رؤية "عُمان 2040".. عمل وإنجاز

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

رؤية "عُمان 2040" التي شارك في وضعها المُجتمع وصاغها شباب الوطن لتكون خارطة الطريق لمُستقبل الأجيال القادمة هي سبيلنا لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي التي ننشدها، وعلينا أن نُؤمن بها حتى نتمكن من تحقيق أهدافها، ويجب علينا أن ندرك أن التحديات التي سوف نواجهها كثيرة ومتعددة وأن الطريق ليس مفروشًا بالورود كما يظن البعض، بل إن المعاناة حتمية ولابد من الاستعداد لكل ذلك، علينا أن نتوقع المعيقات والسلبيات والتحديات التي سوف نجدها من أجل بلوغ الغايات.

هذه المقدمة مهمة للغاية حتى لا يظنّ الكثيرون أنَّ طريق النجاح سالك وأن جودة التخطيط هي فقط ما يضمن النجاح، الأمر ليس كما نراه والسبب بسيط للغاية، ويتمثل في كون المتغيرات كثيرة وصعبة التحكم لتنوعها وتغير الزمان والظروف المحيطة وتأثير العوامل الخارجية وخاصة تلك المرتبطة بالحالة الجيوسياسية التي تعد المؤثر الرئيسي في الاستراتيجيات المستقبلية، وهناك العديد من النماذج التي يمكن دراستها وتحليلها بشكل دقيق واستخلاص كل ما ذكر سابقًا منها.

ونحن على أعتاب انقضاء الربع الأول من رؤية "عُمان 2040" ومع نهاية الخطة الخمسية العاشرة وعلى أعتاب الخطة الخمسية الحادية عشرة ومع نشر وحدة متابعة تنفيذ الرؤية لتقرير المجتمع السنوي حري بنا أن نُقيم ما تم إنجازه وما تحقق على أرض الواقع من خطط واستراتيجيات، والأمر ليس بالصعب؛ بل إنه في غاية البساطة في ظل الشفافية التي انتهجتها الحكومة في هذا الإطار، حيث دليل البرامج والخطط الاستراتيجية منشور ومتوفر على موقع وزارة الاقتصاد وحيث وثيقة الرؤية متاحة على موقع وحدة متابعة تنفيذ الرؤية وبها مؤشرات قياس الأداء التي اعتمدتها الرؤية ويمكن الاطلاع على نتائج المؤشرات العالمية في مواقعها.

وشخصيًا أتابع وبشكل مستمر هذه القراءات وأطالع التقرير السنوي الذي تنشره وحدة متابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040" من باب متابعة ما يدور ومعرفة الوضع الراهن وما يتم إنجازه من الخطط. هذه المتابعة ساعدتني شخصيًا في فهم التحديات التي تواجه تحقيق بعض المستهدفات وما يؤثر على الخطط الاستراتيجية من عوامل خاصة تلك المتعلقة بمعايير ترتبط بتقارير المنظمات الدولية وما ترصده من مؤشرات قد تكون ذات تأثير على تصنيف الدول، وما يلفت النظر هو دقة متابعة الوحدة لهذه التحديات وتوقعها ووضع الحلول لها قبل أن تتسبب في تدني مستوى الرصد والتأثير على التصنيف.

ومن خلال التقرير السنوي الثالث الذي نشرته الوحدة، لفتت بعض المؤشرات النظر إلى تحقيق مستهدفات الرؤية في منتصفها أي في عام 2030، على سبيل المثال مؤشر تنمية الشباب الذي حققت فيه سلطنة عُمان قفزة كبيرة باحتلال المركز 33 عالميًا؛ حيث كان المستهدف في 2030 أن تكون ضمن أفضل 40 دولة، وهذا الإنجاز مهم للغاية ويمكن من خلاله البناء على تحسين المستهدفات ومضاعفتها، كذلك بعض المؤشرات اقتربت كثيرًا من المستهدف في 2030 مثل مؤشر الأداء البيئي الذي حققت فيه سلطنة عُمان المركز 53 عالميًا وما يفصلها فقط 13 مركزاً عن المستهدف في منتصف الخطة، ومؤشر الابتكار الذي احتلت فيه المركز 69 بفارق 19 مركزا عن المستهدف، وهو ما يُمكن تحقيقه خلال عام أو عامين على أبعد حد إن تواصل العمل بنفس المستوى.

وعندما نتتبع مؤشر التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية ونقارن تصنيف سلطنة عُمان عند بداية الخطة الخمسية ونهايتها ندرك حجم العمل الذي أنجز في هذا الجانب فمن نظرة سلبية إلى نظرة إيجابية (BB+) ندرك أن خطة التوازن المالي التي أقرتها الحكومة بتوجيه من المقام السامي لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وخطة التنويع الاقتصادي قد آتتا ثمارهما، وذلك بفضلٍ من الله وبتكاتف أبناء هذا الشعب الوفي الذي يعد الركن الأساسي في ما حققته الرؤية إلى هذه اللحظة، مع طموح بأن يستمر العطاء حتى تأتي السنوات السمان التي تُحل فيها بعض الملفات العالقة بإذن الله تعالى.

تعليق عبر الفيس بوك