"مدينة العين" بوابة الحياة الإماراتية واستعادة روح التراث

العين- سارة العبرية

في قلب التراث الإماراتي، تبرز مدينة العين كواحة تنبض بالحياة، تجمع بين عبق التاريخ وروعة الطبيعة، مما يجعلها وجهة مثالية للاسترخاء والتجدد بعيدًا عن صخب الحياة اليومية التي تقع على بعد 90 دقيقة فقط من أبوظبي، وتقدم العين تجارب فريدة تتنوع بين استكشاف الحصون العريقة، الواحات الغنية، ونظام الأفلاج التاريخي، إلى جانب التفاعل مع تقاليد أهل المنطقة الأصيلة.

وتم إدراج العين كأول موقع إماراتي على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، لاحتوائها على واحدة من أقدم المناطق المأهولة بشكل مستمر، ومواقع تاريخية تعود لأكثر من خمسة آلاف عام، مع حصون وقصور مُفّعمة بالحكايات التاريخية.

IMG_6485.jpg
 

وقامت "الرؤية" بزيارة سياحية على أبرز الأماكن والمواقع التراثية في العين، ومنها:

مركز القطارة للفنون

تأسس عام 2011، يمثل نموذجاً حياً لثراء وتنوع المشهد الفني والثقافي في مدينة العين؛ حيث يوفر منصة تجمع الفنانين والمبدعين ومحبي الفنون للمشاركة في مجالات إبداعية متعددة، ويضم المركز صالة عرض لأعمال فنانين من الإمارات والمنطقة، واستوديوهات تعليمية للموسيقى، والحرف اليدوية، الفخاريات، الخط العربي، والرسم والتلوين.

IMG_6490.jpg
 

كما يحتضن معرض القطارة للآثار الذي يبرز الاكتشافات الأثرية من المنطقة، مع تسليط الضوء على التاريخ العريق من العصر الحديدي. وخلال بناء المركز، تم اكتشاف خمسة أمتار من الطبقات الأثرية التي توثق تاريخ المنطقة الممتد من العصر الإسلامي المتأخر إلى العصر الحديدي. وتعرض هذه المكتشفات في معرض دائم في الطابق السفلي للمركز، حيث تُعرض قطع أثرية هامة مثل تمثال الأسد الصغير الذي يعود للعصر الحديدي الثاني. بالإضافة إلى ذلك، تم ترميم بيت بن عاتي الدرمكي ودمجه مع المركز كجزء من التراث المحلي، ويوفر المركز أيضاً ورش عمل فنية ومهرجانات ثقافية، وجولات إرشادية لتعريف الزوار بتاريخ وأهمية هذا المعلم التراثي، إلى جانب مقهى يُعد نقطة تجمع اجتماعية وثقافية.

 

قصر المويجعي

يُعدُّ أحد الشواهد الحية على مرحلة هامة من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، ويتميز بطراز معماري فريد يعتمد على البناء بالطوب اللبن الذي كان سائداً في مطلع القرن العشرين، وشهد القصر ولادة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي قضى فيه أيام صباه مستفيدًا من حكمة والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويتميز بهيكله المربع وزواياه البارزة وبوابة المدخل الكبيرة، وقد خضع لترميم دقيق للحفاظ على أصالته التاريخية، ويحتضن فناء القصر قاعة عرض محاطة بجدران زجاجية، تروي قصة القصر وسكانه مع التركيز على إنجازات الشيخ خليفة. يُقدم المعرض تسلسلاً زمنياً لأفراد العائلة الحاكمة، ويسلط الضوء على أهمية المياه للحياة في العين وواحاتها، مثل واحة المويجعي، ويضم القصر أيضاً مرافق للزوار تشمل متجرًا للهدايا التذكارية ومقاهي، بالإضافة إلى جولات إرشادية لتقديم لمحة عن تاريخ القصر وأهميته.

IMG_6493.jpg
 

قلعة الجاهلي

تُعتبر القلعة واحدة من أكبر القلاع في الإمارات العربية المتحدة، وقد شُيدت في أواخر القرن التاسع عشر بأمر من الشيخ زايد الأول بهدف الدفاع عن المدينة وحماية واحات النخيل، وخضعت "الجاهلي" لعملية ترميم دقيقة، لتصبح اليوم نموذجاً مميزاً للعمارة التقليدية، وتحتوي على معرض دائم مخصص للرحالة البريطاني ويلفريد ثيسيجر، الذي عبر صحراء الربع الخالي مرتين في أربعينيات القرن العشرين، كما تُشكل القلعة وجهة مثالية لاستضافة الفعاليات الثقافية والمهرجانات التي تحتفي بتراث المنطقة وتقاليدها، وتقع وسط حدائق منسقة بعناية، وتضم مركزًا للزوار يقدم عروضاً تعريفية عن تاريخ القلعة، وتستضيف القلعة بانتظام جولات إرشادية، ورش عمل تعليمية، وعروضاً تفاعلية توفر فهمًا أعمق لتاريخها وهندستها المعمارية وقصة منطقة العين.

IMG_6489.jpg
 

حديقة آثار الهيلي

وجهة فريدة تجمع بين أجواء الحدائق العامة والمواقع الأثرية ذات التاريخ العريق، تشهد على تراث مدينة العين وتجذب زوارها ومجتمعها على حد سواء، وتقع الحديقة ضمن مواقع الهيلي الأثرية، المُدرجة على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، وتحتوي على عدد كبير من المدافن والمباني التاريخية ونظم الري والزراعة التي تعود إلى العصر البرونزي والعصر الحديدي، ومن أبرز معالم الحديقة مدفن الهيلي الكبير، الذي يُعتبر من أقدم المستوطنات في الإمارات، ويبلغ قطره 12 مترًا، ويعود تاريخه إلى حوالي 2500-2000 قبل الميلاد، ويرتبط بحضارة أم النار.

ويمكن للزوار استكشاف أنظمة الري القديمة "الأفلاج" التي تسلط الضوء على الابتكارات المبكرة في الزراعة وإدارة المياه، كما توفر الحديقة عروضًا تعريفية ولوحات معلومات تروي التاريخ المبكر للمنطقة وثقافتها العريقة، وتضم ممرات مخصصة للمشي، مما يجعلها وجهة مفضلة للنزهات العائلية والتجارب التعليمية لاستكشاف تاريخ المنطقة.

سوق العين للجمال

يقع السوق على بُعد 15 كم من وسط المدينة، ويُعتبر واحدًا من أسواق الماشية التقليدية القليلة المتبقية في الإمارات؛ حيث يُباع فيه الجمال والماعز والأغنام، ويوفر السوق للزوار فرصة رؤية الجمال عن قرب والتعرف على أهميتها في الثقافة والحياة اليومية، بالإضافة إلى التعرف على الممارسات التجارية التقليدية، ويضم مجموعة من السلع المتعلقة بالماشية، مثل علف الحيوانات والمعدات والحرف اليدوية، كما تُعقد مزادات خاصة للجمال، تعرض أفضل الجمال في المنطقة. يفتح السوق أبوابه يوميًا من الساعة 6 صباحًا حتى 7 مساءً، مما يتيح للزوار فرصة كافية لاستكشافه.

 

بيت محمد بن خليفة

يعود بيت محمد بن خليفة الذي شُيد في عام 1958، إلى المغفور له الشيخ محمد بن خليفة آل نهيان، ويُعتبر معلمًا ثقافيًا مهمًا في العين، خضع البيت لعمليات ترميم دقيقة، وأصبح مركزًا مجتمعيًا نابضًا بالحياة؛ حيث يضم معرضًا دائمًا يحتفي بالتحول الاجتماعي والمعماري في الإمارات خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ويُقدم المعرض تجربة غامرة من خلال عروض تفاعلية متعددة الوسائط، ويحتضن البيت حاليًا مقر مجموعة مسرح العين، ومركز الفنون الإبداعية "رفلكت"، ومقهى "نوتس" مع مخبزه الخاص، مما يجسد التراث المعماري والتاريخي للمنطقة.

