أولى درجات مؤشر الجدارة الاستثمارية ويمثل "بيئة آمنة" تعكس تحسن الاقتصاد

سلطنة عُمان تستعيد أعلى تصنيف جدارة ائتمانية في 7 سنوات.. وتوقعات بفوائض مالية معتدلة بـ1.9%

 

 

الرؤية- مريم البادية

 

نجحت سلطنة عُمان في استعادة تصنيفها الائتماني من وكالة "ستاندرد آند بورز" بعد سبع سنوات؛ حيث رفعت الوكالة في تقريرها الثاني التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان إلى "BBB-" صعودًا من "BB+" مع نظرة مستقبلية مستقرة؛ نتيجة تحسن الأداء المالي للدولة.

ويعد مؤشر التصنيف "BBB-" لدى وكالة ستاندرد آند بورز أولى درجات مؤشر الجدارة الاستثمارية عند تقييم التصنيف الائتماني ويمثل بيئة استثمارية آمنة وهي خطوة تعكس التحسن الملحوظ في أداء الاقتصاد الوطني وإصلاح السياسات المالية. ويفتح التصنيف الجديد الباب أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويشجع القطاع الخاص المحلي على التوسع، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدامة.

وجاء هذا التصنيف نتيجة للإجراءات الإصلاحية الشاملة التي اتخذتها الحكومة ضمن خطط التوازن المالي ورؤية "عُمان 2040"؛ مما يعكس استقرار الاقتصاد العُماني وثقة المؤسسات الدولية في قدرة السلطنة على الوفاء بالتزاماتها المالية.

واتخذت سلطنة عُمان العديد من الإجراءات للوصول إلى هذا الإنجاز، منها تنفيذ خطة التوازن المالي (2020- 2024)؛ حيث اعتمدت السلطنة خطة التوازن المالي بهدف تقليل العجز المالي وتنويع مصادر الإيرادات، وشملت هذه الخطة إصلاحات جوهرية في الإنفاق الحكومي، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الدخل على الشركات، مما ساهم في زيادة الإيرادات غير النفطية وتحسين كفاءة الإنفاق. وعملت السلطنة على تنويع مصادر الدخل الوطني؛ وذلك من خلال تعزيز قطاعات اقتصادية أخرى، مثل السياحة، والصناعة، والتعدين، والزراعة؛ مما ساهم في تقليل الاعتماد على النفط والغاز كمصدر أساسي للدخل. إضافة إلى خفض الدين العام؛ حيث سعت السلطنة إلى تقليل حجم الدين العام من خلال سداد جزء من الديون القائمة وإعادة هيكلة بعضها بأسعار فائدة وشروط أفضل، مما أدى إلى تخفيف الأعباء المالية وتحسين الاستدامة المالية. إلى جانب تحسين بيئة الأعمال من خلال إطلاق حزمة من البرامج لتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات الاستثمارية، وتقديم الحوافز للمستثمرين؛ ما أدى إلى زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد وتعزيز التنافسية. وكذلك تعزيز الإدارة المالية؛ حيث تبنت الحكومة سياسات لتعزيز الإدارة المالية، من خلال تطبيق معايير الشفافية والمساءلة، مما أدى إلى تحسين الكفاءة في إدارة الموارد المالية وزيادة الثقة في المؤسسات الحكومية.

وأشار معالي سلطان بن سالم الحبسي وزير المالية إلى أن تقرير وكالة “ستاندرد آند بورز” برفع الجدارة الائتمانية لسلطنة عُمان يؤكد أن الحكومة ماضية في طريقها نحو تحقيق الأهداف الوطنية لإعادة التوازن المالي والوصول إلى الاستدامة المالية، وأن هذا التصنيف يعزز الثقة في متانة الاقتصاد وقدرته على النمو والتوسع الاقتصادي مصحوبًا بالنتائج الايجابية للإجراءات المالية التي تم إقرارها على مدى السنوات الماضية، من بينها إصدار قانون الدين العام الذي أسهم في رفع الثقة بمنهجية عمل وزارة المالية وقواعد حوكمة الشركات الحكومية، إضافة إلى تحسين البيئة الاستثمارية.

