الاحتيال الحديث

حمود بن سيف السلماني - محام ومستشار قانوني

 

كثيرًا ما نسمع بجرائم الاحتيال وتطورها بتطور الحياة الحالية، حيث بتطور التقنيات تتطور وسائل الاحتيال على الآخرين، وينصب الأمر على الجميع، سواء الشخص العادي أو صاحب المعرفة العميقة، حتى وصل الأمر باستخدام الذكاء الاصطناعي في الاحتيال على الآخرين، والدليل على ذلك الجريمة التي تم كشفها مؤخرًا من قبل شرطة عُمان السلطانية حول قيام المتهمة الآسيوية بإرسال رسائل لهواتف الأشخاص الذي يقعون ضمن نطاقها، والاحتيال عليهم بسلبهم أموالهم.

حيث إن الأمر تطور من حيث قيام بعض الأشخاص باستخدام برامج التواصل الاجتماعي بالاحتيال على الآخرين من حيث قيامهم بإنشاء حساب مشابه جدًا لأحد الحسابات المشهورة والمعروفة، ويقوم بالتواصل مع الآخرين وإيهامهم بوجود بعض العروض والمغريات من أجل الحصول على أموالهم فقط.

ومن أحدث الاحتيال الذي قام به أحد الأشخاص، قيامه بنشر إعلان عن شركة ما بعمل تخفيضات لبعض منتجاتها، بل أنه قام بتوضيح موقع الشركة، وأنه بامكان الشخص حجز البضاعة وتحويل المبلغ أو جزء منه، وأن البضاعة ستصله إلى منزله أو المكان الذي يرغب فيه، إلا أنه بعد أيام يجد الرقم الذي تواصل معه مغلقا، وأنه وقع جريمة احتيال، والغريب في الأمر أن المجرم لا يتوقف عند هذه النقطة، بل يقوم بالاحتيال على الآخرين بذات الرقم ورقم الحساب البنكي مع توضيح اسمه كاملا، وبعدها يتم فتح بلاغات جرمية ضد المجرم قد تتجاوز بعضها العشرات.

وفي الفترة الأخيرة، ظهر الاحتيال، وذلك بعرض بعض الشاليهات والاستراحات، ويقوم المجرم بتجميع بعض الصور من المواقع الإلكترونية والتي تم تنزيلها في بعض برامج التواصل الاجتماعي (الواتساب – الانستجرام – منصة إكس ..... وغيرها) والترويج لها وعمل تخفيض لها، وبمجرد التواصل معه، يتم الرد بشكل سلس وكأنه يملك الاستراحة أو المزرعة، ويرفض التفاوض ويحاول الضغط على الزبون بأنه تم التواصل معه من قبل عدة أشخاص يرغبون في الحجز بذات التاريخ، الأمر الذي يجعل المجني عليه في الأمر الوقاع ويوافق على الحجز وتحويل المبلغ، والغريب في الأمر بأن المجرم يقوم بإرسال موقع المزرعة أو الاستراحة للمجني عليه، وهنا يطمئن المجني عليه بأنه قد حجز المزرعة، وبذهابه إلى الموقع في ذات التاريخ يتفاجأ بأن المزرعة تم حجزها من قبل أشخاص آخرين، وعندما يعاود الاتصال بالمجرم يتفاجأ بأن الهاتف مغلق، وبالتواصل مع مشرف المزرعة يبلغه بعدم وجود حجز بالاسم المعروض، وأن المبلغ المدفوع أقل بكثير عن المبلغ الفعلي لحجز المزرعة أو الشاليه الفعلي.

ويتكرر الأمر مع الكثيرين من الضحايا الذين يقعون في مثل هذه الجريمة والاحتيال عليهم، الأمر الذي يتم سلب أموالهم بطريقة احترافية جدا، ومع ذلك، وبعد تقديم العديد من الشكاوى ضد المجرم، وإلقاء القبض عليه وايداعه الحبس، نجد بأن رقم الهاتف المستخدم لا يزال يعمل ويتم النصب على الآخرين، بل يتم استخدام ذات رقم الحساب الخاص بالمجرم، حيث كنت في أحد المحاكم بالسلطنة، وتوجد قضية بقيام شخص ما بالاحتيال على الكثيرين من الأشخاص قد يصل عددهم 20 شخصا، قد احتال عليهم، وأثناء نظر القضايا أفاد أحد الحاضرين من المجني عليهم بأن رقم الهاتف الذي يستخدمه المتهم لا يزال يعمل ويمارس ذات العملية الإجرامية، الأمر الذي يدل على خطورة المجرم وخبرته الكبيرة في الاحتيال على الآخرين.

ويعاقب قانون الجزاء على جريمة الاحتيال إذ تصل العقوبة إلى السجن لمدة ثلاث سنوات، وتختلف العقوبة باختلاف المجني عليه.

ومن هذا المنطلق، فإننا نقترح بأن من يقوم بجرائم الاحتيال، ويكون عدد الضحايا كثيرا، وبمجرد تقديم شكاوى ضد المجرم، يتم التنسيق مع البنك المركزي بالحجز على حسابه البنكي وما به من مبالغ ماليه وذلك تحوطا من قيام المتهم بتحويل تلك الأموال إلى جهات أخرى لا علاقة لها بالجريمة، فإن هذا الإجراء التحفظي، فيه نوع من حفظ حقوق المجني عليهم من ضياع حقهم، لأنه في الغالب بعد صدور الحكم يلزم المتهم بإرجاع المبالغ المالية التي تحصل عليها، لأن المجني عليه يرغب في استرجاع أمواله بالمقام الأول، وتطبيق العقوبة على المتهم حتى يكون عبرة للآخرين.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة