سعيد الشنفري **
نُشارك كل عام في العديد من الفعاليات، بما في ذلك المعارض، لكن هل فكّرنا يومًا في الإمكانات الاقتصادية التي تحملها هذه الفعاليات؟
تلعب المعارض؛ سواء الموجّهة للمستهلك أو المتخصصة في الأعمال، دورًا أساسيًا في دعم النشاط الاقتصادي في عُمان. من الفعاليات الثقافية الكبرى مثل معرض مسقط الدولي للكتاب إلى الفعاليات التجارية مثل معرض عُمان للعطور، تختلف هذه المعارض في الشكل والجمهور، لكنها تشترك في نتيجة مُهمة واحدة: تأثير اقتصادي ملموس وغالبًا ما يُستهان به.
في أبريل الماضي، استقطب معرض مسقط الدولي للكتاب أكثر من 600000 زائر، وهو تذكير بقوة التأثير المتسلسل لمثل هذه الفعاليات؛ فهي تجمع الناس معًا، وتعزز الحركة التجارية، وتُرسّخ مكانة عُمان كوجهة للثقافة والأعمال والابتكار.
ويمثل معرض عُمان للعطور المرتقب- والذي سيُقام في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض (OCEC) في 25 مايو- مثالًا حيًّا على ذلك؛ ففي نسخته الخامسة، يجمع الحدث مئات العطّارين والعلامات التجارية للعطور من عُمان والمنطقة، قبل عيد الأضحى مُباشرةً. وهو لا يُعد فقط معرضًا استهلاكيًا شهيرًا؛ بل يُمثِّل أيضًا منصة تعكس التراث العِطري الغني لعُمان ومكانتها الإقليمية المتنامية في قطاع العطور.
ورغم اختلاف معرض عُمان للعطور ومعرض الكتاب في توجههما، فإن كليهما يقدمان مستويات عالية من التفاعل والفوائد الملموسة. سواء من خلال التبادل الثقافي أو الفرص التجارية، تسهم المعارض في رفع مكانة عُمان والمساهمة بشكل فعّال في نموها الاقتصادي.
ولا يقتصر أثر هذه الفعاليات على ما يحدث داخل موقع الفعالية فحسب؛ بل يمتد ليشمل دعم الأعمال المحلية: من حجز الفنادق والمطاعم وركوب سيارات الأجرة، إلى التسوق من الباعة العُمانيين وزيارة الأماكن السياحية المختلفة في السلطنة. وتُحفّز هذه التفاعلات الاقتصاد المحلي وتساعد في بناء نمو مستدام. ويُعرف عن سُيَّاح الأعمال أنهم ينفقون أكثر من سُيَّاح الترفيه، وغالبًا ما يختارون الخدمات المتميزة ويعودون لاحقًا في زيارات متكررة.
وتُؤكد الاتجاهات العالمية في قطاع السياحة على أهمية المعارض والفعاليات الحيّة في جذب الزوار وتعزيز سمعة الدول. وبينما يظل السفر بغرض الترفيه أمرًا أساسيًا، فإنَّ سياحة فعاليات الأعمال تحمل إمكانات كبيرة لعُمان، بما يتماشى مع أهدافنا الأوسع لتنويع الاقتصاد.
إنَّ فعاليات مثل معرض مسقط الدولي للكتاب ومعرض عُمان للعطور تجسّد قدرة المعارض على الجمع بين التجارة والثقافة، وبين التقاليد والفرص. ومع تطلُّعنا إلى المُستقبل، يمكن لمثل هذه الفعاليات أن تؤدي دورًا محوريًا في رسم ملامح المشهد الاقتصادي لعُمان وتعزيز مكانتها كوجهة رائدة للفعاليات ذات الأثر الكبير والتجارب المتميزة.
** الرئيس التنفيذي لمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض