الزواج من الأجانب.. ما له وما عليه

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي

 

الزواج سنة الله في أرضه، فهو وقاء للنفس وعفة عن المعاصي وأساس تكوين أسرة صالحة بإذن الله، ومع صدور قوانين لا تمنع العُمانيين من الزواج من الأجانب، انطلق عدد من المواطنين إلى الخارج وتزوجوا من دول عدة، دون النظر في عواقب الأمور قبل النظر في إيجابياتها؛ فظهرت الكثير من النتائج السلبية، التي أتمنى أن ينتبه لها المُقدِم على الزواج من الخارج بعدما خاض عددٌ منهم التجربة بنجاحها وفشلها، وكذلك تزوج عدد من المواطنات من جنسيات متعددة وخضن تجارب قاسية، كانت نتيجتها فقدان أهلها وعائلتها.

ويتناقل أبناء المجتمع عددًا من إيجابيات الزواج من الأجانب، جنبًا إلى جنب مع نهايات غير سعيدة في أحيان كثيرة.

وعندما نبدأ بالجوانب الإيجابية، فمن إيجابيات الزواج من الخارج التسهيل في المهور وكلفة الزواج وتغيير نمط البيئات التي يقبل المواطن على الزواج منها حسب فهمه، بعدما صعُّب عليه الزواج من داخل الوطن لشروط الزواج المُكلفة والخيالية في بعض الأحيان والهروب من المتطلبات الكبيرة للزواج.

لكن هناك سلبيات كثيرة تعاظمت خلال هذه الأيام بعد السماح بالزواج من الأجانب، وقد بدأت تظهر وتُثقل كاهل عدد من أفراد المجتمع المتمسك بعاداته وتقاليده ومبادئه وأخلاقه العالية وترابطه وتآخيه في المصاهرة بينه وبين إخوانه، ومن خصائص البيئة العمانية الأصيلة وخصوصيتها التي يعترف بها الجميع من نبل الأخلاق ودماثتها إلى علاقات التقدير والاحترام التي نفخر بها؛ فلم تختلط سلطنة عُمان بمجتمعات تأثرت كثيرًا بمد التحضر المفرط والعادات الدخيلة على أبناء هذا الوطن وأهله.

إنَّ حماية أبناء وبنات هذا الوطن من هذا المخاطر الاجتماعية ضرورة حتمية، فما نراه اليوم ونسمعه من قصص الزواج من الخارج صعب المراس. وأسوق أمثلة على ما يحدث اليوم فمعظم الزيجات لأشخاص مُعددين تخلوا عن زوجاتهم السابقات، مقابل الاستمتاع بزواج جديد، فضاعت الأسر والأموال من تلك الزيجات التي شابتها نزوات عابرة، ومن شباب في مقتبل العمر، لم يدرسوا سلبيات الزواج من الخارج، فزج نفسه في أتون بيئات اجتماعية غير مناسبة له ولأهله، وكذلك زواج الشابات العمانيات اللاتي وقعن في مصيدة جنسيات متعددة بهدف الزواج، وخاصة الموظفات، فعترضن للاحتيال المالي، وقد ترفض عائلاتهن الزواج ويحدث تمزق في رباط العائلة بعد طلاقها. وغيرها من الأحداث التي تقع من وراء مثل هذه الزيجات غير المتكافئة اجتماعيًا لفروق عادات وتقاليد وأخلاقيات المجتمعات الأخرى مع تقاليد المجتمع العماني الأصيل.

ما يحدث من شروط تُفرض في الزواج من الخارج استغرب منها؛ حيث لا يأبه بها الشباب المقبل على الزواج من الخارج في بداية الأمر؛ إذ إنَّ معظم الزيجات لا تستمر والمجتمع على علم بذلك، مثل شرط المؤخر الغالي وشرط النفقة لأهلها واستثمار الزوجة في فترة الزواج لكل ما تحصل عليه من مال في ادخاره وغيرها كثير من الأمور.

إن الزواج من الخارج أوجد كسادًا في الرغبة في الزواج من الداخل، فهناك بنات لسن أقل جمالًا ولا حسبًا ولا نسبًا ولا تعليمًا ولا خُلقًا عن بنات الخارج، لكن لا يجدن من يتقدم لهن، ربما فقط غلاء المهور وتكاليف الزواج المرتفعة تدفع الشباب لعدم الارتباط بهن، في حين أن الشاب عند زواجه من الخارج يقع في تبعات مالية كبيرة من حيث لا يدري!

إنَّ الحل الأمثل والسليم يكمن في تكاتف أبناء المجتمع والتوعية بسلبيات الزواج من الخارج وتأثيراتها المستقبلية على المجتمع.

ونطالب بشدة أن يتكاتف أبناء المجتمع من أجل خفض المهور وتكاليف الزواج وتسهيل زواج بنات الوطن، وكذلك توفير الوظائف وإيجاد وظائف ذات دخل جيد للمواطنين لتسهيل سبل حياتهم، وإنشاء صناديق للزواج تدعم وتسهل الزواج بين العُمانيين، مع ضرورة بث الوعي المجتمعي بين المواطنين تجاه الزواج من الخارج.

وأخيرًا.. أتمنى أن تكون هذه الإضاءة سبيلًا لإيجاد حلول جذرية من جانب مختلف مكوّنات المجتمع من مؤسسات وأفراد، للحد من الزواج من الخارج، والحفاظ على البنية الديموغرافية لمجتمعنا.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وأدام عليهم نعمه ظاهرها وباطنها، وحماهم من كل الشرور وعواقب الأمور.