هل يمكن للكتابة أن تغير العالم؟

 

 

محمد أنور البلوشي

الكتابة يُمكن أن تغير العالم وهذا يمكن أن يكون الجواب البسيط.. هل ستتغير إلى الأفضل أو الأسوأ؟ هذه مرحلة مختلفة. بشكل فكري وفهمي، لا يوجد خير أو شر، "هي فقط كما هي"، قد يكون الأمر جيدًا بالنسبة لـ"أ"، ولكن ليس بالضرورة أن يكون جيدًا بالنسبة لـ"ب"، عندما يتعلق الأمر بالكتابة.

مُعظم التغييرات التي حدثت حتى الآن في العالم جاءت من خلال الكتابات. الكتابة هي التي تغير عقل الإنسان العادي. الكتابة هي التي تأخذ الشخص من اتجاه إلى آخر. الكتابة هي التي إما تزعج الشخص أو ترضيه.

قد تكون أسباب الكتابة مختلفة من كاتب لآخر. "لماذا أكتب" هو أحد مقالات جورج أورويل لعام 1946، حيث قال: "أكتب لأغراض سياسية". أراد أن يقود القرَّاء في اتجاه مختلف من خلال كتاباته السياسية وكان هذا هو دافعه للكتابة. وقد قيل بحق أنه إذا كنت من محبي الكتابة، فيجب أن تعرف قوتها.

هل هي "الأفكار" أم "الكلمات" التي يجب على الكتاب إدراجها في كتاباتهم؟ يقترح البعض أن الكتاب يجب أن يلعبوا بالكلمات ويشركوا القراء، بينما يقترح آخرون أنه يجب أن تكون هناك بعض الأفكار العظيمة في كتاباتهم حيث يجب أن يبدأ القراء في التفكير والتغيير.

إذا لم تستطع الكتابة تغيير العالم بالكامل؛ فإنها على الأقل تغير عقل شخص ما وتفكيره. قراءة أحد مقالات ل "جاستن هارمون" على الإنترنت؛ حيث يقول: "بالنسبة لي، الكتابة غيرت عالمي تمامًا. لقد غيرت الطريقة التي أرى بها نفسي وكيف أتفاعل مع الآخرين. سمحت لي الكتابة بأن أجد ما أنا شغوف به حقًا".

قد يكون صحيحًا أن بعض القراء يشعرون بأنهم مع الكتاب عندما يكتبون عن النساء، عن اللاجئين اليائسين، عن الأطفال، عن الرجال العطشى اليائسين الذين يعانون بشكل أساسي.

الكتابة هي كلها عن التغيير؛ سواء كان تغيير العالم أو تغيير النفس. هناك نقطة رائعة أو حكمة حيث قال المهاتما غاندي: "يجب أن تكون التغيير الذي تريد أن تراه في العالم". وهذا يشير إلى أنه بمجرد حدوث التغيير، إما أن ترى العالم بعيون مختلفة أو أن العالم كله يراك بشكل مختلف. لذا، يمكن للكتابة أن تغير.

عندما نُشر كتاب "الأب الغني، الأب الفقير" لـ"روبرت كيوساكي"، غير طريقة التفكير لدى العديد من رواد الأعمال، خاصةً الطريقة التي يقومون بها بالأعمال وكسب المال. ليس هذا فحسب، بل أعطى هذا الكتاب أفكارًا جديدة حول التعليم، حول كيفية تعليم الأطفال الأمور المالية.

وكقارئ، قادني إلى تفكير عميق بعد قراءة عبارة تقول: "غير راضية، باردة، شهوانية، مهووسة، سحاقية، مئة مرة مُجهضة، كنت كل شيء، حتى أم غير متزوجة"، لـ"سيمون دي بوفوار" كرد فعل على الجزء الثاني من كتابها "الجنس الآخر".

لقد طرحت "سيمون دي بوفوار" سؤالًا مهمًّا لكل قارئ، ما معنى أن تكون امرأة؟ على الرغم من أن كتاب "الجنس الآخر" نُشر في العام 1949، إلا أنه لا يزال صالحًا حتى اليوم. يتحدث عن النساء، حريتهن، حقوقهن ومعاناتهن.

وبعد قراءة المزيد عن هذا الكتاب "الجنس الآخر"، وجدت معلومات أنه باع 22,000 نسخة في أسبوعه الأول في باريس في عام 1949، وترجمته الإنجليزية كانت من أكثر الكتب مبيعًا فورًا في أمريكا.

الكتابة تقود الكاتب إلى مزيد من البحث والقراءة عن أي شيء. تقود القلم والأصابع إلى عدم الاستراحة. في بعض الأحيان، يتساءل المرء، هل هو القلم الذي يقود عقل الكاتب أم عقل الكاتب الذي يحرك الأصابع بالقلم للكتابة من أجل التغيير.

وماذا نفهم من الآية الكريمة: "ن، والقلم وما يسطرون"؟ كقارئ للقرآن يجب علينا الفهم التام لمثل هذه الآيات فلسفيًّا وعلميًّا وفكريًّا واجتماعيًّا ودينيًّا وأدبيًّا، لكي نعلم ماذا يسطر القلم في الصفحات البيضاء في تغيير العالم إلى الأفضل.

تعليق عبر الفيس بوك