عندما يظهر المعدن العُماني الأصيل من بين النيران

حمد الناصري

يتداول الناس قصصا وحكايات عن بطولات نادرة من تاريخنا وإرثنا العُماني والعربي وينقلونها من جيل إلى جيل بكل فخر واعتزاز.. من هنا تأتي حكاية طفلة عُمانية سطرت حكاية جديدة في أسفار الشجاعة والبطولة العمانية.

 ولا شك أن البيئة والتربية، المصنع الرئيسي للصفات العظيمة وللعظماء، فانعكاس البيئة على صِفات الأفراد يظهر واضحًا إذا ما كانت تلك البيئة مُشجعة وداعمة لبناء روح المُبادرات الفردية والجماعية ومُساهمة في خلق دقّة وصواب القرار ومُعززة في بناء الثقة وتنمية القدرات، بما يساعد على مُواجهة التحديات الخلاّقة، ومن سيرة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم نستقي الدروس والعبر في التربية الصحيحة والتعامل الخلّاق مع الأطفال مثل ما فعله مع ابن أبي موسى الاشعري، فقد سمّاهُ النبي بإبراهيم وحنّكهُ بتمرة. وكذلك موقفه مع أخ الصحابي أنس رضي الله عنه، إذ كان له طائر صغير يُعرف بالنُغير، يقول أبو عمير، كان إذا جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول يا أبا عمير ماذا فعل النُغير. فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعم ويحترم أبناء الصحابة جميعًا رغم اشتغاله بقضايا الأمة والجهاد والدعوة إلى الإسلام وعِظم مسؤولياته، فكان لا يترفّع عن مُلاطفتهم وإدخال السرور إلى قلوبهم وكان قراره بتسليم قيادة جيش كامل لزيد بن حارثة وهو لم يُكمل السابعة عشرة من عُمره، مثالًا ساطعًا لدعمه للنشء، لذا نجد في سُنّة النبي الأكرم، عليه أفضل الصلاة والسلام، الدليل المتكامل في تربية النشء، وتعزيز الثقة في نفوس الأطفال، وإتاحة فُرص تطوير التقدير الذاتي، والإقدام على ما هو خير وجميل في الحياة.
وما ينفع الناس هو خيرٌ وأبقى، وإظهارًا لمواهب الطفل وقدراته، وتعبيرًا عن استقامته وتوجّهاته، وحبّه لغيره كما يُحبّ لنفسه.

وبمبادرة رائعة ومهمة وبتاريخ 12 يوليو 2025 قام والي إزكي بزيارة الطفلة مريم بنت عبدالله بن محمد العامرية، في بيتها، بمعية أعضاء المجلس البلدي ومشرف الخدمات الصحية بمستشفى إزكي، بعد قيامها بإنقاذ 4 أطفال من حافلة مُحترقة، من بينهم أخوها. وكان موقفها ينم عن شجاعة نادرة وحسن تصرف وروح مبادرة لا تتوفر حتى عند الكثيرين من البالغين، وقال سعادة والي إزكي في كلمة شكر: "يطيب لنا أن نُعبّر عن أعمق مشاعر الفخر والامتنان للطالبة مريم بنت عبدالله بن محمد العامرية، التي أظهرت شجاعة نادرة وتفهمًا حقيقيًا للقيم الإنسانية والتعاون. عندما ساهمت بجدارة في إنقاذ مصابين أثناء حادث احتراق الحافلة المؤلم، لقد كانت بطلة حقيقية بتصرّفها السريع وحِكمتها، مما ساهم في تخفيف الأضرار وإنقاذ الأرواح.. إنّ هذا الموقف لن يُنسى -موقف الطفلة مريم العامرية- وهو خير دليل على تربيتها العالية وإدراكها لمعنى المسؤولية، كما يعكس الروح الإيجابية التي تغرسها المدرسة وأسرة الطالبة الكريمة. ونتمنى لها التوفيق وأن تكون مثالا يُحتذى به في الشجاعة والإيثار".

نعم لقد اختصر سعادة الوالي قصة مريم البطولية بكلمات بسيطة ومعبرة وكم من مريم في بيوتنا وقُرانا ينتظرنَ الاعتراف ببطولاتهن وصبرهن وإنجازاتهن، فطوبى لأطفال عُماننا الحبيب ولنساء ورجال هذا الوطن العظيم الذي ما فتأ شبابه وأطفاله يُفاجئون العالم بإنجازاتهم وأخلاقهم.

خلاصة القول:

يجب على كل ربّ أسرة أن يُعزز مثل هذه القيم الأخلاقية ويجعل منها مثل أعلى يُقتدي به ،كما يجب تكريسها في النشء بل وحتى إدراجها في المناهج التربوية والأنشطة التعليمية ، لأنها تحض على الإيثار وعلى مبادئ الصدق وتعزز روح  المبادرة  ، وتنشئة الطفل على الإقدام والأفعال البطولية المُلهمة المدروسة وتُلهم الطفل مشاعر التفكير والإبتكار والإبداع، وتشجّع على الاعتراف بالقُدرات الذاتية للطفل وإبرازها للتعبير عن قدراته وثقته بنفسه.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة