محمد بن رامس الرواس
لطالما كانت ولا تزال الهُويَّة الوطنية واحدة من أهم القيم التي تجمعنا كلُحمة وطنية واحدة في ظل عناصرها الأساسية اللغة والدين والجغرافيا والقيم والمبادئ وكل ذلك رسخ لقيام هُويَّة وطنية وانتماء واحد للوطن في مجتمع عُماني متماسك ظل شامخاً عبر الأيام والسنين.
والهُويَّة الوطنية تمثل الركيزة الأساسية التي ينطلق منها انتماؤنا لوطننا العزيز عُمان وهي المحرك والدافع الأساسي لتقديم ما نستطيع تقديمه للوطن والتضحية لأجله من أجل حماية مكتسباتنا بجانب الحفاظ على المبادئ والقيم ثم الأرض مما يساهم بلا شك في ازدهار سلطنتنا الحبيبة عُمان واستقرارها.
والهُويَّة الوطنية بمفهومها العام وتعريفها يكمن فيه أنها مجموعة من الخصائص والسمات المشتركة الذي تُميز المجتمع والتي عادة ما تكون منتقاة من القيم والمبادئ والعادات السائدة فيه وكذلك من التاريخ والجغرافيا المشتركة وكل ذلك وغيره يجعل الوطن كروح واحدة تضمن استقراره وبقاءه.
والهُويَّة الوطنية تتداخل قد تختلف بعض عناصرها من دولة إلى أخرى عبر ما يمر به كل مجتمع أو دولة من تغيرات من حقوق مشتركة ولغات مختلفة إلا أن الهُويَّة الوطنية بصفة عامة تظل تعبيراً حقيقياً للإنسان وانتمائه وانعكاس كل ذلك على مصداقيته من خلال العطاء الذي يقدمه لوطنه والشعور والتعبير الذي يكنه بداخله في ترجمة ذلك للواقع عبر أقوال وأفعال حيث إنَّ طاقات الأفراد هي الوقود الدائم لهذا الانتماء الوطني والذي يجب أن يبرهن الواحد منَّا على ما يقوم به تجاه وطنه.
وبرغم أن سلطنة عُمان الحبيبة تشكلت حضارتها على مدار قرون فائتة من الزمن، إلّا أنها حافظت بشكل وبصورة واضحة على هُويَّتها الوطنية الواحدة ومصيرها الواحد حتى أصبحت الهُويَّة الوطنية العُمانية نوراً يضيء درب اليوم في مواجهة التحديات التي تواجهها الهُويَّة الوطنية في الساحة العالمية في ظل المتغيرات الحديثة، لكن ولله الحمد ظل مفهوم الوطنية العُمانية مرتبطا بلغتها وتاريخها وجغرافيتها وهي العوامل التي ربطتها بعناصرها الأساسية، ومع ظهور العولمة خلال السنوات الفائتة أصبحت المجتمعات تصارع لأجل لا يحدث فيها تغيرات في هُويَّتها الوطنية مما قد تساهم فيه العولمة بشقها السلبي في تغيير الهُويَّة الوطنية للمجتمعات من خلال حدوث تلاقح الأفكار والثقافات الذي يدار خلال وسائل التواصل الحديثة وما حدث من انفتاح وعبور للأفكار تكنولوجيا ومعلوماتيا وما نتج عنه وأفرزته وسائل الإعلام الجديدة.
إنَّ مواجهة المجتمع العُماني لكل ذلك وبرغم التحولات الهائلة في قيم بعض المجتمعات إلّا أنه ظل مُتمسكًا بقِيَمِه ومبادئه ومحافظًا عليها، ولا شك أننا نحتاج إلى مزيد من الثقافة في هذا المجال، من أجل تثبيت وترسيخ الهُويَّة الوطنية العُمانية بمفهومها الأصلي المرتبط بالأرض، وتعزيز ولاء وانتماء أبناء الوطن الواحد من أجل مصلحة الوطن الذي يحفظ كرامة الإنسان ويوفر لهم السعادة وسبل العيش الكريم؛ فيظل الجميع فخورًا بانتمائهم لوطنهم، ويفخر الوطن بهم.