دخان.. تعكسه مرآة صغيرة

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

قبضَ ابن إيلون ماسك "X Æ A-Xii" كفّيه، تارة يضمهما فوق رأس أبيه، وتارة أخرى يفردهما على الهواء، ثم خاطبه الرئيس دولاند ترامب الجالس على كرسيه في قاعة مكتب البيت الأبيض، مستخرجًا إجابات منه لتهدئته!، راح يَجول بها في تصريحات كالدخان العظيم، مادًا أصابعه المتيبسة، خلال حديثه عن الذكاء الاصطناعي وعالم التكنولوجيا، ودخانًا كثيفًا لسيناريوهاته التي يريدها للعالم والبشرية، بشراكة إيلون ماكس، في مشهد ينتهك بروتوكول العمل في المكتب البيضاوي!

تفقَّد الطفل الصغير المكان الذي يرسم فيه ما يراد للعالم من تحولات.. نقشت الصورة في ذهن الصغير بمفهوم "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"، على الرغم من أنَّه كان غير مبال من دخان السيناريوهات العظيمة المنبعثة من تصريحات الرئيس ولا الكلمات التي قالها إيلون ماسك؛ لأنَّه تعوَّد وضعه كطفل صغير، يكون على كتف والده يلعب بشعر رأسه غير الكثيف، والجلوس على الأرض مطبقًا كفيه يداعب بهما صورته المنعكسة على البلاط لتسهل عليه طفولته، فتَّش "X Æ A-Xii" زوايا المكان، نظر حولَه في الأرض.. ثم عاد إلى إثارة الرئيس مرَّة أخرى، تقهقر بذَاكرته إلى ما يملكه من لعب تكنلوجية وإمبراطورية والده، ركَّز تفكيره في فطرته الطفولية؛ ابتداء من خروجه لمنزله إلى هذه اللحظة، لم يَنسه كذلك المكان ساعات المرح واللعب مع أخيه، ثمَّ دسَّ كفيه في وجه أبيه بإحكام.

أين أنا؟، يمكن قراءة تساؤله في شفتيه وتقاطيع وجهه البريء، وذهن طفولته، ودوران عيناه في كلِّ اتجاه، اللتان تتبعان كلَّ حركة تصدر عن ساكن البيت الأبيض، وقهقهات الموجودين، لكنَّه في الوقت نفسه لا يفقه شيئًا.. سوى ما تلتقطه عدسات عينيه وهي تَحتضن حركة ما يدور حوله؛ لعلَّه يرى الموجود مثلَ ألعابه، فيعلِّل نفسه الحيرى بما يجري، مرَّة بعد مرة.. يَضغط بكفِّه على وجه ورأس أبيه، يتحسَّس حرارتهما، كأنَّه يَطمع أن تحدث معجزة ما، فيَظفر بفهم يوازي تفكيره الصغير، وبين الفينة والفينة.. كان يحرك جسده لأجل استيعاب الصوَرة التي تختزل في ذاكرته.

إحساسٌ طفولي يغمره نزولًا من رأسه، وكساء من البهجة تلف وجهه، إحساس يتعملَق وهو يرى من حوله يَغدون ويروحون، غير عابئين بتصرفاته.. ولأنَّه لا يعرف أحدًا من الذين يَراهم، يطلَب الاستعانة برأس ووجه أبيه ليحدِّد موقعه بينهم، لكنَّه موقِن من أنَّ صورة المكان باتت موصولة بل منقوشة في ذهنه الصغير!.. ما الذي يراد من وجوده، سؤال قد يطرحه عقل من رأى المشهد، ولعلنا هنا نسرد ما قد يكون إجابة لما يدور في ذهن "X Æ A-Xii"، الذي ارتخى جسدُه على بلاط المكتب البيضاوي يتفحص انعكاس صورته عليه، وإحساسه ببرودة الأرض تحته.

هنا.. لا نريد أن نثقل السرد عن "X Æ A-Xii"، بل نقصد تناول وجوده تحت كثافة دخان تصريحات الرئيس ترامب وكلمات إيلون.. أما طريقتنا في تناول حركات "X Æ A-Xii" ووجوده في مكان ليس لمن هو في سنه، هي أننا نورد ملخص، لحدث أثار تفاعلًا واسعًا بلغة سهلة.. حينما اصطحب إيلون ماسك ابنه الصغير إلى اجتماع رسمي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض في ١١ فبراير 2025م، ودفع ترامب الى محاولة تهدئته.. هذا الحدث وأخرى غيرها تعكس تفاعلات متعددة الأوجه بين ترامب وماسك، تتراوح بين التعاون والدعم في قضايا تقنية والهجرة، إلى مواقف إنسانية عفوية أثارت جدلًا عامًا.. يبدو أن إيلون ماسك أحضر ابنه لتوجيه رسائل معينة، ربما أولها إشارة لعلاقته القوية مع الإدارة الأمريكية، إلى جانب الإشارة الرمزية حول الأجيال القادمة ودورهم في مجال التكنولوجيا، لكون أن ماسك منخرط في مشاريع مستقبلية كاستكشاف الفضاء والذكاء الاصطناعي، وربما وجود ابنه يستهدف نقش مستقبل عالم العلم والتعليم في ذهنية جيله والأجيال القادمة.

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة