التفاعل المُعقَّد بين الأدب والعلم والنظام الرأسمالي

 

محمد أنور البلوشي

أين الأدب واللغة والثقافة والعادات في العالم المعاصر، في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وفي ظل النظام الرأسمالي؟ أيهم يحتل المرتبة الأولى: الأدب أم العلم أم النظام الرأسمالي في السباق إلى النهاية؟ من يفوز ومن يخسر؟ وهل هناك أي منافسة شريفة؟ وهل ينبغي المنافسة؟ ولماذا المنافسة؟

ربما لا أستطيع الإجابة على هذه الأسئلة، لكن يمكننا مناقشتها والتفكير في الإجابات والاختيارات الصحيحة بعد تحليل أدبي وعلمي يخدم أكرم المخلوقات "بني آدم" كما ذكر في القرآن الكريم.

كلما أتحدث عن النقاشات، أشعر كأنني جالس على مقعد في إحدى صفوف الفيلسوف اليوناني "سقراط"، الذي كان يشجع طلابه دائمًا على النقاشات والأفكار ليجدوا الجواب من خلال النقاشات الإيجابية.

وجدت في النقاشات الأدبية والعلمية أن هناك دائمًا مسارات واتجاهات مختلفة كأنهما ضد بعضهما البعض. في إحدى المؤتمرات التي حضرتها، كنت أستمع إلى أحد الرؤساء التنفيذيين يتحدث بشخصية فاخرة ويقول إن الفيلسوف يعرف كيف يتفلسف ويثرثر لكنه لم ينتج شيئًا.

استنتجت من كلامه أنه يقلل من قيمة الفيلسوف ويعطي نفسه والعالم المادي أكثر قيمة وشرفًا.

قد يكون هذا الرئيس التنفيذي على حق من وجهة نظر الاقتصاديين والرأسماليين، لأن المال أصبح المحرك الأساسي في حياة البشر. ولكن هل تناولت البحوث الاقتصادية الحديثة الأدب والفلسفة؟ لا أعتقد ذلك. وهل يتحدث الفيلسوف بنفس طريقة الحديث الاقتصادي أو العلمي؟ لا أعتقد.

الفيلسوف والأديب والشاعر لا يتشاركون نفس فكرة الإنسان الرأسمالي. لا أقول إنهم ضد المال والاقتصاد، بل إنهم ضد الفساد والطمع والنظام الرأسمالي المتوحش.

أين تجد نفسك بعد قراءة أمير شعراء العرب أحمد شوقي أو الشاعر امرؤ القيس أو العالم المسلم في الرياضيات الخوارزمي؟ وأين تجد نفسك بعد قراءة الأديب العربي جبران خليل جبران أو العالم الاقتصادي كارل ماركس؟ وأين تجد نفسك بعد قراءة الكاتب والفيلسوف والروائي العبثي ألبير كامو ومعادلة الجاذبية الأرضية لإسحاق نيوتن؟

ستواجه صعوبات في موازنة النفس والعقل ومسارات الحياة، وستجد العديد من الاختلافات في مفاهيم وتعريفات الحياة ومتطلباتها.

ناقش جون بول سارتر- الذي يمتلك باعًا طويلًا في الأدب والفلسفة معًا- مفهومه للعمل الأدبي في طرح فكري فلسفي صار فيما بعد واحدًا من أهم الأطروحات التي تناولت ماهية العمل الأدبي، وصارت قبلة الشباب الحالم في أوروبا. فكرة سارتر تقوم على أن الأديب يجب أن يكون ملتزمًا تجاه قضية ما يعبر عنها ويجسدها في أعماله الفنية والأدبية، بينما كان نقاده يرون أن الأديب يجب أن يتحرر من أي التزامات ليحتفظ بالحرية الأدبية والفنية.

ويتناول المقال "الأدب والعلم والنظام الرأسمالي" العلاقة المعقدة والمتشابكة بين الأدب، والعلم، والنظام الرأسمالي. يستعرض كيف يمكن للأدب أن يعبر عن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يحدثها النظام الرأسمالي، حيث يعكس الأدب التوترات والصراعات الاجتماعية الناتجة عن هذا النظام.

الأدب لا يوثق فقط الوقائع، بل يسهم في تشكيل الوعي الاجتماعي ويقدم نقدًا ثقافيًا للمجتمع الرأسمالي.

من الناحية العلمية، نستعرض كيف أن التقدم العلمي والتكنولوجي يدعم الابتكار والنمو الاقتصادي، مما يعزز من قوة الرأسمالية.

العلم والتكنولوجيا يصبحان أدوات لتحقيق الربح وزيادة الإنتاجية، ولكن ذلك يأتي أحيانًا على حساب القيم الإنسانية والبيئية.

النظام الرأسمالي يعتمد على الديناميكية بين الأدب والعلم لتحقيق توازنه واستمراريته. الأدب يوفر البعد النقدي والتأملي، في حين يوفر العلم البعد التطبيقي والابتكاري.

في خلاصة هذا المقال، نستطيع القول إن التفاعل بين هذه المجالات الثلاثة يمكن أن يقدم رؤى جديدة لتحقيق توازن أكثر عدالة واستدامة في المجتمع، مشددًا على أهمية النقد الأدبي والوعي العلمي في فهم وتوجيه مسار النظام الرأسمالي.

تعليق عبر الفيس بوك