التمسك بالخصائص الوطنية

 

محمد بن رامس الرواس

"إن هويتنا الوطنية العُمانية هي درعنا الحصين الذي نتحصن به من الأفكار الضالة التي بدأت تنتشر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لذا وجب علينا كمجتمعات تنافح عن أسرها أن نتمسك بالثوابت الراسخة لقيمنا ومبادئنا الإسلامية والعربية لكي نظل متواصلين مع قيمنا الأصيلة نحمي أسرنا ومجتمعاتنا من كل فكر ضال دخيل يبحث عن بذرة شيطانية يُمكن أن يزرعها"..

 

كانت بحق واحدة من أنجع المحاضرات التي استمعت إليها مؤخرا في شأن الخصائص والآثار التي تدعو إلى التماسك المجتمعي والأسري، كانت محاضرة قيّمة تلك التي ألقاها الشيخ الدكتور كهلان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة، في مجمع السلطان قابوس للثقافة والترفيه بصلالة خلال فعالية "جسور.. عُمان هوية وحضارة" تحت شعار "هويتي" التي أقامتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

ودعوني أشارككم بعض فصولها، فلقد توقفت بتمعن عند مجموعة من المحاور التي طرحها فضيلته كان أولها التعريف بالخصائص المميزة للهوية العُمانية والتعريف بمقوماتها الأساسية: الدين واللغة والخصائص الوطنية ثم تفاعلها من أجل التنمية والتطوير وهذه مقومات أساسية لكل هوية يراد لها البقاء والاستمرار والثبات؛ حيث يأتي الدين أولا؛ لأنه رأس الأمر ثم اللغة التي تعُد وجه الهوية ولسانها الناطق والمعبر عنها والموضح لها. ثم تأتي بعد ذلك الخصائص الوطنية التي تهتم بالتاريخ الذي هو من صنع الإنسان في المكان والزمان الذي وهبه الله للأوطان. يلي ذلك الجغرافيا التي هي صنع الله تعالى للإنسان.

وأكد فضيلته أن الخصائص الوطنية تعنى أيضاً بالقّيم والعادات والأعراف الحسنة النبيلة فإذا اجتمعت جميعها معاً وأضيفت إليها الأخلاق الحميدة وتوجت بحديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "لو أنَّ أهل عُمان أتيت ما سبوك وما ضربوك" وما خصَّ به الرسول أهل عُمان تحديدا بجغرافيتهم وموقعهم وأناسهم وفي الحديث تنويه واضح لأعلى شمائلهم وخصائصهم وصفاتهم وهي إشارة منه عليه أفضل الصلاة والسلام لأن أهل عُمان أهل علم وعفاف وتثبت لذا وجب علينا التعريف بهذه الشمائل ليتعرف عليها أبناؤنا ومجتمعاتنا ومربونا لكي يتم تربية أبنائنا على نفس النهج ونفس الصفات ونفس هذه الصفات المباركة ولكي يتمكنوا من غرس هذه المعاني لدى الناشئة.

ثم أضاف قائلاً إن من الخصائص الوطنية التي تهدف إليها هذه الفعالية التماسك الأسري والتماسك المجتمعي والتماسك الوطني وتتمثل في محورين أساسيين هما الحقوق من القيم الشرعية والأحكام والآداب وكل ما يتعلَّق بالحقوق داخل الأسرة والحقوق المجتمعية بصفة عامة هذا بالإضافة إلى الحقوق التي تكون على المستوى الوطني من خلال ما تناولها العلماء والأدباء حيث لدينا من الإرث الحضاري العُماني ما يعمق هذه الحقوق ويغرسها باستمرار فهي قيم وحقوق وواجبات ثابتة، ومن الواجب علينا أن نُعرف به ونعمل على تنميتها وتزكيتها وتطويرها.

 والمحور الثاني محور الأخلاق والشمائل بمفهومها الشامل منظومة القيم ولقد أشار فضيلته إلى أنَّ القيم في هذا الوقت هذا العصر أصبحت مستهدفة عبر العديد من الوسائل والأدوات التي لا يُمكن صدها لأنها تغزو بيوتنا فتصل إلى عقول وأفئدة أبنائنا ومجتمعاتنا لذا وجب علينا أن نتدارك الوضع ونُقدم البدائل المناسبة الموثوق بها التي تملأ لهم هذا الفراغ وتحصنهم من الماديات التي تقصف بهم بعيدا متى استفحلت.

وقد ختم فضيلته محاضرات القيمة بأهمية تفاعل هذه الخصائص التي ذكرها مع المتغيرات من حولنا وأكد على أن الدين هو مربط الفرس فننبذ ما لا نحتاجه فإننا بعون الله تعالى يمكننا أن نتفاعل مع المتغيرات حولنا وأن نجعل من هذه المتغيرات فرصًا لتعزيز هويتنا الوطنية العُمانية ونشرها لما تنطوي عليه من دين قويم وقيم سمحة ومن لسان صادق ومن معانٍ وطنية تدعو إلى التماسك والعز والحق والعدالة، حينها يمكن لنا أن نتفاعل تفاعلا إيجابياً مع المتغيرات من حولنا فتبقى هويتنا نابضة ثابتة وراسخة مصونة بعون الله وبفضله.