شعب يعشق كرة القدم

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

 

تُعد كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم وهو ما يعكسه الاهتمام المتزايد بالفعاليات الكروية المختلفة سواء كأس العالم أو البطولات الأوروبية المختلفة أو البطولات القارية، أو حتى الإقليمية كما هو عليه الحال في الخليج والبطولة الخليجية.

وهذا الاهتمام يأتي على نطاق المنتخبات أو الأندية، بالتالي تجد عشقا متزايدا للشعوب لهذه اللعبة ينعكس ذلك إضافة إلى تشجيع منتخبات بلدانهم وأنديتهم المحلية فإنهم يشجعون أسماء لمنتخبات عالمية أو أندية أخرى خاصة الأندية الأوروبية التي تعد بطولاتها الأشهر والأكثر متابعة من جميع أنحاء العالم.

ولا يختلف الحال في بلادي؛ حيث يعشقون كرة القدم حتى الثمالة ويتابعون كل ما يتعلق به في وسائل الإعلام والقنوات وتعج وسائل التواصل الاجتماعي بالمجموعات المخصصة لمتابعة أخبار كرة القدم، فهذه المجموعة مخصصة لمشجعي هذا النادي والأخرى مخصصة للنادي الآخر المنافس وهكذا، بل إنهم يتحدثون عن كرة القدم في كل مكان وفي أي فرصة في البيوت في العمل في المجالس وفي المناسبات الاجتماعية.

وتجد بخلاف تلك الفئات التي تمارس كرة القدم في الأندية وفرق الحواري، تجد فئات أخرى في مختلف الأعمار يمارسون كرة القدم في السكك في الأزقة في الشواطئ الممتدة في الولايات الساحلية، فكرة القدك عندهم شغف ليس مثله شغف.

في المقابل، وقياسًا على هذا العشق، فإنَّ الاتحاد العُماني والذي تأسس في عام 1978، يعني منذ قرابة حوالي 47 عاماً، قد حققت كرة القدم العُمانية، بطولتين إقليميتين على مستوى دول الخليج ونالت بعض المراكز الشرفية في بطولات المراحل السنية،ولم تصل كرتنا إلى بطولة كأس العالم أو الأولمبياد أو حتى المنافسة على بطولة آسيا القارية، وحتى على مستوى الأندية، البطولة القارية الوحيدة أحرزها نادي السيب على المستوى الثاني من البطولة وليس المستوى الأول وهو كأس الاتحاد الآسيوي للأندية بمسماه السابق، وكذلك حصول نادي فنجا في فترة الثمانينات من القرن الماضي على بطولة ما يسمى سابقًا بكاس أندية مجلس التعاون.

لذا.. نقول إن كرة القدم معشوقة الجميع هنا في هذا البلد جميع الأعمار رجالهم؛ بل وحتى نسائهم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمنتخب الوطني فتجد الجميع أثناء مشاركات المنتخب في المنافسات المختلفة ولا يستطيع الحضور في الملعب، يتسمر أمام جهاز التلفاز ليتابع المنتخب، تجد الشوارع وقد خلت من المارة والكل يرجئ كل شي لكي يتابع المنتخب وإذا فاز المنتخب تجد فرحة عارمة في كل البيوت، و إذا كان الأمر يتعلق بالفوز ببطولة كما هو الحال أثناء منافسات بطولة الخليج فتخرج الجماهير بمسيرات الفرح بالشوارع وتكرر هذا الأمر عدة مرات.

لكن ودون جلد الذات ودون أن نرسم ذاك السواد القاتم عن اليوم والغد، وحتى لا نجامل كذلك، فإننا نعرف أن هذا العشق لا يُقابل بنفس الآمال والطموحات، وقد يذهب البعض ويعزي السبب فورا إلى عدم توافر الإمكانيات.

لكن ماذا إذا ما عملنا وخططنا وفق هذه الإمكانيات المتاحة، صحيح أن كرة القدم أصبحت صناعة حالها حال الأنشطة الاقتصادية وتدر اموال بالملايين على الأندية في بعض دول العالم وتخلق وظائف للقطاعات المتعلقة بهذا النشاط، من دخول بيع اللاعبين ودخول بيع تذاكر المباريات ودخول مكافاءت المشاركات في البطولات أو الفوز باحد المراكز، وكذلك من دخول أموال حقوق البث المباشر والإعلانات وتخلق وظائف كثيرة غير مثل تلك المتعلقة بالإدراة التنفيذية وإدارة المرافق للأندية، وكذلك الوظائف المتعلقة بوكلاء اللاعبين، والعاملين في القنوات الرياضية والمحللين، ووظائف مكاتب السفر والسياحة فهناك مدن كثيرة في أوروبا تعتمد في دخلها من السياحة على وجود بعض الأندية في مدينتها.

