أكدوا أن سلطنة عُمان نموذج مشرق للوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي

محللون لـ"الرؤية": الخطاب السامي يطرح مضامين سياسية عميقة الدلالات تؤكد السيادة والاستقلال ووحدة الصف

 

باقوير: الخطاب السامي ركز على مفردات وطنية بالغة الأهمية

باحجاج: ضرورة تنظيم حملات توعية ودراسات مُعمَقة لرسم خارطةٍ بماهيات التحديات الأمنية وكيفية مواجهتها

الهادي: نعمة الأمن والأمان حجر الزاوية في بناء منجزات النهضة المُتجددة

باعبود: الخطاب السلطاني يعكس الرؤية السامية السديدة لمختلف جوانب الحياة

 

الرؤية- فيصل السعدي

 

أجمع محللون سياسيون وخبراء استراتيجيون على أن الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والذي تفضل فألقاه بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة لتولي جلالته مقاليد الحكم، يشتمل على عدة مضامين سياسية وأمنية عميقة الدلالات، تؤكد سيادة الدولة واستقلال قرارها ووحدة الصف الوطني، وذلك في مواجهة التحديات المختلفة، والتي تُلقي بظلالها على أوضاعنا الداخلية.

وقالوا- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن الخطاب السامي تناول بمفردات دقيقة المعنى والدلالة جُملة من التحديات الاستراتيجية، خاصة في ظل ما تموج به المنطقة والعالم من اضطرابات وصراعات تُغيِّر الخريطة السياسة والاستراتيجية، مؤكدين أهمية استيعاب المواطنين لهذه المضامين والالتزام بتطبيق أهدافها والعمل على مواصلة التماسك الاجتماعي الصلب.

 

إنجازات وطنية

وقال المكرم عوض بن سعيد باقوير عضو مجلس الدولة والكاتب الصحفي والمحلل السياسي إن الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي تفضل وألقاه بمناسبة حلول الذكرى الخامسة لتولي جلالته مقاليد الحكم في البلاد، يعكس ما تحقق من إنجازات وطنية على مختلف الأصعدة، رغم الفترة الزمنية القصيرة نسبيًا في حياة الشعوب، مشيرًا إلى أن الخطاب ركز على تأكيد مفردات الوحدة الوطنية ولُحمة المجتمع العُماني، والتي تعد صمام الأمان لنهضة عُمان المُتجددة.

عوض باقوير.jpeg
 

وأوضح باقوير أن الاستقرار والأمن الذين تتمتع بهما سلطنة عُمان، من الأمور الاساسية التي تجعل من السلطنة واحة للسلام، ومواصلة مسيرة التنمية الشاملة في كل ربوع الوطن، لافتًا إلى أن الخطاب ركز على مُفردات وطنية بالغة الأهمية، في ظل الظروف السياسية الدولية التي تجتاح العالم شرقًا وغربًا. وقال: "ركز الخطاب السلطاني على ضرورة المحافظة على مكتسبات الوطن والحفاظ على الهوية الوطنية والأخلاق الذي تُميز الشعب العُماني الأصيل، كما ركز خطاب جلالته- حفظه الله ورعاه- على الدور المحوري لقوات السلطان المسلحة والأجهزة الأمنية الذي تذود عن حمى الوطن وترابه المقدس". وتابع باقوير قائلًا إن للمواطن دورًا مُهمًا وحيويًا في أداء دوره الوطني الفاعل، كلٌ في موقعه، وبالتالي فإن الحفاظ على الأوطان مسؤولية مشتركة وواجب وطني أصيل. وأوضح باقوير أن إشارة جلالته- حفظه الله ورعاه- إلى جهود السلاطين الأفذاذ الذين بذلوا جهودًا كبيرة في الحفاظ على الوطن وأمنه واستقراره، تهدف إلى تذكير أبناء عُمان الأوفياء بمناقب هؤلاء القادة الذين أخلصوا للوطن. وتابع أن المحافظة على الوطن ومكتسباته واجب مقدس، وأنه في ظل النهضة العُمانية المُتجددة التي يقودها بحكمة واقتدار جلالة السلطان المعظم- حفظه الله- تتواصل مسيرة الخير والنماء، مُحققةً إنجازات كبيرة على جميع الأصعدة، والصعيد الاقتصادي بشكل خاص. وأوضح باقوير أن جلالته شدد على أهمية تحقيق مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"، وهو ما تجلى فيما نشهده من إنجازات يعم خيرها جميع المواطنين، بالتوازي مع تحقيق الاستدامة المالية. وذكر باقوير أن الخطاب السامي أبرز حجم اهتمام جلالته بتطوير المحافظات التي سوف تُعطى المزيد من الصلاحيات والدعم من أجل تحويلها إلى مراكز اقتصادية وصناعية ولوجستية جاذبة، تُساهم بشكل فعال في خدمة الاقتصاد الوطني، وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب.

