مدرين المكتومية
لطالما عُرِفت بلادنا بأنَّها بلاد الأمن والأمان، لأنها تربي أبناءها على التسامح وتقبل الآخر؛ فالجميع على أرض عُمان الحبيبة ينعمون بالحياة المُستقرة التي لا يشوبها ما يُكدِّر صفوها من تعصب ديني أو طائفي، كما أنَّ سياستها الخارجية ترتكز على تعزيز دعائم السلام والأمن الدوليين واحترام المواثيق والأعراف الدولية وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
وعلى مرِّ التاريخ، تقف عُمان دائمًا ضد الإرهاب والتطرف إيمانًا بأنَّ المجتمعات لا تُبنى إلا بالفكر الوسطي المعتدل الذي يتضمن تقبل الآخر بعيدا عن دينه أو معتقده، وهو ما جعل بلادنا تحتل المركز الرابع عالمياً كأكثر الدول أمانًا، والمركز الخامس في الخلو من الجريمة عالميًّا حسب المؤشر السنوي لقاعدة البيانات العالمية "نامبيو" لعام 2023.
وأُريد أن أقول وبكل فخر، إننا تسيَّدنا العالم بأخلاقنا التي يعرفها القاصي والداني، وبقيمنا وأعرافنا وتقاليدنا المجتمعية وحسن ضيافتنا للقادمين إلينا، وهو ما يجعلنا محط احترام دول العالم، وجعل بلادنا تقوم بأدوار محورية في فض النزاعات الإقليمية والدولية اتساقًا مع رسالتها في نشر السلام في ربوع العالم.
وإذا ما تحدثنا عن الإرهاب والتطرف؛ فلابد أن نستشهد بما قاله السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في خطابه خلال الاحتفال بالعيد الوطني الرابع والعشرين المجيد بمدينة نزوى: "إنَّ التطرف مهما كانت مُسمياته، والتعصب مهما كانت أشكاله، والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته، نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العُمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيباً، ولا تقبل أبداً أن تُلقى فيها بذور الفرقة والشقاق".
نعم إنَّ عُمان تربة طيبة لا تنبت إلا طيبًا، وستظل كذلك -إن شاء الله- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وسنظل متمسكين بأخلاقنا وأعرافنا ومبادئنا التي تربينا عليها صغارا ونربي عليها أبناءنا، وسنظل مصطفين خلف قيادتنا الحكيمة للحفاظ والدفاع عن تراب الوطن الذي نعشقه ونبذل الغالي والنفيس لأجله، وواجبنا اليوم وغدا وحتى نموت أن نحافظ على نسيج مجتمعنا المتماسك وألا ندع مجالا لأصحاب النفوس الضعيفة لكي يزرعوا الحقد والفرقة بيننا وأن نكون حرّاساً أمناء لهذه البلاد الطيبة. فلا نامت أعين الجبناء.
وأخيرا أقول.. إنَّ تجربة عمان في الحفاظ على الاستقرار المذهبي طوال تاريخها هي تجربة تدرّس وتجربة مهمة في ظل إتاحة المجال العام لحرية الرأي والتعبير للجميع في حدود المسؤولية الوطنية، ولقد أسهم هذا الاستقرار على مدار عقود في تحقيق التنمية والازدهار وتحقيق العدل والنمو، نابذة كل أشكال العنف والتطرف أملاً في عالم أكثر أمانا واستقرارا، وسوف نسير على هذا النهج الأصيل ولن يحيدنا عنه أي أحد أو أي أحداث لأننا نؤمن أنَّ العنف والتطرف لا يولد إلا مزيدا من العنف والإرهاب، وسنبقى نحن العمانيين متمسكون بحبل الله المتين وهو الاعتصام والوحدة والتعاون والتآلف.