رفيا عبود **
ظاهرة تبديل الوجوه والأقنعة في السياسة العالمية من الظواهر المعقدة التي تعكس التغيرات الديناميكية في العلاقات الدولية. يشير هذا المصطلح إلى التغيرات التي تطرأ على الأنظمة السياسية أو القادة أو السياسات العامة، والتي قد تكون نتيجة لضغوط داخلية أو خارجية.
من هذا المنطلق يمكن أن ندخل إلى فهم السياسة العالمية وكيف نسقطها على تعامل البلدان مع بعضها البعض وحتى على الصعيد الداخلي ومدى تأثيرها بعلاقة الأفراد فيما بينهم في الجسم الواحد للدولة.
مفهوم تبديل الوجوه والأقنعة
تبديل الوجوه والأقنعة يعني تغيير القيادات أو السياسات أو الأيديولوجيات التي تتبناها الدول في سياقات معينة. يمكن أن يحدث هذا التبديل بشكل علني أو سري، وقد يكون مدفوعًا بأسباب متعددة تشمل التغيرات الاقتصادية، الضغوط الاجتماعية، أو التوترات الدولية.
ويسأل سائل: هل هذا صحي في التعاملات الدولية؟ أم أننا أمام أمر واقعي يجب أن نتعامل معه ونتعايش في سياسته الجديدة؟
ويمكن الإجابة عن هذه التساؤلات المشروعة بتحليل الأسباب التي تدفع لتكون عقلية جديدة ونجملها فيما يلي:
- الضغوط الداخلية: يمكن أن تؤدي الاحتجاجات الشعبية، الأزمات الاقتصادية، أو عدم الاستقرار السياسي والأمني إلى استبدال القادة أو تعديل السياسات.
- التغيرات الدولية: تتطلب التغيرات في النظام الدولي، مثل صعود قوى جديدة أو تغير في التحالفات، من الدول إعادة تقييم سياساتها وقادتها.
- استراتيجيات البقاء: قد تلجأ الأنظمة إلى تغيير قياداتها أو سياساتها كاستراتيجية للبقاء في السلطة وتجنب الانهيار.
- التأثيرات الثقافية والإعلامية: تؤدي وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام، مما قد يؤدي إلى الضغط على القادة لتغيير سياساتهم أو حتى استبدالهم.
وهذا يقود إلى وجود أثار تؤثر بشكل مباشر في الجماهير والقادة كحدٍّ سواء وينتج معطيات جديدة أهمها:
- عدم الاستقرار السياسي: قد يؤدي تبديل الوجوه إلى عدم استقرار سياسي ، حيث يمكن أن يسبب تغييرات مفاجئة في السياسات الداخلية والخارجية.
- تغيير في العلاقات الدولية: قد تؤدي التغييرات في القيادة إلى إعادة تشكيل العلاقات مع الدول الأخرى، مما يؤثر على التحالفات والخصومات.
- فقدان الثقة: يمكن أن يؤدي تبديل القادة بشكل متكرر إلى فقدان الثقة بين المواطنين والحكومات، مما يزيد من مشاعر الإحباط والقلق.
- فرص جديدة: رغم الآثار السلبية المحتملة، يمكن أن يفتح تبديل الوجوه فرصًا جديدة للتغيير الإيجابي وإصلاح السياسات.
هنا.. لا بُدّ أن يرتبط بمدى قرب القيادة الجديدة بالمواطنين إن استطاعت ردم هذه الهوة الناشئة على عدم الثقة من وراء ممارسات لا تزن بميزان مفهوم الدولة ومع ذلك يمكن أن نقدم بعض الأمثلة في التاريخ القريب بسلبياته وإيجابياته، ونذكر منهم:
- ثورات "الربيع العربي" (2010-2011): شهدت عدة دول عربية تغييرات جذرية في القيادة نتيجة للاحتجاجات الشعبية. فقد تم الإطاحة بعدد من القادة الذين حكموا لفترات طويلة، مما أدى إلى عدم استقرار سياسي كبير وتغييرات في السياسات.
- الحرب الباردة: خلال هذه الفترة، شهدت العديد من الدول تبديلات في القيادات استجابةً للضغوط الخارجية والداخلية. كانت هناك تغييرات ملحوظة في السياسات الخارجية للدول نتيجة للصراع بين الكتلتين الغربية والشرقية.
- التغييرات في الصين: شهدت الصين تغييرات كبيرة في القيادات والسياسات منذ أواخر القرن العشرين، حيث انتقلت من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق، مما أثر بشكل كبير على السياسة العالمية.
وأخيرًا.. تُعد ظاهرة تبديل الوجوه والأقنعة جزءًا لا يتجزأ من علم السياسة العالمية. فهي تعكس التغيرات المستمرة في الأنظمة السياسية والعلاقات الدولية. بينما يمكن أن تؤدي هذه الظاهرة إلى عدم الاستقرار والتحديات، إلا أنها أيضًا توفر فرصًا للتغيير والإصلاح. ولا ريب أن فَهم هذه الظاهرة يعد أمرًا ضروريًا لتحليل الأحداث السياسية وفهم العقليات المعقدة التي تُشكِّل العالم اليوم.
** صحفية سورية
** يُنشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان