مواهب عُمان.. ماذا بعد؟

 

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

ضمن سلسلة اللقاءات التعريفية لمشروع المنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب نظّمت وزارة العمل لقاءً ختاميًا في حرم الكلية العسكرية التقنية بمحافظة مسقط بتاريخ 19 فبراير 2025، وهذا المشروع يُعد أحد ركائز رؤية "عُمان 2040" ويرتبط بمحور الإنسان والمجتمع، وأولوية " تعليم شامل وتعلم مستدام وبحث علمي يقود إلى مجتمع معرفي وقدرات وطنية منافسة".

ولا شك أنَّ هذا المشروع الوطني سيسهم في تأسيس منظومة متكاملة للكفاءات الوطنية، والمواهب الاستثنائية لاستثمارها في الخطط والبرامج المستقبلية لسلطنة عُمان؛ وذلك من خلال إنشاء منصة رقمية "قدرات" تكون بمثابة قاعدة بيانات متكاملة تحوي كافة بيانات الشريحة المستهدفة.

ولتوضيح مصطلح "الموهبة " نجدُ أنَّه يختلف باختلاف الزوايا والأبعاد التي يُنظر إليها لهذا الموضوع؛ سواء كانت عقلية، أم اجتماعية، أم أكاديمية، أم فنية، أم ابتكارية، أم مهارية، أو غيرها من الجوانب. وبصرف النظر عن التعريف الدقيق للموهبة، ما يهمُنا أنّ المؤسسات الحكومية لها محاولات مبكرة في مجال رعاية الموهوبين مثل وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب، ووزارة العمل إلى جانب بعض الخبرات في القطاع الخاص التي تتماشى مع هذا النهج.

وفي هذا الإطار، ثمة اهتمام بشريحة الطلبة منذ ما قبل التعليم المدرسي ثم التعليم المدرسي والجامعي؛ وصولًا إلى الموظفين في مختلف القطاعات. ومن أجل اكتشاف هذه القدرات والمواهب العُمانية سيعتمد المشروع على بناء مقياس وطني وبأيدي كفاءات عُمانية.

بيد أنّ السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه ماذا بعد اكتشاف هذه المواهب؟!

إذا أردنا استبقاء هذه المواهب، واستقطاب كفاءات أخرى في ذات الوقت، فمن المهم جدًا بناء مسار واضح لهذه الفئة تعليميًا ومهنيًا، وبطبيعة الحال ضرورة إيجاد بيئة محفزة لها من خلال سن التشريعات المناسبة، وإعادة هندسة الثقافة السائدة واستبدالها بأخرى تحتضن وتدعم المواهب. عدا ذلك سنظل ندور في حلقة مفرغة، وستظل بداية مشاريعنا قوية نظريًا واعلاميًا؛ إلا أنّها سرعان ما تخفت حتى تنطفئ وتتلاشى نتيجة للتحديات المختلفة والتي لم توضع في الحسبان قبل المضي قدمًا في أي مشروع وطني.

خلاصة القول.. يُشكِّل المورد البشري في أي دولة حجر الزاوية للنهوض باقتصادها، وتحقيق آمالها وطموحاتها، وبناء مستقبلها وكم من الدول التي لم تكن تمتلك موارد طبيعية؛ بيد أنّ اعتمادها على العنصر البشري واستثماره شكَّل علامة فارقة في تطورها وبلوغها مصاف الدول المتقدمة. ولا ريب أننا نُعوِّل على المشروع الذي أشرنا إليه في بداية المقال في تأسيس أرضية صلبة لبناء اقتصاد معرفي مستدام في سلطنة عُمان. ومن أجل تكامل الجهود وتوحيدها ينبغي لملمة جميع الخبرات والتجارب في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة تحت مظلة مركز وطني واحد لبناء القدرات وإدارة المواهب.

 

 

 

 

 

الأكثر قراءة