تضخَّمت كُرة اللهب في سوريا بغضون سويعات قليلة، وسط دهشةٍ من المُراقبين، الذين انتباتهم مشاعر القلق الشديد من احتمالية السقوط الحر للدولة الوطنية، في ظل التآمر المُتواصِل الذي يستهدف المنطقة، لخدمة الأهداف التي يعلمها الجميع، وفي مقدمتها حماية دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ما يجري في سوريا لا يُمكن نزعه من المشهد العام الذي يتبلور ويتشكل مثل حبيبات الفُسيفساء، منذ اندلاع "طوفان الأقصى"، ولا يجب أن نضعه في معزلٍ عمّا يُحاك لمنطقتنا من مشروعات تخدم الأجندة الغربية، وتضمن الأمن للمشروع الصهيوني، دون النظر إلى أي اعتبارات تضع سلامة المنطقة وسيادة الدول على أراضيها.
ربما لا يُمكن الجزم بمآلات ما تشهده سوريا، لكن بات من شبه المؤكد أنَّ ثمّة أطراف لطالما كانت تقتات على الأزمة السورية، وتسعى لزعزعة استقرارها بأي ثمن، من أجل تحقيق مآربها الخاصة، بينما تتجاهل مصالح الشعب السوري الذي اكتوى بنيران فتنةٍ حارقةٍ، أسهم في إشعالها الجميع بلا استثناء، من حيث سوء التقدير أو استباحة الدماء وحرمان الأبرياء من الحق في الحياة. لقد ارتكب الجميع الأخطاء، نظامًا ومُعارضةً، تلطخت الأيادي كُلها بالدماء، لكنْ مُخطئٌ من يسعى للثأر بينما المنطقة فوق فوهة بركان ثائر.
إنَّ السوريين هم الأحق بتقرير مصيرهم، لكن دون أن يكون ذلك ذريعة لهيمنة قوى إقليمية أو دولية، ولا يتسبب في هدم الدولة الوطنية؛ فالنماذج السابقة أثبتت أن انهيار الدولة الوطنية يعني فناء الأوطان!