الطيبون يرحلون بذكرى طيبة

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

"يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي".. صدق الله العظيم.

ببالغ الحزن وجليل الأسى تلقينا مساء الأحد الماضي نبأ وفاة المستشار عبدالعزيز بن محمد الرواس، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالعطاء، والعمل الصادق والجاد، في خدمة عُمان وأهلها وسلطانها.

في سطوري هذه أنعي إنساناً عرفته مختلفًا عن كثيرين من الناس والمسؤولين في كل شيء، عرفته بفطرته رجلا طيبا شهما خلوقا، ووطنيا من الطراز الأول، وغيورا على عُمان وأهلها محباً لها ولسلطانها. الراحل عبدالعزيز الرواس، كان مدرسة في الأخلاق وفي التواضع وفي الإنسانية وفي بحور الثقافة والعلم والآداب والمعارف. لقد عرفت هذا الرجل منذ أن كان وزيرًا للإعلام، وعندما بدأت أخطو أولى خطواتي في العمل الإعلامي، وعضوا في النادي الجامعي سابقاً والنادي الثقافي حالياً في تسعينيات القرن الماضي. عرفته في تسعينيات القرن الماضي عندما بدأت الكتابة في جريدة عُمان وجريدة الوطن ومن ثم مروري على جريدة الشبيبة وعملي بها محررًا صحفيًا. عرفت هذا الرجل عندما تكون محتاجًا إلى شخصية بحجم عبدالعزيز الرواس لتستنير منه رشدا وتوجيها وعلما، عرفته عندما يراك في الميدان أو في مناسبة ما لتغطية حدث ما، فإنه يرمقك بنظرات المحب لك والسعيد بك والفَرِح بوجودك، فهو لم يكن يبخل عليك بشيء أبداً حتى ابتسامته فيها سر وإلهام لك، ناهيك عن بشاشته وروعة استقباله ومحياه.

عبدالعزيز الرواس كان يقرأ إنتاجك وغزارة أفكارك وما خططته يداك قبل أن تبوح له، كان يستمع إليك أن أردت أحداً من المسؤولين يستمع إليك، وكان ينصت إليك إذا أردت من ينصت إليك وهو معني بالإعلام والثقافة.

الراحل الكبير كان يمنحك القوة والعزيمة والرشد حينما تكون محتاجاً لهم فعلياً، وكان- رحمه الله تعالى- يبسط إليك الأمور في هيئة خارطة طريق لتسير عليها ببصيرة ووعي وفهم.

عبد العزيز الرواس كان علمًا من أعلام السلطنة في حبه للجميع، كان ملاذا للصحفي المتجدد والإعلامي الطموح والكاتب الشغوف. كان أبًا للجميع ويتعامل معك وكانك ابنه، لقد جعل وزارة الإعلام في عهده، بيتاً لكل من يطرق بابه ممن يُريد محلا فيها وبينها، كان مُرحِّبا بك في مكتبه وبيته وكان يكرم ضيفه، وسخي معه ومع من يطلب منه سندا وعوناً ورأياً ودعماً ونصيحة وتوجيهًا.

عبدالعزيز الرواس- تغمده الله بواسع رحمته- كان سخيا في تعامله وفي عطائه وفي توجيهه وفي أبوته وفي حنيته وشهامته وعُمانيته وخيره، كان يرى أي كاتب مشروعًا وطنيًا لديه الكثير وأمامه مستقبل مشرق. لقد تشرفت بلقائه مرات عديدة منها عندما كان وزيرا للإعلام، وبعدها عندما كان مستشارا لجلالة السلطان للشؤون الثقافية. كان- رحمة الله عليه- مدرسة في ذاته، وحتى في بيته كان يستقبلك برحابة صدر وابتسامة جميلة، وكان يكرم ويُعطي عطاء من لا يخشى الفقر والفاقة، كان يقرأ لك وتتعلم منه لك، وكان يقول امضِ في طريقك، فوزارة الإعلام معك، داعمة لك، ووُجدت لكم ولأي مواطن يطلب منها خدمة.

لا أستطيع في هذه السطور أن أحصي فضل وكرم الراحل عبدالعزيز الرواس الذي رحل عن دنيانا بعد حياة طيبة مليئة بالخير ومساندة الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، فالله نسأل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

تعليق عبر الفيس بوك