حارات سناو.. كنز أثري مستدام

 

 

 

راشد بن حميد الراشدي

 

تعدُّ ولاية سناو بحاراتها، وحصونها، وأبراجها، ومساجدها الأثرية، وأسوارها التي تُحيط بها، كنزًا تاريخيًّا وأثريًّا ضاربًا في القدم منذ آلاف السنين؛ حيث إنَّ المُطّلع على هذه الحارات وما تحويه من مآثر واستحكامات حربية، يُدرك حجم الإرث التاريخي الكبير الذي خلفه الأجداد في هذه الولاية العريقة، التي تحكي تاريخًا تليدًا وحقبًا متعددة مرَّت عليها.

حصن العقير في حارة الحصن، الذي بني قبل الإسلام، يعدُّ من أشهر المآثر التاريخية في الولاية. كما أن اكتشاف كنز سناو الأثري في عام 1979م غرب مدينة سناو، والذي يرجع إلى حقبة العهد الساساني، وُجد محفوظًا في آنية فخارية يحتوي على 962 قطعة من العملات المعدنية. هذا الاكتشاف يدل على أصالة ولاية سناو وتاريخها الضارب في القدم.

كما أن مسجد الجامع في حارة البراشد، الذي بني قبل 350 سنة، يعدُّ شاهدًا على أصالة هذه الولاية ودورها التاريخي عبر الأزمنة المختلفة.

ومع هذا التنوع في الموروث، توجد اليوم عدة حارات قديمة لا تزال تحتفظ بتفاصيلها وحكاياتها، وتشكل عامل جذب سياحي إذا ما تم استثمارها سياحيًا من خلال ترميمها.

من المهم وجود شركات أهلية، إلى جانب الدعم الحكومي والخدمات من مختلف الجهات الحكومية والخاصة، مما من شأنه إحياء تلك الأماكن والحارات.

ولا شك أن تعاون الأهالي في ترميم الحارات ومرافقها وفق ملكيات الأسر سوف يسهم في إحياء تلك الحارات وإبراز دورها الحضاري في تلك الأزمنة.

وتُعد ولاية سناو ولاية تجارية اشتهرت منذ قديم الزمن، ويشهد على ذلك تاريخها المروي؛ فسوقها القديم وحصن العقير الضارب في القدم، الذي يتوسط حارة السوق ويقع بجانب المسجد، كانا مركزين نشطين؛ حيث كان يُصلي في مسجد الحصن زوار السوق من مختلف المناطق. وكان سوق سناو القديم يعج بالحركة التجارية وله دور في المقايضة بالمواد الغذائية، مثل التمور والأنعام (الأغنام والجمال والأبقار)، وكذلك الأسماك المجففة، بينما كانت حلقات المناداة في وسط السوق مخصصة لبيع المواشي. وقد أُسس سوق سناو الحديث بنفس نسق السوق القديم.

إنَّ اهتمام الحكومة بتنمية هذه الحارات في ولاية سناو وسائر ولايات السلطنة، من خلال الأفكار والرؤى المستقبلية التي طورها مكتب محافظة شمال الشرقية، سوف يسهم في تذليل الكثير من الصعوبات والمعوقات نحو إيجاد آلية لتطوير هذه الحارات وترميمها. وذلك وفق النسق القديم الذي يحفظ مكانتها التاريخية، حيث ستشكل هذه الحارات عامل جذب سياحي كبير للولاية خصوصًا، وللمحافظة عمومًا.

ومن خلال هذه الجهود المبذولة، آمل أن تقوم الحكومة بتطوير البنية التحتية لهذه الحارات، بدءًا بتهيئة المكان ورصف الطرق، وإيجاد الخدمات الضرورية لإحيائها، مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي، إضافة إلى المواقف وترميم المساجد والمجالس والحصون والأسوار والأسواق الموجودة في هذه الحارات مع إنارتها. كما ينبغي على المواطنين ترميم مساكنهم القديمة بما يتناسب مع جهود الحكومة.

ومن خلال هذا التعاون، ستجتذب حارات ولاية سناو آلاف السائحين من داخل السلطنة وخارجها. ويمكن إقامة المهرجانات والأنشطة الثقافية والاجتماعية داخل هذه الحارات، مما يُشكل عنصر جذب إضافي لها.

إنَّ حارات سناو كنز أثري ضارب في القدم، ينبغي المحافظة عليه وتطويره وبناؤه.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وأدام عليهم نعمة الخير في كل الأزمان.

الأكثر قراءة