السؤال: لماذا لا نعمل وفق ما يمكن عمله في ظل ما نملكه من إمكانيات، ومنها على سبيل المثال ما يلي:

  1. حوكمة الأندية؛ فلاتزال الأندية تدار بعقلية السبيعنات من القرن الماضي، من المتطوعين وأعضاء مجلس الإدارة وخلط بين التوجيه والإشراف وبين ادوات التنفيذ دون رؤي واضحة للمسؤلية، وبالتالي  لابد من وجود بعض الوظائف الثابتة في هذا الأندية، حتى لو ساهمت الجهات المختصة بالتوظيف في هذا الجانب من باب خلق فرص اعمال للباجثين عن عمل.
  2. الاهتمام بالمدارس والأكاديميات الكروية في الأندية؛ فهي البيئة الحاضة للمواهب،فالأندية بحاجة ملحة للمواهب ولا تحتاج الكثير هذه المدارس الكثير من الامكانيات والمصاريف  فهناك الكثير من العُمانيين من حملة المؤهلات يمكن الاستعانة بهم والبنية التحتية لمعظم الأندية موجودة والاحتياجات الباقية بسيطة  لا ترهق موازنة هذه الأندية.
  3. العمل على عودة الجماهير الى المدرجات، عن طريق دراسة الاسباب الحقيقة وراء عزوف هذه الجماهير فالجماهير هي من تخلق روح جديدة للمنافسة وابراز المواهب وبذل الللاعبين المزيد من الجهد أثناء المنافسات.
  4. تشجيع الاحتراف الخارجي؛ فالاحتراف أحسن وسيلة لصقل المواهب واكتساب الخبرات والاستفادة من الإمكانيات في الأندية الخارجية شريطة اختيار الأماكن المناسبة للاحتراف.
  5. وقف التذمر والتعذر يالامكانيات؛ لأننا نملك المواهب ويمكن العمل بهذه الميزة ونبني عليها في ورقة التطوير والمنافسة، ولدينا بيئة حاضنة وعاشقة لكرة القدم.
  6. اكتشاف المواهب؛ من خلال تعين كشَّافين في كل محافظة أو ولاية، وتنظيم هذا العمل وفق مرجعية ادارية ترتبط بنمظومة كرة القدم.
  7. الاهتمام بمنتخبات المراحل السنية وتكوين منتخب رديف للمنتخب الاول يعين له جهاز فني يرحل اليه من الفئات السنية ومن يراه الجهاز الفني مناسب، يكون له حضور وبرنامج محدد طول الموسم ويشارك في مناسبات ودية محليا ودوليا ويكون رافدا للمنتخب الاول.
  8. وضع خطة طويلة الاجل تتضمن محاور عدة لتطوير الكرة العُمانية مبنية على الامكانيات المتاحة وأهم محاورها تطوير وصقل المواهب.
  9. إقامة دوري المحافظات، تشارك فيه الأندية بلاعبي الرديف ويمكن مشاركة عدد محدد من لاعبي الفريق الاول في كل مباراة لاعتبارات فنية وجماهيرية و يحضى هذا الدوري بالمتابعة من جميع المعنين بالمنتخب واجهزته الفنية.
  10. تبنِّى المواهب الصغيرة والتعاقد مع إحدى الأكاديميات العالمية تتبنى هذه المواهب وفق شروط محدده، على أن تضع ضوابط لاختيار هذه المواهب.

وفي الختام.. إنَّ ما دفعنا للكتابة عن هذا الموضوع، هو ذلك الشعور بالإحباط الذي نلمسه من الكثير من الجماهير عن الحال الذي وصلت إليه الكرة العُمانية من تراجع وضعف في النتائج.. لكن يبقى الأمل أن غدًا سيكون أجمل، وسنفرح- بإذن الله- ويبقى منتخبنا الأحمر تجسيدًا لمعاني العشق والجنون لدى الكثيرين من المحبين، رغم بعض الصعاب.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة