوير استراتيجيات مشتركة، وتعزيز العمل الجماعي بهدف تحقيق مزيد من المكانة لدول المجلس في المحافل الدولية.
والمركز الإحصائي لدول المجلس ماضٍ في استعراض سير العمل في الدراسة التي يقوم بها في هذا الصدد، مع التأكيد على آليات تحميل البيانات على قواعد بيانات السوق الخليجية المشتركة وتحديث قواعد البيانات وإتاحتها. كما يمضي المركز في متابعة مشروع التجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي، وأهميتهما لدعم التنويع الاقتصادي وصياغة السياسات الحديثة بدول مجلس التعاون. كما تم التأكيد في الاجتماع الأخير على دعم الأجهزة الإحصائية في تكوين مؤشر الأداء البيئي الخليجي، وتوفير البيانات الإحصائية اللازمة، إضافة إلى تشكيل فريق عمل إقليمي للتقديرات والإسقاطات السكانية حيث بلغ عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 61 مليون نسمة في نهاية عام 2024، وفقًا لبيانات المركز الإحصائي الخليجي لشهر يوليو 2025، منهم 62.8% من الذكور، و37.2 من الإناث، وذلك لبناء نموذج خليجي يعكس الواقع السكاني لدول المجلس بفرضياته المختلفة وأبعاده المتباينة سواءً كانت في الجانب الاجتماعي أو في الجانب الاقتصادي.
إنَّ تطلعات المركز الإحصائي الخليجي كبيرة نتيجة لتوسع المؤسسات الاقتصادية في مجالات الطاقة والصناعة والبنية التحتية والمؤسسات الخدمية واللوجستية وغيرها، إضافة إلى العمل في المجالات التعليمية والصحية والاجتماعية، الأمر الذي يتطلب من المركز أن يواكب هذه التطورات، ويصبح على قدر كبير من المسؤولية. وهذا لا يتأتى ولا يتحقق إلّا من خلال المزيد من التنسيق بين كافة الاجهزة الخليجية من أجل الاسراع والالتزام والتعاون لتحقيق مزيد من التقدم لبناء مستقبل إحصائي خليجي أكثر إشراقًا وابتكارًا واستدامة، مع ضرورة الإسهام في السياسات الخليجية، وتوحيد البيانات، والتركيز على دعم أهداف التنمية المستدامة، وتنويع الاقتصاد، وتحسين مستوى الحياة، وتعزيز التعاون الإقليمي. كما يتطلب الأمر تعزيز الشفافية، وتمكين المؤسسات بدول المجلس من قياس الأداء الاقتصادي والاجتماعي بشكل مُوحَّد.