وثمّن سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد التوجيهات السامية التي قادت سلطنة عُمان لما حققته من تحول كبير في وضعها المالي وتقوية المركز المالي للدولة والتراجع الحاد في حجم الدين العام ونسبته من إجمالي الناتج المحلي، بفضل الرؤية الحكيمة بأهمية تسريع الوصول للاستدامة المالية كممكِّن لتحقيق مستهدفات وأولويات رؤية "عُمان 2040"، وتوجيه الجانب الأكبر من عائدات النفط الإضافية لسداد الدين العام، وما تبنته وزارة المالية من توجهات واستراتيجيات ناجعة في إدارة الالتزامات المالية والمحفظة الإقراضية واستباقية سداد بعض القروض واستبدال بعض القروض ذات الكلفة المرتفعة بقروض أقل كلفة؛ مما أسفر عن تحقيق وفورات مستقبلية كبيرة في كلفة أعباء الدين العام، وتراجع حجم الدين الذي قد بلغ ذروة ارتفاعه في عام 2020، وانخفض إلى 15.3 مليار ريال عُماني أو ما نسبته 36.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وواصل التراجع إلى 14.4 مليار ريال عُماني في نهاية النصف الأول من عام 2024، وهو قرب الحدود الآمنة التي تحد من مخاطر الدين، كما تتوقع وكالة ستاندرد آند بورز في تقريرها الأخير أن يتواصل تراجع نسبة الدين من الناتج المحلي لتبلغ 29 بالمائة في عام 2027.

وذكر سعادته أن الاستقرار المالي والتحسن الملموس في التصنيف الائتماني يقدمان دعمًا للمضي في تحقيق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية لسلطنة عُمان بما يتماشى مع تنفيذ رؤية "عُمان 2040" وأهداف الخطة الخمسية العاشرة؛ وهو ما حقق العديد من النتائج الإيجابية للدولة والمواطن، منها تعزيز الجاذبية الاستثمارية لسلطنة عُمان وارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة والثقة المتزايدة تجاه آفاق التنويع الاقتصادي في سلطنة عُمان والذي يشهد توسعًا مستمرًا، كما تقدمت سلطنة عُمان بشكل كبير في تحقيق مستهدفاتها الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين ورفع جودة الخدمات الأساسية، وحجم المساهمات التي يتم توجيهها من خلال الميزانية العامة للدولة لتخفيف الأعباء عن المواطن، مثل دعم الوقود والكهرباء والمياه والنقل والسلع الغذائية، وعززت سلطنة عُمان الإنفاق الإنمائي من خلال مخصصات المشروعات ذات الأثر التنموي ودعم تنفيذ برنامج تنمية المحافظات، وتنفيذ برنامج تسهيل وتسريع الحصول على القروض الإسكانية، وركزت جهودها لدعم التنمية المستدامة بتطبيق منظومة الحماية الاجتماعية، مما يعزز التقدم المتواصل في أولويات ومستهدفات محور الإنسان والمجتمع ضمن رؤية "عُمان 2040".

وتتوقع الوكالة أن تحقق الميزانية العامة للدولة فوائض مالية معتدلة بنسبة 1.9% خلال الفترة 2024-2027، على افتراض أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 80 دولارا أمريكيا للبرميل خلال الفترة 2025-2027م، والذي من شأنه أن يسمح للحكومة بمواصلة خفض مستوى الدين العام وبناء الاحتياطيات المالية. كما توقعت الوكالة بأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (بالأسعار الثابتة) بنحو 2% سنويًا في المتوسط خلال الفترة 2024-2027، وسيؤدي ارتفاع متوسط الإنتاج النفطي حتى عام 2027 إلى استمرار تحفيز نمو القطاع غير النفطي بنحو 2% سنويًا.

كما توقعت الوكالة بأن يسجل الحساب الجاري فوائض المالية في المتوسط بنسبة 1.2% من الناتج المحلي الاجمالي خلال الفترة 2024-2027. وأوضحت الوكالة بأن سلطنة عُمان ملتزمة بخفض إجمالي الدين العام؛ حيث تتوقع الوكالة أن يصل إلى معدل 29% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2027. وفي الوقت نفسه، تشير الوكالة إلى أن متوسط حجم الأصول النقدية السائلة ستبقى عند معدل 36% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2024.

كما أشارت الوكالة في تقريرها إلى أنه من المتوقع أن يظل التضخم معتدلًا، بمتوسط نحو 1.4% سنويًا خلال الفترة 2024-2027.

تعليق عبر الفيس بوك