د. خالد بن حمد الغيلاني
@khaledalgailani
خمس من السنوات توشك أن تنقضي من عُمر نهضتنا المُتجددة، التي يقود مسيرتها الظافرة، ويحمل رايتها الخفاقة، ويسير بها سير الواثق، ويصعد بها صعود المستمسك بعروتها الوثقى، والراسم لدرب عزتها الكبرى، والمُحقق لآمالها المتتالية، والمرتقي بها سماك النجوم العالية، يمضي بها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- فمنذ توليه مقاليد الحكم الرشيد المبارك، واعتلائه صهوة المجد السامق، ومن خلال خطابه الأول، حدد حرصًا لا يُضاهى، ورغبة لا تحدها الحدود، وغاية سامية عظيمة لبناء مستقبل هذا الوطن، وتجديد نهضته.
أدرك مولانا السلطان المُعظم تحديات الوضع الاقتصادي، وارتفاع معدلات الدين، وثقل الفائدة المترتبة، ثقلٌ لا مناص من التصدي له؛ نظرًا للنتائج والتحديات الكبيرة التي تترتب عن الوضع الاقتصادي، وشدة الإجراءات التي يلزم العمل بها، ومما زاد الأمر عناءً وشدة؛ انخفاض أسعار النفط، وجائحة كورونا التي عانى منها الكثير من دول العالم.
والحمد لله على واسع فضله؛ فقد تحققت العديد من الإنجازات في هذا الشأن الاقتصادي، تشير إلى حكمة القيادة الرشيدة، وبعد النظر لمولانا السلطان المعظم، وواقعية الإجراءات، وحتمية القرارات المتخذة في هذا الشأن، ومما تحقق يمكن أن نذكر ما يلي؛ فمن جوانب التحسن في الأداء الاقتصادي والمالي، بلغت الإيرادات العامة للدولة نحو 8.1 مليار ريال عماني بنهاية أغسطس 2024، محققين فائضا قدره 447 مليون ريال عماني حتى أغسطس 2024، أدى إلى خفض الدين العام إلى 14.4 مليار ريال عماني بنهاية الربع الثالث من هذا العام.
هذا الإنجاز الكبير والمستمر؛ أسهم في رفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتتجاوز 25 مليار ريال عماني، كما إنه أدى إلى تحسن في التصنيف الائتماني وبلوغ الجدارة الاستثمارية، وارتفاع أصول جهاز الاستثمار العماني، كما تجاوزت مدائن حجم الاستثمار فيها حاجز 7 مليارات ريال عماني.
وحققت سلطنة عمان بفضل هذه التوجيهات السديدة لمولانا السلطان المعظم تقدمًا متواصلًا في المؤشرات الدولية؛ ففي مؤشر الحرية الاقتصادية حققت السلطنة المرتبة 56 عالميًا مرتفعة 39 مرتبة خلال العام 2024، والمركز 11 عالميًا في مؤشر ريادة الأعمال متقدمة 27 درجة، والمركز 50 في مؤشر الأداء البيئي، بعد أن كانت السلطنة في المركز 149.
إضافةً إلى تقدم ملحوظ في مؤشرات الإعلام، وتصنيف جامعة السلطان قابوس، والمرتبة الثانية في الإنفاق الحكومي لكل طالب على مستوى العالم، والقفز 93 مرتبة في معدل نمو الإنتاجية في العمل، والمرتبة الـ19 عالميًا في ممارسة الأعمال.
كما إن الزيارات المستمرة لمولانا جلالة السلطان المعظم للعديد من الدول خليجيًا وعربيًا وإقليميًا وعالميًا؛ والعدد الكبير من الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين السلطنة وهذه الدول، وحجم التبادل التجاري، والمشاريع المشتركة، والاستثمارات المتبادلة؛ وحجم المبالغ المستثمرة في هذا الجانب والأرقام المليارية المُعلنة، كل ذلك يصب في إطار تعزيز الاقتصاد العماني، ورفع معدلات قوته، ومؤشرات ارتفاع حجمه، مما ينعكس إيجابًا في سبيل حلحلة الركود الاقتصادي، وحفظ معدلات الدين، وتقوية التصنيف الائتماني للبلاد.
ولعله من يُمن الطالع أن نلحظ بشكل كبير تسارُع التنمية داخل البلاد، والمشاريع الكبيرة في تعزيز البنى التحتية، وتنمية وتطوير المحافظات، وتعزيز قطاعي النقل والاتصالات، والاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي، والابتكار العلمي، وتطوير القطاعات المختلفة، خاصة الصناعية، والتعدينية، الزراعية والسمكية، ومساعدة القطاع السياحي للقيام بدوره التنوي والاقتصادي، من خلال تسهيل الكثير من الإجراءات، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها محور ومرتكز الاقتصاد القائم على قوة المشاريع، وتمكين هذه المؤسسات، وتوسيع قاعدة عملها ونطاق مشاريعها.
وبطبيعة الحال، فإنَّ هذا الحراك المبشر بالخير نأمل أن ينعكس إيجابًا على الحد من التحديات التي يواجهها حاليًا الكثير من أبناء هذا الوطن الغالي، من خلال علاج ملفات الباحثين عن عمل والمُسرَّحين من وظائفهم، وتعزيز دور الحماية الاجتماعية، وتوسيع قاعدة المستفيدين من هذه المنظومة الوطنية، ذلك أن سرعة العمل على علاج هذه القضايا- والتي بلا شك في منزلتها المستحقة ضمن اهتمامات مولانا السلطان- سيكون أثرها إيجابيًا وبشكل كبير جدًا على تعزيز الاقتصاد وزيادة الاستثمار، وكذلك تقوية العلاقات الاجتماعية، وتعزيز تماسك المجتمع، وتطوير قدرات أبنائه.
دُمتم يا مولانا السلطان المعظم، ومرحى لوعد قطعتموه فأوفيتم، ولوطن أحببتموه فأخلصتم، ولشعب كريم أنتم ملاذه وسنده، ومرحى لبذلكم الدؤوب، وعملكم المشهود، ووصلكم النهار بالليل لتكون عُمان في مقامها الأول، وبرجها العالي، ومنزلتها العظيمة، وعهدًا وولاءً لهذا الوطن بالذود عنه، وسمعًا وطاعة لسلطانه المعظم.