 

المغامرات والتجارب العائلية

حديقة الحيوانات بالعين، التي أسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1968، تمتد على مساحة 900 هكتار وتُعد من أكبر حدائق الحيوان في الشرق الأوسط. تحتضن أكثر من 4,000 حيوان من 200 نوع مختلف، مثل الظباء العربية والقطط الكبيرة. توفر الحديقة تجارب تفاعلية متنوعة، بما في ذلك إطعام الزرافات، وعروض الطيور، وجولات السفاري. كما تحتوي على مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء الذي يعكس رؤية الشيخ زايد في الحفاظ على البيئة، ويتضمن خمسة معارض تسرد تراث وثقافة أبوظبي، تضم أيضًا سفاري العين أكبر سفاري اصطناعية في العالم، التي تقدم تجربة مُميزة عبر مرشدين إماراتيين في بيئة برية طبيعية.

IMG_6488.jpg
 

منتزه جبل حفيت الصحراوي يقع عند سفح جبل حفيت في العين، ويمتد على طول تسعة كيلومترات، ويعدُّ منتجعًا بيئيًا يوفر تجارب إقامة متنوعة تشمل التخييم الفاخر، مع خيارات متعددة للطعام وأماكن ترفيهية للأطفال.

تم إدراج المنتزه ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو عام 2011؛ نظرًا لاحتوائه على مواقع أثرية تعود إلى العصر الحجري ومدافن جبل حفيت التاريخية، كما يقدم المنتزه أنشطة خارجية مثل المشي وركوب الدراجات ومراقبة الحياة البرية، إضافة إلى مناطق للتنزه والتخييم، إلا أنه يُغلق في فصل الصيف من منتصف مايو إلى سبتمبر.

IMG_6486.jpg
 

 نادي العين للفروسية والرماية والجولف يُعتبر وجهة رياضية وترفيهية متكاملة في العين منذ افتتاحه عام 2007، ويتميز بتقديم مجموعة واسعة من الأنشطة والمرافق الحديثة، يضم ملعب جولف من 18 حفرة بمعايير عالمية، وإسطبلات ومضامير للفروسية، بالإضافة إلى ميدان رماية مجهز للرماية بالبندقية والقوس، كما يوفر النادي مرافق إضافية مثل مطاعم متعددة، ملاعب تنس، حوض سباحة، ومركز لياقة متكامل، ويستضيف فعاليات رياضية وبطولات تجذب محبي الرياضة من المنطقة.

 

التجدد والاستجمام

واحة العين، أول موقع إماراتي على قائمة التراث العالمي لليونسكو، تجمع بين جمال الطبيعة والتاريخ العريق. تحتضن الواحة آلاف أشجار النخيل والأشجار المثمرة التي تُروى بنظام الأفلاج التقليدي. يعرض مركز الزوار معلومات حول أساليب الزراعة التقليدية وطرق الحفاظ على النظام البيئي، ويشمل عروضًا تفاعلية ونموذجًا ثلاثي الأبعاد لنظام الأفلاج. يتيح المكان جولات ممتعة بين الممرات المظللة والحدائق، إضافة إلى معارض تعليمية وورش عمل تثقيفية، ما يجعله وجهة مثالية للزوار من مختلف الأعمار.

 

منتجع تلال العين

يقع في قلب صحراء العين، مجسداً أصالة الضيافة الإماراتية بلمسة من الفخامة العربية، حيث يوفر غرفًا وأجنحة وفللاً بديكورات تراثية وحمامات سباحة خاصة، يقدم المنتجع تجارب مميزة تجمع بين التراث والثقافة الإماراتية في "قرية زمن لوّل"، مع أنشطة مُمتعة تشمل ركوب الجمال والخيل، وقيادة الدراجات الرباعية، ورحلات السفاري.

كما يضم المنتجع مرافق استجمام متكاملة تشمل السبا والمسابح، ومجموعة من المطاعم الإماراتية والعالمية، ويتيح لضيوفه فرصة استكشاف الحياة البرية وزيارة مدرسة محمد بن زايد للصقارة للتعرف على فنون الصقارة التقليدية.

IMG_6487.jpg
 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة