‏ شركات موسم رمضان

 

 

 

ناصر بن سلطان العموري

نفحات شهر الخير والبركات شهر رمضان المبارك قد اقتربت وفاحت نسماتها في الأرجاء، فالكل يترقب سيد الشهور شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن شهر العتق والغفران والصدقات والإحسان شهر تجاب فيه الدعوات وترفع فيه الدرجات وتغفر فيه السيئات.

ومع هذه الأجور العظيمة التي يتميز فيها الشهر الفضيل، إلّا أننا نجد أن بعض الشركات تستغل هذه المناسبة العطرة في الترويج لسلعها ومنتجاتها كل هذا اعتيادي، ولكن أن يتعدى ذلك ليصبح الأمر مصدر إزعاج، من خلال قيام بعض الشركات التي تروج لبيع المنتجات المنزلية من أجهزة كهربائية وإلكترونية لزيارات مزعجة ومُتكرِّرة للمنازل في أوقات قد يكون أصحاب المنزل في جهات عملهم أو في قيلولة بعد يوم عملٍ شاقٍ.

الجهات الرقابية تنبهت للأمر منذ وقت ليس بالقصير، وجراء ذلك أصدرت هيئة  حماية المستهلك  القرار رقم  (285/ 2015) يقتضي بتنظيم قطاع تداول الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وجاء في طياته بحظر تداول الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في غير المنشآت  التجارية المرخص لها بذلك، وجاء هذا القرار نتيجة لعدم التزام بعض الشركات بهذا القرار؛ حيث تكرر تردد مندوبيها للمنازل وبكثرة؛ مما تسبب في استهجان السكان، الذين لم يقبلوا بالوضع، لا سيما وأن بعض المندوبين يمارسون نوعًا من الضغط والإلحاح لدخول المنزل مع بعض المغريات التسويقية؛ مما حدا بهيئة حماية المستهلك لإصدار قرار آخر كان أكثر وضوحًا وتحديدًا لما تمثله هذه الظاهرة السلبية حينما صدر القرار رقم (10/2019) بشأن حظر عرض بيع السلع أو تقديم الخدمات في المنازل والوحدات السكنية. ويوضح القرار أنه يُحظر على المزودين التردد على المنازل والوحدات السكنية لعرض بيع السلع أو تقديم الخدمات دون طلب من المستهلك أو موافقته مع فرض غرامة إدارية للمخالفين لا تقل عن 200 ريال عماني ولا تزيد عن 1000 ريال عماني.

الغريب أن المندوبين ومن الجنسين هم من بلد واحد؛ مما يطرح على السطح تساؤل حول كيفية استقطاب الشركة لمثل هذه العمالة تحديدًا؟

والإجابة المنطقية قد تكون من خلال الوسيلة الأسرع (تأشيرة الزيارة) لرخص التكاليف؛ حيث تستغلهم الشركات في مثل هذه الأعمال مع تقديم إغراءات لهم في حال أثبتوا جدارتهم في الحصول على عدد معين من المبيعات يتم تعينهم، ولهذا نرى الإلحاح من جانب المندوب/ المندوبة للبيع وبأي وسيلة مع الوعود بتقديم هدايا للمستهلك في حالة الشراء ولو بالأقساط.

الأمر تعدى ذلك، حينما حاولت تلكم الشركات الالتفاف على قرار حماية المستهلك بطريقة أخرى، من خلال اتخاذ وسيلة تواصل أخرى لا تقل إزعاجًا للمستهلكين، عن طريق الاتصالات الهاتفية على سبيل حجز موعد للزيارة المنزلية، حينما يتم الاتصال وتقديم نفس الإغراءات التسويقية التي يسيل لها اللعاب، مع وسيلة جذب للمستهلك أنه في حالة أعطى خمسة أرقام من معارفه للشركة للتواصل، سوف يحصل على جائزة إضافية، وهكذا تزيد قائمة الاتصال للشركة، إذا أعطى كل متصل الأرقام الخمسة ويزيد معه الإزعاج.

بلا شك أن الاتصال ورد لأشخاص كثر يفيد بأن صديقك فلان أعطانا رقم هاتفك، ونحن نقدم لك عرض شراء للجهاز المعروض أفضل من عرض صديقك، وطبعًا من يسمح بمواصلة الاسترسال في المكالمة سوف ينجر مُجبرًا في النهاية إلى دعوتهم للزيارة المنزلية لكي ينسجوا حبالهم التسويقية عليه.

ومن هنا على المستهلكين عدم الانجراف لمثل هذه العروض المُضلِّلة، فمجرد موافقة المستهلك على زيارة الشركة لمنزله يكون قد ساهم في ازدياد هذه الظاهرة السلبية دون وعي، ومن أراد أن يستفيد من العرض لا بأس من أن يزور الشركة في معرضهم، هذا إن كان لهم معرضا من الأساس!

كما على الجهات المختصة بإصدار التأشيرات ومأذونيات العمل مراقبة معاملات مثل هذه الشركات والانتباه لما يجرى خلف الستار.

*******

خارج النص:

بعد الصدى الكبير الذي لقيه المقال الماضي "قضية عداد"، ومن بعده المقابلة الإذاعية في إذاعة الوصال حول نفس الموضوع، أودُ أن أعرب عن شكري -عبر هذا المنبر- لشركة نماء لتزويد الكهرباء، على التواصل والتجاوب والتوضيح حول ما تطرقنا إليه في المقالة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الشفافية والوضوح مع العميل، اللذين تتميز به شركة نماء لتزويد الكهرباء، والذى أتمنى أن  تنتقل هذه العدوى الحميدة بدورها للشركات الأخرى التابعة لشركة نماء القابضة؛ فكونها شركات خدمية وإن كانت ربحية، فمن أهم مقومات نجاحها كسبها لرضا العميل والمرونة في التعامل معه.

الأكثر قراءة