◄ من المهم على المستوى الشمولي والاستراتيجي العمل على زيادة نسبة الطبقة الوسطى في المجتمع لأنها ضمانة للاستقرار
خلفان الطوقي
الطبقة الوسطى هي أهم طبقة في المجتمع، ولن يختلف كل العلماء والمنظرين والمتخصصين في ذلك، ليس لأنها مفيدة في الدورة الاقتصادية فقط، إنما تكمن أهميتها في الجانب الاجتماعي والتعليمي والثقافي والإبداعي والإنتاجي وغيرها من مجالات، عليه، فلا بُد من الاهتمام بها تفادياً لانكماشها وتآكلها مع الآيام؛ بل من المهم على المستوى الشمولي والاستراتيجي محاولة زيادة نسبتها، وبحيث تقل نسبة مئوية من الطبقة الدنيا لتكون ضمن الطبقة الوسطى وبذلك تكون أكبر وأوسع، والواجب أيضًا دعم هذه الطبقة أو جزء منها لتنتقل إلى الطبقة العليا أو الأكثر رفاهية وغنى.
بعد هذه المقدمة، ومعرفة أهمية المحافظة على هذه الطبقة، وبسبب قلة المعلومات المتداولة أو الحديث عن هذه الطبقة الأساسية في عُمان، فمن الضروري التعرف على هذه الطبقة عن قرب وعمق، بمعنى تحديد: ما هي؟ وما خصائصها وأهم سلوكياتها؟ وأهميتها في كافة المجالات؟ وما آثار انحسارها؟ وما هي أهم طرق المُحافظة عليها؟ وكيف نزيد منها؟ وما هي الأدوار الحكومية والمجتمعية التي يمكن أن تكون جزءًا من الخطط التنفيذية الشاملة لدعم هذه الطبقة واستدامتها ونموها؟ وغيرها من الأسئلة العلمية العديدة والجوهرية التي تخص هذا الموضوع.
وللأهمية القصوى لهذا الموضوع وخاصة في عُمان، وخاصة في هذا التوقيت، يتعين القيام بدراسة عميقة ومستفيضة، ومن هذا المنطق، فإني اقترح أن تقوم وزارة الاقتصاد بقيادة دفة هذه الدراسة العلمية بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق الحماية الاجتماعية والأكاديمية السلطانية للإدارة وجامعة السلطان قابوس وأي شركاء آخرين حكومين أو مستقلين، على أن تتضمن هذه الدراسة ملحقًا خاصًا يشتمل على خطة تنفيذية لأية مقترحات تطرحها، فلا فائدة من أي دراسة نظرية ما لم تتحول إلى خطة تنفيذية على أرض الواقع.
هذه الدراسة لن تكون مبادرة عابرة، وإنما أثرها باقٍ، وسوف يحدد مصير بلدنا ومواطنيه في قادم الأيام، وماذا يجب علينا القيام به تجاه أهم طبقة في المجتمع وفي جميع الجوانب، فمثل هذه الدراسة العلمية الشاملة سوف توفر معلومات وفيرة وبيانات وأرقام ومؤشرات، يمكن للحكومة من خلالها أن تعيد هيكلة أولوياتها، وأن تنطلق منها لدراسات فرعية أخرى، ومبادرات نوعية لها أثر مستدام، فالآن هو التوقيت المناسب، وإن تأخرنا بعض الوقت، فلا بأس في ذلك، وكما يُقال: أن نبدأ متأخرًا خيرٌ من أن لا نبدأ أبدًا!