طلال المعمري
تزخر محافظة جنوب الباطنة بطاقات شبابية واعدة في الجوانب الثقافية والرياضية والمجتمعية، تتجسد في أنديتها الفاعلة: الرستاق، المصنعة، الشباب، ونخل، إلى جانب الحراك النشط الذي تقوده اللجنة الشبابية بولاية العوابي، والعديد من الفرق الأهلية الأخرى التي تعكس شغف الشباب العُماني بالمشاركة المجتمعية والعمل التنموي.
ورغم هذا الحراك اللافت، لا تزال هذه الأندية - باعتبارها مؤسسات أهلية غير ربحية- تعتمد بشكل شبه كلي على الدعم الحكومي المحدود، في ظل غياب شبه تام لدور القطاع الخاص في تقديم الدعم والرعاية، وهو ما يطرح تساؤلًا جادًا حول استدامة دور هذه الأندية كمحركات للتنمية في المُجتمع المحلي.
إنَّ هذا الواقع يتطلب إعادة النظر في آليات تمويل الأندية، والتفكير في نماذج شراكة مبتكرة، تقوم على تكامل الأدوار بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص. فإلى متى ستظل وزارة الثقافة والرياضة والشباب تتحمّل العبء الأكبر في تمويل هذه الأندية، بينما تستفيد المؤسسات الاقتصادية والخدمية من البيئة المجتمعية ذاتها دون أن تؤدي دورها في المسؤولية المجتمعية؟
لا شك أن إدارات الأندية تبذل جهودًا حثيثة في تطوير برامجها وبناء هويات مؤسسية قادرة على جذب الرعاة، غير أن غياب إطار تنظيمي واضح ينظم العلاقة بينها وبين مؤسسات القطاع الخاص يحد من فاعلية هذه الجهود، ويُضعف من فرص التمكين والاستدامة.
وفي محافظة جنوب الباطنة، تنتشر مشاريع اقتصادية كبرى، وشركات ومؤسسات خدمية تمتلك الإمكانات اللازمة لدعم الأندية ورعاية أنشطتها. إلا أن تفعيل هذا الدور يتطلب تنفيذ مجموعة من الخطوات العملية، من أبرزها:
- إطلاق مبادرة تنسيقية من قبل مكتب المحافظ، بالشراكة مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، تهدف إلى وضع خارطة شاملة للرعاية بالمحافظة، تضمن توزيع الدعم بشكل منصف ومنظم، وتشجع الشركات الكبرى على تبنّي أندية محددة ضمن شراكات معلنة تتدرج في التنفيذ وفق خطط واضحة.
- تقديم حوافز دعائية وإجرائية للشركات المساهمة، كنوع من الاعتراف الرسمي والعام بمساهماتها في خدمة المجتمع.
- رفع كفاءة الحوكمة في الأندية، من خلال تعزيز الشفافية، وتطوير نظم الإدارة المالية، ورفع قدرات الكوادر الإدارية، بما يعزز ثقة الشركاء والداعمين بجدوى مساهماتهم.
ختامًا، إن أندية جنوب الباطنة لا تطالب بالمستحيل، وإنما تسعى إلى شراكة حقيقية تُمكنها من أداء رسالتها كمؤسسات أهلية تنموية. فهل آن الأوان لوضع آلية وطنية واضحة تُنظّم العلاقة بين الأندية والقطاع الخاص؟
وهل تكون محافظة جنوب الباطنة نموذجًا رائدًا في إطلاق مشروع مستدام لبناء شراكات مجتمعية تعزز من دور الأندية وتدعم مستقبلها؟