د. إبراهيم بن سالم السيابي
فئة الشباب تطلَق على المرحلة العُمرية التي تمتد ابتداءً من مَرحلة الطفولة إلى ما قبل الرُشد وفي المُعجم اللُغوي العربي كلمة الشباب تعني الفتاء والحداثة. وتُعد أهم الفئات التي تعمل على بناء وتنمية المُجتمع.
وتقوم الدول بالاهتمام بهذه الفئة التي تعتبر من أهم الفئات العمرية في الموارد البشرية وتقوم بتأهيلها التأهيل الملائم؛ لأنها تعتبر من المقاييس الأساسية التي تقاس بها ثروات الأمم. ويعد الاستثمار في المورد البشري أعلى أنواع رأس المال قيمةً ومردودًا، علاوة على أن الموارد البشرية أداة حقيقية للتنمية الاقتصادية.
وتولي السلطنة، وفئة الشباب بالذات، اهتمامًا خاصًا بتأهيل الموارد البشرية منذ بداية عصر النهضة؛ حيث في البداية تم ابتعاثهم في الخارج إلى أرقى الجامعات لتلقي العلم والمعرفة في مختلف العلوم والمجالات، وبعد ذلك تم افتتاح جامعة السطان قابوس وتبعها العديد من المؤسسات التعليمية العامة والخاصة بالتالي كان لهؤلا الشباب إسهاماتهم البنائة في النهضة التي شهدتها السلطنة في مختلف الميادين.
وعودة الى حديثنا اليوم بعد أن استعرضنا أهمية هذه الفئة العمرية، وهذا الاستثمار الذي لا يُقدَّر بثمنٍ الذي يستثمره الوالدان والدولة وما يبنى عليهم من طموحات وآمال للعمل والبناء، فإننا بين الحين والآخر نفجع بالأخبار عن بعض حوادث الطرق المميتة التي يذهب ضحيتها، شباب في مقتبل العمر، تراق دماؤهم على قارعة الطريق وتذهب أرواحهم نتيجة هذه الحوادث.
ومن أهم أسباب هذه الحوادث: السرعة؛ حيث إن القيادة بسرعةٍ تزيد عن السرعة المُقررة للطريق لها أثرٌ كبيرٌ في ارتفاع نِسَب الحوادث. وأيضا التشتُت عند القيادة وعدم الانتباه أثناء القيادة وعدم تركيز السائق. ومن أهم أسباب الحوادث هو استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة؛ فاستخدام الهاتف أثناء القيادة يقلل من تركيز السائق، ويزيد خطر التعرُض للحوادث بنسبة تزيد عن أربع مرات مقارنةً بغيرهم، كما يؤدي استخدام الهاتف أثناء القيادة إلى إبطاء ردة فعل السائق في استخدام المكابح، والمحافظة على المسار الصحيح، والالتزام بمسافة الأمان بينه وبين المركبات الأخرى وهناك كذلك أسباب أخرى مثل عدم اتباع قانون وإرشادات المرور وعدم اتباع طرق السلامة كربط حزام الأمام والالتزام بالقيام بالفحص الدوري للمركبات.
إن فقدان شاب في مقتبل العمر في حادث سير هو فاجعة تترك غصة في القلوب وجُرحًا لا يندمل بسهولة للولدين والأهل والأقارب والأصدقاء، كيف لرَبيع الحياة أن يتوقف فجأة، وكيف لآمالٍ كانت تُنير الطريق أن تُطفأ هكذا في لحظة عابرة؟ إنه شعورٌ لايوصف عن قسوة القدر، وحزنٌ عميق لا تواسيه الكلمات، وخسارة شاب في حادث سير ليست فقدًا لعائلته وأصدقائه فحسب، بل هي خسارة للوطن بأسره. فكل شاب هو مشروع أمل ومشروع اقتصاد وطاقة تُبنى عليها تطلعات المستقبل. عندما يُختطف العمر الواعد في لحظة مفاجئة، يخسر الوطن فكرًا كان يمكن أن يُبدع، وأيادي كان يمكن أن تبني، وقلبًا كان يحمل حبًا وأملًا لمجتمعه. إنها ليست خسارة فردية، بل جرحٌ يُصيب روح الوطن.
لذا علينا أن نبذل ما في وسعنا ونوصل الرسالة الى هؤلاء الشباب بضرورة الحفاظ على الحياة ورفع الوعي بأسباب السلامة لتجنب مآسٍ كهذه، ولنبذل جميعنا جهودًا مضاعفة للحد من حوادث السير، فلا داعي للسرعة، والمخالفات المرورية، وعلى كل شاب أن يعي بأن حياته وحياة الآخرين أهم بكثيرٍ من وقته، وراحته. وتذكر دائمًا أن وصولك المتأخر خيرٌ لك من عدم الوصول أبدًا، فأنت لأهل بذلوا الغالي والنفيس لكي يصنعوا منك رجلاً لا تقدر بثمن وأنت للوطن زرع لكي يجنى ثمار هذا الزرع أحلاما وطموحات، لذا من الضروري أن تتحلى بقدر من المسؤولية وعليك الالتزام بقواعد السير، والسرعة المحددة، فهي الأمور التي تضمن سلامتك وسلامة الآخرين.
في الختام.. إن الحد من حوادث السير ليس من اختصاص السلطات المعنية بالمرور وحسب، أو سن القوانين والتشريعات ومراقبة الطرق لردع المخالفين أو بتهئية البنية الأساسية لهذه الطرق وجعلها آمنة للجميع، لكن تقع المسؤولية كذلك والعبء الأكبر على المجتمع، بدءًا من البيت وأولياء الأمور الذين يتعين عليهم إسداء النصح والإرشاد لأولادهم وحثهم على ضرورة اتباع أنظمة وقواعد المرور والانتباه عند قيادة المركبات حفاظًا على حياتهم وحياة الآخرين.
حفظ الله الجميع من مخاطر الطريق.