بُنيانٌ مرصوصٌ

ومن جانبه، أكد الدكتور عبدالله بن علي باحجاج الكاتب والمحلل السياسي أن تحليل مضامين الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- في الذكرى الخامسة لتولي جلالته مقاليد الحكم، يُسلط الضوء على جُملة من النقاط، التي ينبغي الوقوف أمامها ودراستها، شكلًا ومضمونًا، وأولها: تذكير العُمانيين بوحدتهم التاريخية القائمة على قوة وحدتهم، التي أسسوها على مر العصور، بوعيٍ عميقٍ وبإرادةٍ صلبةٍ، وهو ما تجلى في الخطاب السامي عندما قال جلالته: "أثبت أبناء هذا الوطن العزيز عبر العصور أنهم صف واحدٌ كالبنيان المرصوص". وأكد باحجاج أن هذه الفقرة من الخطاب تُمثل قِمة الاستدلال السياسي للرسالة السلطانية للشعب العُماني في الحقبة الإقليمية والدولية الراهنة التي يُراد لها تفتيت وحدة الشعوب وتفكيك مناعتها من الداخل.

د. عبدالله بن علي باحجاج.jpg
 

وأشار باحجاج إلى أن جلالة السلطان المعظم وجَه إلى شعبه مسألة مُهمة جدًا؛ وهي أن هذه الوحدة المتينة تأسست عبر العصور بقوة الإدراك والفطنة بخفايا الأمور وعدم الانجرار وراء ردود الأفعال؛ بل صناعة الأفعال، ونلمس ذلك في قوله: "يسيرون على بصيرة مصدرها العقيدة السمحة، نابذين كل تعصب رافضين كل استقطاب يجزئ الأمة ويفت في عضدها متمسكين بكل ما يجمعهم على الحق مبادرين للخير وثَابين لبناء وطنهم وأمتهم"، مشيرًا إلى أن هذه الفقرة تتضمن تذكيرًا بهذا التاريخ، علاوة على تحميل الفرد والجماعة والحكومة وكل مكونات الدولة المسؤولية التاريخية لحماية الوطن؛ إذ إن التحديات المُقبلة متعاظمة وعابرة للحدود، غير أننا "لدينا تجربة صالحة لمواجهتها، بنفس شروطها وهي الوحدة المتعاضدة التي وراؤها قوة البصر والبصيرة، لما يُراد لبلادنا حديثًا من مخاطر على مختلف الصُعُد".

ولفت باحجاج إلى أن قضية الأمن والأمان في بلادنا احتلت سلم أولويات خطاب جلالته، وفق بناء تراتبي مُتَسق ومُتناغم في دلالته ورسائله، مشيرًا إلى أن منظومتي "الأمن والأمان" مسؤولية جماعية في ظل تصاعد التوترات وتغيُر مراكز القوى الإقليمية والعالمية، وتنامي ظاهرة الإرهاب وبروز ظاهر العنف المُتطرِف، ومحاولة الجماعات الإرهابية المساس بأمن الدول المُستقرة التي تُعلي من شأن المبادئ في علاقاتها الدولية، مثل سلطنة عُمان. وشدد باحجاج على ضرورة أن يُدرك كل الأفراد والجماعات أن الأمن والأمان من أوائل النعم، وأن الحفاظ عليها يستلزم إجراء حملات توعية ودراسات مُعمَقة لرسم خارطةٍ بماهيات التحديات الأمنية وكيفية مواجهتها، خاصة "سد الثغرات الحديثة التي قد تستغلها القوى الشيطانية، والتي أصبحت تُحيط بالجغرافيا الخليجية من جهاتها الأربعة".

الكينونة المُستقلة

وأضاف باحجاج أن إثارة الكينونة العُمانية المُستقلة وسيادة قراراتها في خطاب الذكرى الخامسة لتولي جلالته الحكم، تبعث رسائل داخلية وخارجية لدواعي التعريف بالكينونة العُمانية المستقلة، مؤكدًا أن هذه الكينونة نجدها في تفكيرنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي كل الصيغ البرجماتية والعاطفية، الجوهرية منها والشكلية، ونُعبر عنها تفكيرًا وتكلُمًا وعِلمًا واختيارًا وشعورًا وشفافية، بصورة مختلفة عن الآخرين؛ لذلك نحن مختلفين في إطارنا الإقليمي والدولي، وليس ذلك وليد عهد حديث، وإنما هي كينونة مُتجذرة تاريخيًا على مر الحقب والعصور.

وتابع المُحلل السياسي قائلًا: "عُمان دولة تأسست قبل آلاف السنين؛ بل إنها قديمة قدم التاريخ نفسه؛ لذلك فإنها تستمد كينونتها المستقلة من عمقها التاريخي والحضاري، وما الحديث النبوي الشريف "لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك" إلا أفضل ما يُمكن الاستدلال به؛ حيث عن هذه الكينونة المستقلة تُجسدها الدولة العُمانية المعاصرة بصورة نموذجية، تجلت في السيادة السياسية والاقتصادية". وضرب باحجاج مثالًا على تطبيقات هذه السيادة، بالإشارة إلى أهم قضية إنسانية معاصرة على الإطلاق، وهي قضية غزة، وأنه من منطلق السيادة العُمانية واستقلالية قرارها، فقد اتخذت موقفًا تاريخيًا مُشرفًا تجاه العدوان الصهيوني على غزة، ليس على صعيد السياسة الخارجية الرسمية وحسب؛ بل على صعيد المجتمع بكل قواه الفاعلة.

