يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"يمكن تدمير الرجل، لكن لا يُمكن هزيمته" إرنست همينغواي.
******
الأمم الحيَّة تتعلم، تعتبر، تتعظ، تفهم من حوادث التاريخ، تجعل صفحات التاريخ نبراسا لدروب المُستقبل، وممرات القادم من الأيام، لا تكابر، لا تعاند، لا تكذب، لا تُصدِّق الأوهام، تتعامل مع الهزيمة- إن حدثت- بالتعلم من الدروس وتصحيح المسار، والانطلاق بعدها لتحقيق الانتصار، والتطور، والتقدم، عكس الأمم المكابرة، المتشبثة بتاريخ ماضٍ، وتعيش حاضرًا تدور فيه الدائرة ما بين انهزام وانكسار، ثم يأتي الإعلام الوضيع ليحوِّل الهزائم الساحقة إلى انتصارات عظمى.
قبل سنوات وتقريبًا في أوائل تسعينيات القرن الفائت، لعب منتخب الكويت لكرة القدم مع منتخب مَكَاو (دولة آسيوية) وكانت نتيجة المباراة 10- صفر، للكويت، ومن ثم سجل المنتخب الكويتي الهدف الحادي عشر، فثارت ثائرة الفريق المكاوي محتجًا على احتساب الهدف الحادي عشر، وكان موقفًا طريفًا، لا أعلم كيف قبل المكاويون بعشرة أهداف وكأنها أمر عادي، ثم كان الاحتجاج على الهدف الحادي عشر، ألم يسمعوا بعبارة: وما يضر الشاة بعد سلخها؟!
بعض الأحداث في المنطقة تذكرنا بالهدف الحادي عشر، هذا الهدف المغضوب عليه، والذي في حال إلغائه سيكون الحال أشبه بالانتصار!
ليس عيبًا أن تهزم، الهزيمة أحيانا والفشل هما من أول درجات التطور والتقدم، النفس الواثقة التواقة لا توقفها هزيمة، ولا يزعزعها فشل، الدنيا كتاب نتعلم منه، ونعلم منه، ننهزم لكن نتعلم وننطلق، لا نكابر، لا نكذب على ذواتنا بنصر وهمي غير موجود على أرض الواقع، الحرب جولات وقد تكون إحدى الجولات هزيمة، ما العيب في ذلك؟
الأسف ومما ألاحظه هذه الأيام يكثر الكذب على صدر الصفحات الأولى، احتفالا بنصر غير حقيقي، وإنجاز لا يوجد سوى في أدمغة كتاب الصحف، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الله يصلح حال الأمة، ويعين أهلها على الصفحات الأولى لبعض الصحف، أسأل الله أن يهيئ للأمة من أمرها رشدًا، ويهدي الجميع إلى ما يحبه ويرضاه.
قال الإمام الشافعي:
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا // وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وقال أبو البقاء الرندي:
هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ // مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ
وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ // وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