عمير العشيت
تأسس جهاز الاستثمار العُماني بموجب المرسوم السلطاني العُماني رقم 61/2020، ويعد الجهاز الذراع الاستثماري لحكومة السلطنة والمحطة الرئيسية في مجالات الاستثمارات العامة والخاصة وأحد أبرز المنافذ الاقتصادية في السلطنة وخارجها وهو مكلف بإدارة واستثمار وتنمية أصول سلطنة عُمان محليًا ودوليًا؛ حيث يستثمر الجهاز في أكثر من 50 دولة حول العالم.
وبالرغم من انطلاقته في مدة زمنية قصيرة إلّا أنه سجل العديد من المشاريع الاستراتيجية الناجحة والواعدة في السلطنة بفضل سياساته المتطورة والمستحدثة والتي أضافت زيادة حقيقية في الميزانية العامة في الدولة وفي تنوع مصادر الدخل، وذلك ضمن اختصاصاته المتعلقة باستثمارات الأسواق العامة كالأسهم العالمية وسندات الدخل الثابت والأصول قصيرة الأجل، وأيضا الاستثمارت في الأسواق الخاصة في المشاريع العقارية والسياحة. كما يهدف الجهاز لاستثمار الفوائض المالية المحالة إليه من الحكومة؛ سعيًا إلى تنويع مصادر الدخل وتأمين إيرادات للأجيال المقبلة، ويدير جهاز الاستثمار العُماني أصوله واستثماراته عبر ثلاث محافظ وهي محفظة التنمية الوطنية ومحفظة الأجيال وصندوق عُمان المستقبل، الذي يهدف الى تنمية الاقتصاد العُماني وتنويعه من خلال المشاركة في تمويل المشروعات وتحفيز الاستثمار الجريء في سلطنة عُمان.
وبناءً على الصلاحيات الواسعة الذي يحظى بها الجهاز في مجالات الاستثمار، والمشروعات الضخمة التي تحققت خلال فترة زمنية قصيرة، فإننا نتطلع منه مزيدًا من الاستثمارات الاقتصادية الواعدة في محافظة ظفار التي تعاني من تعثر وتوقف العديد من المشاريع الحيوية والاقتصادية ومضى عليها فترة زمنية طويلة، والتي تعتبر مثالًا حقيقيًا في المجالات الاستثمارية الناجحة وتحقيق مضمون العائد الاقتصادي للناتج المحلي. ومن ابرزها سوق الحصن العريق الذي يتميز بموقع استراتيجي جذاب ومحفز للاستثمار؛ حيث يحتضن من الشمال شاطئ منطقة الحصن ومن الجنوب شارع السلطان قابوس الذي يعد من أقدم وأشهر الشوارع في ظفار، كما يعد سوق الحصن من اهم المعالم التاريخية في السلطنة، وكان مركزًا تجاريًا يقصده كافة سكان المحافظة ويتمتع بسمعته التاريخية الواسعة وبأنشطته التجارية المحلية الجاذبة للمتسوقين، ولعب دورًا بارزًا في الحركة الاقتصادية في ظفار وله باع طويل في تعزيز الميزانية العامة للدولة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وكان ملتقى التجار والزوار والمستهلكين في ظفار، كما أخذت شهرته تنتشر عالميًا في أواخر الثمانينيات عندما تركز نشاطه على تجارة البخور واللبان والأدوات المحلية والعطور والهدايا وغيرها وبات قلعة سياحية يقصدها كافة زوار المحافظة لاسيما أثناء فترة الخريف على الرغم من وضع هيكله القديم المتهالك، إلّا أن هذا السوق لم يحظ بفرص استثمارية حقيقية منذ عدة عقود وحتى الآن وبقي على حاراته الضيقة ودكاكينه الصغيرة مما يُعتبر حالة استثنائية غير محمودة لا تتماشى مع تاريخه ولا مع التطور الذي تشهده السلطنة، وكأن لسان حاله يطلب المناجاة من الجهات المسؤولة وبالأخص جهاز الاستثمار العُماني لانتشاله من الركود وذاكرة النسيان.
لذا فإننا نناشد جهاز الاستثمار العُماني، التطرق لإعادة الحياة لهذا المركز التجاري الكبير والمعلم التاريخي العريق الذي سيكون أول سوق في ظفار من ونوعه بهيكله الجديد يعكس تراث ظفار وتمازج الماضي مع الحاضر ويعرض المنتجات المحلية كاللبان والبخور والصناعات والحرف التقليدية، شأنه شأن المشاريع الأخرى التي تم تنفيذها مع أنه يفترض أن تكون أولوية التنفيذ لسوق الحصن كموقع تاريخي واقتصادي، وذلك من خلال التنسيق مع مكتب محافظ ظفار وبلدية ظفار لتنفيذ مشروع سوق الحصن الحيوي الذي طال انتظاره، ومما لا شك فيه أنه سيحقق عوائد اقتصادية للقائمين عليه وسيفتح مجالات استثمارية واسعة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال والعديد من الوظائف للباحثين عن عمل، ويلبي سياسات السلطنة في تنويع مصادر الدخل والناتج المحلي، ومن البديهي أن يلقى إقبالًا كبيرًا من الزوار والسياح كما هو حاصل في الأسواق التراثية العالمية.