خطاب تاريخي

وقال الكاتب الصحفي نبيل بن محمد الهادي إن الخطاب السامي الذي تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه بإلقائه خطاب تاريخي يعبر في مفرداته ومضامينه عن التفكير المتمعن، والإلمام الشامل بكل التفاصيل الدقيقة راسمًا خريطة طريق لملامح المرحلة المقبلة، واشتمل على مضامين في غاية الأهمية والدقة تستقيم مع المرحلة المقبلة لاستكمال المسيرة الظافرة للنهضة المُتجددة التي جاءت من أجل عُمان وأبنائها الأوفياء.

نبيل الهادي.jpg
 

وأكد الهادي أن سلطنة عُمان تظل نموذجًا مشرقًا للوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي في المنطقة حيث يقف أبناؤها صفًا متماسكًا كالبنيان المرصوص، متكاتفين ومتحدين في مواجهة التحديات التي تمر بهم بين حين وآخر، مستلهمين من التاريخ العريق الضارب في جذور تلك الروح الوطنية التي جسَّدت إرثًا تاريخيًا وفكريًا عبر العصور؛ إذ إن العُمانيين دائمًا يدًا وقلبًا واحدًا، يعملون من أجل رفعة وطنهم وازدهاره محليًا وإقليميًا ودوليًا. وأشار الهادي إلى أن الراصد للمشهد العام لسلطنة عُمان يلحظ ما تحظى به من مكانة مرموقة وتاريخية غير تقليدية، وهذا يؤكد أن نعمة الأمن والأمان حجر الزاوية في بناء منجزاتها وازدهارها.

وأوضح الهادي أن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الذي تنعم به سلطنةُ عُمان يتحقق بفضل القيادة الحكيمة والشعب الواعي المُخلِص لوطنه، مشيرًا إلى أن الجميع في سلطنة عُمان يعيش في انسجام وطمأنينة وسكينة، ما يجعل هذا البلد واحة سلام وسط عالم مليء بالصراعات والأزمات الاقتصادية والسياسية.

وشدد الهادي على أن سلطنة عُمان ليست دولة حديثة على خريطة التاريخ؛ بل إنها حضارة ضاربة في أعماق الزمن وإمبراطورية امتدت إلى أقاصي أفريقيا، وجابت سفنها بحار العالم من الصين إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وحدة وطنية

من جهته، قال الدكتور عبدالله باعبود الأكاديمي والباحث المُختص في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي الدولي، إنَّ الخطاب السامي اشتمل على دلالات عدة، أولها تأكيد الوحدة الوطنية؛ حيث عبّر الخطاب بوضوح عن قوة الترابط والوحدة بين أفراد الشعب العُماني، كما ثمّن تماسكهم في وجه التحديات والمحن على مر العصور، واصفًا العُمانيين بأنهم يقفون صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص. وأوضح باعبود أن الخطاب هنا ارتكز على استعارة قرآنية كريم تعكس التلاحم والصلابة التي تجمع الشعب العُماني في مواجهة التحديات، علاوة على تأكيد الدعوة للجميع بأن يتعاونوا ويتكاتفوا في إطار الوطن الواحد.

د. عبدالله باعبود.jpg
 

وتحدث باعبود عن التأكيد السامي في الخطاب، على أن نعمة الأمن والأمان من أعظم نعم الله علينا، قائلًا: "يُبرز صاحب الجلالة- حفظه الله ورعاه- أهمية الأمن والاستقرار في حياة الأفراد والمجتمعات؛ فالأمن ليس فقط عنصرًا حيويًا لاستمرار التنمية؛ بل هو الأساس الذي يُبنى عليه كل تقدم وازدهار"، مشيرًا إلى أن تأكيد هذه النعمة يأتي في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات وصراعات.

وتعليقًا على وصف حفاظ عُمان على "كينونتها المستقلة وسيادة قرارها السياسي والاقتصادي"، أكد باعبود أن هذه العبارة تؤكد استقلال قرار عُمان على مرِّ التاريخ؛ سواء من ناحية القرار السياسي أو الاقتصادي، لافتًا إلى أنه في عصر العولمة، يُعد الحفاظ على الاستقلالية من التحديات الكبرى التي تواجهها الأمم. وأضاف أن الخطاب السامي "يُظهر الفخر بعراقة الدولة العُمانية وتاريخها المستقل، وهو تأكيد على تمسك سلطنة عُمان بهويتها وسيادتها ورؤيتها الخاصة وعدم تأثرها بالظروف والضغوط الخارجية". وشدد الأكاديمي والباحث المُختص في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي الدولي على أن الخطاب السامي يعكس رؤية واضحة وراسخة لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تدعو الشعب العُماني للحفاظ على وحدة وطنهم وأمنه، مع التأكيد على استقلال القرار السياسي والاقتصادي الذي يُعد من مقومات التقدُّم نحو المستقبل بخطى ثابتة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة