تعزيز التكامل بين القطاعين الأكاديمي والصناعي

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

تؤكد التجارب العالمية بأن العمل والتنسيق والتكامل بين القطاعين الأكاديمي والصناعي يمكن من خلالها توفير الكوادر المؤهلة اللازمة للعمل في مختلف القطاعات التي تهم المؤسسات الصناعية، ورفد سوق العمل بتلك الكفاءات، خاصة تلك التي تعتمد على التقنيات الحديثة في الإنتاج والتصدير والتسويق وغيرها من المجالات الأخرى.

ومن هذا المنطلق أصبح من الضروري تنظيم الفعاليات المشتركة التي تهم هذه القطاعات ودعم التوجهات التي يمكن من خلالها تعزيز التكامل الصناعي ومجالات البحث والتطوير والابتكار فيما بينها من أجل ترقية الصناعات، وتوفير مزيد من الأعمال للقوى العاملة الوطنية المؤهلة بجانب القوى الأجنبية.

ومؤخرًا أقيم بمسقط "الملتقى السنوي الأول لتعزيز التكامل بين القطاعين الأكاديمي والصناعي" برعاية معالي وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وبمشاركة عدد من الرؤساء التنفيذيين لمؤسسات القطاعين الحكومي والخاص ومسؤولي المؤسسات الأكاديمية. وجاء هذا الملتقى في ظل التوجهات الاستراتيجية لرؤية "عُمان 2040"، التي تنص على أن "التعليم ركيزة أساسية لبناء الإنسان العماني القادر على الإسهام بفاعلية في التنمية المستدامة".

كما يأتي في ظل التطلعات الوطنية لتأسيس قاعدة اقتصادية تعتمد على تنويع المصادر والمعرفة والابتكار، بجانب العمل على تبادل الخبرات، وتطوير البرامج الأكاديمية وجودة التعليم، وتوفير فرص التوظيف للخريجين الجامعيين. وشهد هذا النشاط توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة بين مؤسسات التعليم العالي والمؤسسات الصناعية والوقفية، لدعم أطر التعليم الحديث، وتعزيز التكافل المجتمعي ودعم الطلاب المحتاجين لتوفير البيئة المناسبة لهم للتعليم والإنتاج والاستيعاب العلمي وتمويل أنشطتهم الأكاديمية في البحث والابتكار.

هذا النوع من التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الصناعي في حاجة مستمرة إلى التطوير لمواكبة احتياجات السوق العمانية لتطوير مختلف المشاريع منها مشاريع الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، وتعزيز الشراكة المستمرة مع القطاع الخاص والجامعات لتطوير مشاريع بحثية وتدريبية، وتأسيس حاضنات تقنية لربط الأفكار الأكاديمية باحتياجات الصناعة، بالاضافة إلى تعزيز مجالات الطاقة المتجددة والنفط والغاز والمياه وغيرها التي يحتاج إليها المجتمع العماني.

كما أن التعاون بالتأكيد سوف يعزز القيمة المضافة للمشاريع في مختلف القطاعات الأخرى، ويسرّع من تطوير حلول الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لقطاع التصنيع، وتوفير الشراكات مع المناطق الصناعية في البلاد التي تتطور سنة بعد أخرى، بجانب تمكين المؤسسات الحكومية من توفير مستلزمات الأمن الغذائي والتقنيات التي تحتاج إليها المؤسسات في مختلف المجالات التنموية الأخرى. ويحتاج مثل هذا التعاون إلى مواجهة التحديات والحد منها خاصة في مجال تطوير الرؤى في البحث والتطوير وتمويل المشاريع الأكاديمية، بجانب تعزير فرص التأهيل والتدريب والتعليم وفق المتطلبات الصناعية.

وعمومًا فإن التعاون بين القطاعين الأكاديمي والصناعي في أي مجتمع يلعب دورًا حيويًا في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويحقق العديد من الفوائد المهمة، ويسهم في تطوير مناهج التدريب والتأهيل تتناسب مع متطلبات السوق الصناعية، مما يسهم في تجهيز مواطنين مؤهلين ومهرة الذين يمكنهم العمل بكفاءة في القطاعات الصناعية المختلفة. كما يعزز ذلك مجالات الابتكار والتطوير، ويفتح بابا لتبادل المعرفة والتقنيات الحديثة بين الأكاديميين والمهنيين، ويؤدي بالتالي إلى تحسين المنتجات والخدمات الصناعية، والنمو الاقتصادي بشكل عام. ولا ننسى بأنه يتم من خلال ذلك تطوير صناعات ذات جودة عالية وزيادة فرص التوظيف، ويساعد على دفع عجلة الاقتصاد الوطني وتحقيق التنوع الصناعي، وتشجيع ريادة الأعمال وتوفير الدعم والتحفيز لرواد الأعمال والشركات الناشئة، وتوفير فرص التدريب والتأهيل المهني، وتحقيق الاستدامة في الصناعة، بالإضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية وتحقيق تنمية مستدامة للمجتمع والاقتصاد الوطني.

إن التعاون بين المؤسسات الأكاديمية العمانية والقطاعات والمناطق الصناعية في مختلف المحافظات العمانية مهم جدا في هذه المرحلة، الأمر الذي يزيد من فرص تدريب الطلاب العمانيين على التقنيات الحديثة في المصانع والمناطق الصناعية، بجانب تعزيز مشاريع البحث والتطوير وتطبيق تقنيات صديقة للبيئة. بجانب ذلك يساعد مثل هذا التعاون في تقديم الدعم الفني والاستشارات، وفي نقل المعرفة وتطوير القدرات التقنية للمؤسسات الصناعية، بالإضافة إلى استقطاب خبراء من الأكاديمية للعمل في المناطق الصناعية لرفع مستوى المهارات وتحقيق جودة الإنتاج، وتقديم الاستشارات الفنية والهندسية، والمشاركة في الفعاليات الصناعية والمعارض العلمية لتعزيز التواصل ونشر الابتكارات والمعرفة الحديثة، الأمر الذي يعزز من تدعيم الرؤية الوطنية لتنمية القطاعات الصناعية، ويُسهم في توفير بيئة محفزة للابتكار، وتطوير الكوادر الوطنية، وتعزيز المحتوى المحلي في الصناعات المختلفة بمحافظات السلطنة.

الأكثر قراءة