التآخي

 

 

علي عبدالله اللواتي

 

يتواصل العدوان الصهيوني على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا، كذلك في الضاحية الجنوبية؛ حيث استهدفت أحياء ومناطق مدنية آمنة، وقد ارتفعت حصيلة العدوان الصهيوني منذ السابع من أكتوبر 2023 لأكثر من 47 ألف شهيد ونحو 100 ألف مصاب، إضافة إلى ضحايا لبنان من الهجمات الصهاينة في الضاحية الجنوبية الذين لم يحدد عددهم بعد، فضلًا عن إعاقة أوامر الاخلاء الصهيونية لتقديم المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع.

وقد صرح فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، بأنه يصعب تصور لمثل هذه الهجمات في ظل هذه المأساة أن تتوافق للتمييز والتناسب والإجراءات الوقائية وبموجب القانون الإنساني الدولي، إضافة إلى الاعتقالات المنظمة وعمليات تنكيل واسعة توزعت على محافظات فلسطين بين عمليات تخريب وتدمير لمنازل الفلسطينيين العزل.

فلسطين هي مهد الحضارات السماوية لكنها مأساة أُمَّة بأكملها، ومن هنا جاءت أهميتها الدينية والرسالية والإنسانية، فلقد كانت أولى القبلتين، ومسرى الرسول عليه الصلاة والسلام، واستعماريًا -في العصر الحديث- كان لها السبق من الدول الغازية كإنجلترا وفرنسا، هاتان الدولتان اللتان وطنوا فيها بشرًا من الشتات لا صلة لهم بها البتة. وما نشاهده الآن في غزة هو عين الوأد للإنسان الفلسطيني الأصيل.

فلنتآخى مع إخواننا الفلسطينيين، كما آخى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، بين المهاجرين والأنصار؛ فالكُل يعرف كيف آخى رسول الله محمد، بين الأنصار والمهاجرين وقت هجرة المسلمين الأولين من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حتى أن المسلم الأنصاري تنازل عن كل ما كان يملك زيادة عن حاجته الأسرية والخاصة لأخيه المسلم المهاجر حتى ولو كانت في ذمته زوجة ثانية، فلقد كان إخاء بكل المقاييس الإسلامية المحمدية والأخوية.

وفي ظل الديمقراطية الأمريكية الحديثة التي تدق نواقيسها في العالم الضعيف، وخاصة في أمة العالم العربي الهش، فقد لبّت الأمتان الفلسطينية واللبنانية مسؤولية المقاومة أن لا خيار إلّا التكاتف ووحدة الكلمة والمصير في الذود عن المقدسات الإسلامية وعن الدم الفلسطيني المهدور، فكان رأي الأمة الفلسطينية أن حركة الجهاد الإسلامي هي الأنسب والأصلح لإدارة المصالح ومصير البقاء والمقدرات الوطنية الفلسطينية والدفاع والذود عنها لتمثيلهما في المحافل الدولية، بالرغم من المعاناة الشديدة وضنك الحياة التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني السليب.

لقد بان للعيان وكُشِفَ للعالم المعاصر زيف الادعاءات الأمريكية وحليفتها إسرائيل ومؤيديهم تجاه الحقوق الإنسانية المشروعة الفلسطينية واللبنانية معا، وها هي أمريكا وحملها الوديع لا يتحملون مصداقية هذه الحقوق الواضحة، حتى تكشفت النية وبدأ العدوان بتدمير هذين الضلعين العربيين لأجل إقامة شرق أوسط جديد على الطريقة الاستعمارية الأمريكية وأخواتها وبالأسلوب الذي يرضي شرطي العالم الجديد.

وها هُم الآن يضخُّون للإعلام العالمي الأكاذيب عن إرهابية حركتي المقاومة والجهاد الإسلاميين وينادون ضمنًا للعالم بجميع أطيافه بوقف المساعدات الإنسانية للشعبيْن المنكوبيْن المناضليْن، لبنان وفلسطين، ناهيك كما يجري الآن في العراق من قتل ونهب.

ليُحيي مليار وثلاثمائة مسلم في جميع أنحاء العالم سٌنّةَ الإخاء المحمدي، ولينهض من مضجعه كل مسلم وصاحب ضمير إنساني، ليرفع الضرر عن أخيه وأبيه وعمه المسلم وأخته وأمه المسلمة وطفلها ورضيعها الذين يعانون إرهاب العالم الأمريكي والصهيوني والأوربي العنصري الذي تفوق في عصريته عن عنصرية النازية الهتلرية، وبلغت في الإرهاب الدولي شأناً لم يضاهيها أي إرهاب شهده العصر الحديث من قتل متعمد وسحق للأبرياء والرضع.

وليرى العالم والشعب الأمريكي والأوروبي والمتعاطفون معهم الواقع تحت تأثير اللوبي الصهيوني العنصري واليمين المسيحي المتشدد، أنَّ الإخاء المحمدي لا يزال قائمًا، وسوف يكون هكذا شامخًا طالما قول لا إله إلا الله محمد رسول الله، تُردِّده الملايين في الشرق والغرب خمس مرات في اليوم الواحد.

إنني أدعو الله بالنصر لمقاومي لبنان وغزة، وأقول للمتخاذلين ما كان يقوله ويكرره زعيم المقاومة الراحل الشهيد السيد حسن نصر الله: "رهاننا على الله وليس عليكم، نحن أمة واحدة ذات رسالة خالدة".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة